الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

المعركة الخفية

نشر بتاريخ: 30/11/2017 ( آخر تحديث: 30/11/2017 الساعة: 09:20 )

الكاتب: أسامه منصور (أبو عرب)

يستمر الإحتلال بسياساته العنصرية القائمة على مخططات تمتد لأكثر من قرن من الزمان .. في اغتصاب كل ما يتعلق بما هو فلسطيني ..
أعوام من الصراع .. ما زالت وستستمر .. وفي معرض تحليل بسيط .. تختلط فيه المسائل في ظل الاختلافات المستمرة في الولاءات والكينونات والكيانات والأجندات والممالك والمماليك والإمبراطوريات تظل فلسطين هي الحكاية الأكثر صدقاً .. ويظل شعبها العظيم .. هو الشعب الذي يدفع الفاتورة الأكثر غلاءً في تاريخ الشعوب على امتداد القرون.
يُتقن هذا الإحتلال القائم على الإجرام .. تمثيل دور الساعي للسلام .. وأنه الضحية .. فيما ينتقل رويداً رويداً من مرحلة لمرحلة في سبيل السيطرة والتَّملُّك والإستعباد والإغتصاب في هذه الأرض المغتصبة من قبل عصابات المجرمين الذين يسعون لجعل ديانة البعض أنهم شعب .. وهذا يُخالف كل ما له علاقة بالقيم والأخلاق والإنسانية ... الإنسانية التي تُعْلِن براءتها النهائية من الممارسات الإحتلالية ضد كل فلسطيني.
يستمر مسلسل النهب للخيرات والأرض الذي يوازيه مسلسل التهجير باساليبه المختلفة ومن يظن ان جدار الإجرام العنصري الذي تم إقامته يعني أن الأراضي التي تقع خارجه سيعترف بها الاحتلال للفلسطينيين فهو واهم .. كما يستمر مسلسل القتل للأبرياء والعزل ضمن تعليمات ثابتة تستهدف اراقة الدم الفلسطيني وكذلك دب الرعب والخوف والهلع في نفوس الفلسطينيين .. وتتواصل عمليات الأسر وزج هؤلاء الأسرى في ظروف تستهدف كسر عزيمتهم .. ويمكن للمتتبعين أن يلاحظوا أنه خلال الاعوام القريبة الماضية وجّه هذا الإحتلال جهوده لأسْر فئة الشباب من سن 18 إلى 25 عاماً أكثر أو أقل .. الأمر الذي يجب التوقف عنده وتقليبه وتفحصه .. فهو أمر جلل ذو ابعاد مهمة وخطيرة.
معركة طاحنة تدور رحاها مؤخراً بشكل غير مُعْلن .. يقوم من خلالها الإحتلال بقتل كل من يقترب من حاجز او تجمع .. إضافة لحملة اعتقالات محمومة مستمرة ومتواصلة في صفوف الشباب الفتي وتحت مسميات وادعاءات وافتراءات "القاء حجارة - القاء مولوتوف - القاء اكواع - تنظيم خلايا - اقتناء او متاجرة او لمس سلاح - الإنتماء لتنظيم غير مشروع - مساندة الاسرى - منشورات تحريضية على مواقع التواصل الإجتماعي - تحريض" .. كذب وافتراء إحتلالي هدفه *الذريعة الأمنية. *إرهاب الشباب. *دب الذعر في صفوف الآخرين. *محاولة إسقاط أكبر عدد ممكن .. وكلها بالمحصلة تعزز خفض منسوب الروح الوطنية في الشارع من وجهة نظرهم ودراساتهم خاصة إذا ما ترافقت مع محفزات لسنا بصددها الآن.
أنظر بخشية وتمعن .. في استمرار الإعتقالات في صفوف شبيبتنا .. أبناءنا .. إنها محاولات نازية أخرى لاغتصاب هؤلاء الشباب بحقهم في وطن حر، حقهم بالتعلم، حقهم بالضحكة، بكل بساطة حقهم بالحياة واستمرار المسار الطبيعي وانسيابية دورة حياتهم في ظل أوضاع متردية محليا .. إقليميا .. ودوليا .. وحالة من التخدير طالت أبعادنا وأعماقنا .. ومحاولات عبر المؤامرات لتفريغ المضمون الوطني في صفوفنا واستبداله بمضمون فارغ ليس له أدنى علاقة بكوننا فلسطينيين اصحاب حق حتى بات الكثيرون ينسون او يتناسون ان وطننا لا يزال محتلا وهذه أكبر الكوارث.
يتمتع الجيل الشاب بجرأة عظيمة غير مسبوقة وهذا هو العنصر الأكثر أهمية .. لكن ذلك يفتقد أيضا للوعي والثقافة بشكل نسبي بعض الأحيان الأمر الذي يجب التوقف عنده والقيام بحسابات معمقة بشأنه، فإن الخبرة المتوارثة المتراكمة لدى الأجيال المتعاقبة باتت في دهاليز تراكم عليها الغبار وتآكلت وريقاتها رغم أهميتها الشديدة، ولعل سؤال واحد على سبيل المثال قد يشكل فرقا وتوضيحا:- متى كانت آخر مرة تم عقد جلسة توعية أمنية في أي حركة أو فصيل أو حزب أو مؤسسة؟!!
يشن الاحتلال هجمته المسعورة ويخوض معركة شديدة ضد عنصر الشباب الفلسطيني، العشرات بل المئات من الإعتقالات التعسفية الإجرامية اللاقانونية تطال شبابنا ونحن لا نحرك ساكنا، أسئلة كبيرة ومهمة في ثنايا ما يجري تستوجب وقفة مهمة من كتابنا وأدباءنا ومثقفينا وشعبنا بكل مكوناته للإستمرار في إثارة هذه القضية عالميا وكذلك العودة لخوض غمار التوعية في صفوف شبابنا الذين قد يرفض بعضهم تقبل ذلك بشكل أولي بسبب حالة عدم الثقة التي بدأت تتفشى بين الأجيال، لكن المحاولات يجب أن تستمر وتتواصل خاصة وأن الأجيال الأكبر هي السبب بمساحة الفراغ الموجودة بين جيل الشباب وما سبقها من أجيال.
هل يعتقد الإحتلال أنه قد تم تحييد الأجيال التي تكبر جيلنا الشاب؟!!.. هل انغمس الكثيرون منا في مقولة "بدنا نعيش" وصار الإنغماس في الفعل الوطني الحقيقي عبر التصريح بحب الوطن دون اي فعل؟!!.. هل نجح الإحتلال عبر مخططاته بما يسمى "تسهيلات" بحرف الأنظار عن الهدف الأهم والأسمى؟!!.. هل كبرت صراعاتنا الداخلية حتى صارت أكبر من صراعنا مع الإحتلال؟!!.. هل نخرت الأجندات الخارجية عظامنا واستوطنت النخاع؟!!.. هل يقبل قائد كبير وعظيم ومشهود له أن يجالس شاب عشريني ويتعلم منه؟!!.. وكيف يمكن لنا أن نقضي على الفراغ الواسع بين الجيل الشاب والأجيال السابقة بما يمكنا من نقل خبراتنا له حتى يخوض غمار المعركة الخفية الدائرة مع الاحتلال بشكل اكثر فعالية وتأثير!!!..
ما يجري إقليميا صعب ومزعج فلم يسبق أن كان هناك توجه مفضوح بهذا الشكل للتقرب من الإحتلال ولعل المؤتمر الاسلامي الذي عقد بالسعودية منذ أيام لمناهضة الإرهاب خير دليل .. وما يجري عالميا رغم نجاحاتنا الدبلوماسية فإنه مقلق ومحزن، أما محليا فإنها المعضلة الأكبر التي تستوجب التوقف عند مسؤولياتنا ونبذ خلافاتنا كل خلافاتنا حتى نستطيع مواجهة كل المخططات .. وفي ظل ذلك كلها فإن زهرة شبابنا الذين يجب أن يشكلوا الطليعة في هذه العملية ينقض عليهم الاحتلال المجرم كل لحظة لبعثرة أحلامهم .. أحلامنا .. وخلط الاوراق وتمزيقها حتى .. وبما يضمن له ومن وجهة نظره حالة تمكنه من الإستمرار بتنفيذ مخططاته العنصرية .. فماذا نحن فاعلون؟!!