الجمعة: 25/07/2025 بتوقيت القدس الشريف

دعوة صريحة للمؤسسات الرياضية الفلسطينية للنهوض إداريًا

نشر بتاريخ: 24/07/2025 ( آخر تحديث: 24/07/2025 الساعة: 12:03 )

الكاتب:

د. ناصر العباسي

في إنجاز علمي جديد يُضاف إلى قائمة الإنجازات الأكاديمية الفلسطينية، حصل مؤخرًا الإعلامي الرياضي والباحث المقدسي ناصر العباسي على درجة الدكتوراه في التربية الرياضية من جامعة البطانة في جمهورية السودان مع مرتبة الشرف والتوصية بنشر الرسالة، وذلك بعد مناقشة أطروحته الموسومة بعنوان "واقع إدارة الأزمات في أندية كرة القدم الفلسطينية من وجهة نظر إدارييها: أنموذج مقترح للتطوير"، وقد أشرف على الرسالة البروفيسور محمود يعقوب محمود يعقوب، رئيس الجامعة.

ويُعد هذا العمل الأكاديمي الأول من نوعه الذي يتناول بصورة علمية خاصة الأزمات التي تواجه أندية كرة القدم الفلسطينية، كما يُعد تتويجًا لمسيرة العباسي المهنية، إذ شغل في وقت سابق عدة مواقع في الميدان، منها: مدرب كرة قدم لفترة وجيزة، ومشرف رياضي في اثنين من أكبر أندية القدس (سلوان والهلال)، ومدير دائرة الإعلام في اتحاد الكرة، وإعلامي ومحلل رياضي في صحيفة القدس، وفضائية وتلفزيون فلسطين لعدة سنوات. ومنحته هذه التجارب رؤية ميدانية دقيقة لأبرز التحديات التي تواجه القطاع الرياضي الفلسطيني، خصوصًا على مستوى إدارة الأزمات داخل الأندية.

الأزمات الرياضية داخل الأندية ...

وفي أطروحته، التي تطرقت إلى الرياضة والإدارة معًا، لم يتناول العباسي "الأزمات" كمفهوم نظري فحسب، بل كواقع يعيشه ويُلامسه يوميًا، وركزت دراسته على تشخيص واقع إدارة الأزمات في أندية كرة القدم الفلسطينية بمختلف درجاتها (من المحترفين حتى الدرجة الرابعة)، من وجهة نظر الإداريين العاملين فيها. واستخدم الباحث أدوات علمية دقيقة، وجمع البيانات من إدارات 166 ناديًا فلسطينيًا تمثل جميع الدرجات في المحافظات الشمالية والقدس، وذلك باستخدام الاستبانة والمقابلات الشخصية، ليصل إلى تحليل واقعي وموثوق حول مدى جاهزية الأندية الفلسطينية لإدارة الأزمات، في ظل أزمات مركّبة تشمل الجوانب المالية والفنية والتنظيمية والقانونية، فضلًا عن تأثيرات البيئة السياسية المعقّدة.

وسعت الدراسة أيضًا إلى تحليل مستوى إدارة الأزمات داخل الأندية، والكشف عن المعوّقات المختلفة التي تحد من فاعليتها، واقتراح أنموذج تطويري يمكن تطبيقه لتأهيل إدارات الأندية على التعامل مع الأزمات بفاعلية واستباقية. وسلطت الضوء على عدد من الأزمات، منها: ضعف التمويل، غياب الموارد الكافية، النزاعات القانونية والعقود غير المنظمة، الضعف الإداري والفني، والظروف السياسية والأمنية التي تعيق الحضور الجماهيري والتنقلات. كما رصدت الدراسة غياب استراتيجيات فعالة لإدارة الأزمات، مما يهدد استقرار الأندية واستمراريتها.

مستوى أزمات متوسط والمعوقات السياسية الأبرز ...

وتكمن أهمية دراسة العباسي في تقديم إطار علمي شامل لإدارة الأزمات الرياضية، يشمل توصيف المعوقات واستراتيجيات المواجهة، ما يُثري الأدبيات الأكاديمية والمكتبة العربية في هذا المجال. كما توفر الدراسة أدوات عملية واستراتيجيات لإدارات الأندية الفلسطينية، تعزز من قدرتها على الصمود في بيئة مليئة بالتحديات. وقد خلصت نتائج الدراسة إلى أن مستوى فاعلية إدارة الأزمات في أندية كرة القدم الفلسطينية لا يزال متوسطًا، في حين أظهرت النتائج أن أبرز المعوقات هي: الظروف السياسية، التحديات التنظيمية، القصور التكنولوجي، والعوامل الإنسانية.

أنموذجًا تطويريًا وعلمياً شاملًا ...

ولم تكتفِ الدراسة بالتشخيص، بل قدمت أنموذجًا تطويريًا عمليًا لتمكين إدارات الأندية الفلسطينية من التعامل مع الأزمات بفعالية، من خلال خطوات مدروسة، أبرزها: إعداد خطط استراتيجية طويلة الأمد تركز على الوقاية والاستعداد، تطوير أنظمة معلومات تدعم اتخاذ القرار والتواصل الفوري، تدريب الكوادر الإدارية والفنية على أساليب إدارة الأزمات، تطوير البنية التكنولوجية والإدارية، وتشكيل فرق استجابة متخصصة داخل الأندية بصلاحيات واضحة. وتُعد دراسة العباسي مساهمة نوعية في مسار تطوير الرياضة الفلسطينية، خصوصًا في جانبها الإداري، الذي يُشكل ركيزة أساسية في دعم أندية كرة القدم الفلسطينية للعب دورها بفاعلية، رغم التحديات.

دعوة للنهوض إدارياً لمواجهة التحديات ...

ويؤكد العباسي أن هذه الدراسة ليست مجرد بحث أكاديمي، بل هي دعوة صريحة للمؤسسات الرياضية الفلسطينية للنهوض إداريًا، وتفعيل إمكاناتها البشرية والمادية في مواجهة التحديات. فمع تسارع التطورات في المشهد الكروي العربي، لا بدّ للرياضة الفلسطينية من أن تمتلك أدوات المواجهة والتخطيط العلمي لتصمد وتنافس وتنهض.

وفي ختام تصريحه، قال العباسي: "أردتُ من خلال هذه الدراسة أن أُعبّر عن صوت إدارات الأندية، التي كثيرًا ما تُركت تواجه أزماتها وحدها، دون دعم أو توجيه. وهدفي أن تكون هذه الدراسة بدايةً لتطوير أداء الأندية الرياضية، وأن تُسهم في بناء إدارات أكثر وعيًا وكفاءة، قادرة على التعامل مع الواقع وتجاوزه بإبداع ومسؤولية. كما أطمح أن تُسهم هذه الدراسة في حماية مكتسبات الرياضة الفلسطينية وتطويرها، رغم الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة".

ولا بد من توجيه الشكر لكل شخص ساهم في انجاز تلك الدراسة، والمؤسسات الرسمية من اتحاد الكرة الفلسطيني، والمجلس الأعلى للشباب والرياضة، واللجنة الأولمبية، وإدارات أندية كرة القدم، والزملاء الأكاديميين في الجامعات الفلسطينية.