الكاتب:
د. محمد حسن أحمد
في خطوةٍ تُجسّد النزعة التوسعية المتجذّرة في السياسة الإسرائيلية، صادق الكنيست الإسرائيلي مؤخرًا على مشروع قرار يدعو إلى فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة وغور الأردن، وذلك بأغلبية 71 نائبًا من أصل 120، ما يعكس انحرافًا خطيرًا نحو ضمّ الأراضي الفلسطينية، في مخالفة واضحة وصريحة للقانون الدولي.
هذه الخطوة، التي قوبلت برفض فلسطيني وعربي ودولي واسع، تأتي في سياق مشروع سياسي يقوده رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو منذ سنوات، ويهدف إلى استكمال حلقات الضم وتصفية القضية الفلسطينية على الأرض، في ظل صمت دولي وتواطؤ بعض القوى الكبرى.
اللافت في هذا القرار أنه جاء بمبادرة من نواب في الائتلاف الحكومي، وبدعم كامل من أحزاب اليمين، بما في ذلك "الليكود"، "الصهيونية الدينية"، و"شاس"، بل وامتد التأييد ليشمل حزب "إسرائيل بيتنا" المعارض وهو ما يكشف عن إجماع إسرائيلي شبه كامل على المضي قدمًا في تنفيذ سياسة الضم، تمهيدًا لتكريس "إسرائيل الكبرى" ودفن حل الدولتين.
ويُعبّر مضمون القرار عن هذه الرؤية بشكل صريح، حيث ينص على أن "لدولة إسرائيل الحق الطبيعي والتاريخي والقانوني في كل مناطق أرض إسرائيل"، بما في ذلك مناطق "يهودا والسامرة" وغور الأردن كما يدعو إلى إحلال القانون الإسرائيلي كاملاً على المستوطنات في الضفة، في محاولة لشرعنتها داخليًا وتثبيتها دوليًا كأمر واقع.
في المقابل، شنّت بعض أحزاب المعارضة هجومًا على القرار، معتبرة إياه محاولة للهروب من أزمات داخلية عميقة، لا سيما فشل الحكومة في إدارة الحرب على غزة، والانقسامات المجتمعية الحادة، وتآكل الثقة بالقيادة وقال ممثل حزب العمل إن نتنياهو يستغل هذه المشاريع لتبرير وجوده السياسي، وتمكين المتطرفين من تحقيق أجنداتهم على حساب الدولة ومواطنيها.
كما تقدّمت القائمة العربية الموحدة، برئاسة النائب منصور عباس، بمشروع قرار بديل يدعو إلى إقامة دولة فلسطينية تعيش بسلام إلى جانب إسرائيل، في حين اقترح النائب أحمد الطيبي مشروعًا يحث على احترام قرارات الشرعية الدولية، معتبرًا أن ما يحدث في الضفة هو "تطهير عرقي ممنهج".
جاء الرد الفلسطيني لمنظمة التحرير، بأن القرار "تصعيد خطير واعتداء على الحقوق الوطنية الفلسطينية"، مشددًا على أن هذه الخطوة تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وتدميرًا ممنهجًا لحل الدولتين.
بدورها، اعتبرت الرئاسة الفلسطينية هذه الخطوة مخالفة لقرارات الأمم المتحدة، وأكدت أن الطريق الوحيد لتحقيق السلام هو عبر إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
أما حركة حماس، فقد رأت في القرار "محاولة باطلة لشرعنة الاحتلال"، مؤكدة أن "هوية الأرض الفلسطينية لن تتغير"، ودعت جماهير الضفة إلى تصعيد المقاومة بكل أشكالها، في وجه مشاريع التهجير والضم والاقتلاع.
لم يتأخر الرد العربي والدولي، فقد عبّر الأردن عن رفضه القاطع لهذه الخطوة، واعتبرها خرقًا خطيرًا للقانون الدولي، وتقويضًا لمسار السلام أما تركيا، فوصفت القرار بأنه "استفزازي وعديم الشرعية"، وأكدت أنه لن ينجح في فرض واقع سياسي جديد بالقوة.
لكن وعلى الرغم من هذه الإدانات، فإن ردود الأفعال الدولية لا تزال في إطار الشجب الكلامي، دون خطوات عملية لردع إسرائيل أو إلزامها بقرارات الشرعية الدولية.
يبدو واضحًا أن قرار الكنيست هو جزء من مشروع أكبر يقوده نتنياهو، يقوم على توسيع رقعة الاحتلال والاستيطان، وفرض وقائع سياسية جديدة، مستغلاً انشغال العالم بالحرب على غزة وتراجع الاهتمام الدولي بالقضية الفلسطينية.
إن تمرير مثل هذه القرارات، وإن كانت غير ملزمة قانونيًا في الوقت الراهن، فإنه يحمل دلالات خطيرة على طبيعة المرحلة المقبلة، ويضع المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي: إما الانتصار للقانون الدولي وحقوق الشعوب، أو التسليم بمنطق القوة والاحتلال.
وفي ظل هذا المشهد، فإن وحدة الموقف الفلسطيني، وتصعيد المقاومة السياسية والشعبية، وتفعيل الدبلوماسية الدولية، تبقى الخيار الأهم في مواجهة هذا المشروع الاستعماري الذي لا يهدد فلسطين وحدها، بل استقرار وأمن المنطقة بأسرها.
إن استخفاف نتنياهو – ترامب بالشرعيات الدولية ومؤسساتها ، وكذلك العبث بمقدرات الشعوب وكياناتها وكرامتها وإبادة شعوبها وسرقة أموالها، ومحاولة الصهيو- أمريكي لتهويد كامل فلسطين وإبادة أهلها وتهجير الذي يبقى حيا، هذا كله أخذ مدى واسعًا في الغطرسة و محاولة فرض رغباتهم وأحلامهم بالقوة بكل صلف وغرور وانعدام للأخلاق، ولكن هؤلاء المتغطرسون غاب عن عقلهم وبصرهم وبصيرتهم أن المنطقة العربية ليس مسرحا يحددون فصول مسرحيتهم ونتائجها كما يريدون، وأن الأنظمة المتواطئة ليس قدر الأمة العربية، كما أن حقائق التاريخ ليس سيركا يرقص عليها الصهيو-أمريكي حسب الإيقاع الذي تهواه أنفسهم، لأن معدتهم لا تستطيع هضم ما يبلعون، وستدور الدوائر عليهم وعلى المتواطئين في المدى المنظور، وسيرتد مكرهم إلى نحورهم، إن استخفاف الصهيو-أمريكي بالأمة العربية خاصة وبالإسلامية مدعاة وضرورة ملحة لكي تنهض الشعوب العربية الإسلامية وتعد العدة وتعيد حساباتها لمواجهة تلك الغطرسة التي ستطالهم إذا استمروا في تحالفاتهم أو خوفهم ورعبهم من أعداء العرب، ونداء لأمة العرب لا تتركوا مصر قلعة العرب وجدارهم الأخير في مواجهة لوحدها مع قوى الشر الصهيو -أمريكي ، فدماء الشعب الفلسطيني وعذاباته ستبقى وصمة عار على جبين المتواطئين مع الصهيو- أمريكي ، فالشعب الفلسطيني بوجوده وصموده على أرضه يحمي أمة العرب من التمدد الصهيو -أمريكي نحو الدول العربية، ويفشل المشروع الصهيوني، فيا أمة العرب حافظوا على فلسطين ومصر فلن تقوم لكم قائمة بدونهما، وستتهاوى عروشكم ويلعنكم التاريخ، يا أمة العرب أفيقوا .