الكاتب: د. ربحي دولة
تشهد الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتحديدًا الضفة الغربية، تصعيدًا غير مسبوق من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، يتمثل في سياسة القمع الممنهج، التهجير القسري، الاستيطان المتسارع، والقرارات التشريعية الخطيرة، وعلى رأسها قرار الكنيست الإسرائيلي بفرض ما يسمى “السيادة الإسرائيلية” على الضفة الغربية.
هذا القرار، في جوهره، يمثل عدوانًا صريحًا على حقوق الشعب الفلسطيني، وتحديًا فجًا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، بما يشكل تهديدًا مباشرًا لأي أفق للسلام العادل والدائم.
ولم تكتفِ إسرائيل، منذ احتلال الضفة الغربية عام 1967، بالسيطرة العسكرية، بل مارست سياسة “الأمر الواقع” تدريجيًا عبر :
وبناء وتوسيع المستوطنات ومصادرة الأراضي لهذه الاغراض او تحت بند دواعي امنيه وعسكريه وكذلك فرض أنظمة قانونيه مزدوجه تعزز وجه الاحتلال الحقيقي بالعنصرية بحيث ان المستوطن الذي يسكن في اراضي الضفة الغربيه تحكمه القوانين المدنيه للكيان اما الفلسطينيين فياحكموا بقوانين عسكريه وحصار اقتصادي وسياسي وقرصنة اموال لاضعاف السلطة الفلسطينيه وتقويضها بشكل تدريجي وصولا إلى انهيارها
لكن ما نشهده اليوم من إعلان نية ضم الضفة الغربية رسميًا تحت مظلة “السيادة” الإسرائيلية، يعكس تحولًا جذريًا من الاحتلال العسكري إلى الضم القانوني غير الشرعي، وهو ما ينذر بإلغاء فعلي لحل الدولتين و الغاء لكل الاتفاقيات الموقعة بشكل نهائي
ان الضفة الغربية التي خصها قرار الكنيست ووفق القانون الدولي هي اراضي محتله ووفقا لعدة مرجعيات قانونيه مثل:
- اتفاقية جنيف الرابعه (1949) والتي تحظر على القوة المحتلة ضم الأراضي المحتله او نقل سكانها اليها
- قرار مجلس الامن رقم 242(1967) والذي يدعو دولة الكيان إلى الانسحاب من الأراضي المحتله والتي أحتلتها في حزيران من نفس العام
- قرار مجلس الامن رقم (338) والذي صقر اثناء حرب اكتوبر عام ١٩٧٣ والذي دعى لوقف اطلاق النار وتطبيق فوري لقرار 242 لجميع اجزائه
- قرار مجلس الامن رفم: 2334( 2016) والذي يدين الاستيطان ويعتبر كل الاجراءات التي حصلت على الأراضي المحتله عام 1967 هي اجراءات باطلة وتتعارض مع الشرعية الدوليه
- محكمة العدل الدولية (2004) والذي قرر عدم شرعية جدار الفصل العنصري وكذلك الاستيطان واعتبرت الضفة الغربية أرض محتلة إلى جانب العشرات من القرارات لهذا الخصوص والتي صدرت عن الجمعية العام للأمم المتحده والتي لغاية اللحظة لم تلتزم دولة الكيان باي منها
ومن هنا ياتي هذا القرار الاخير للكنسيت الصهيوني والذي يدعو حكومتهم إلى فرض السيادة الصهيونيه على اراضي الضفة الغربية هو تعدي صارخ على القانون الدولي وكل قرارات الشرعية الدوليه ويمثل جريمة وفقا لميثاق روما والذي انشا محكمة الجنايات الدوليه
رغم الادانات المتكرره والتي تصدر عن الامم المتحده والاتحاد الأوروبي ومنظمات حقوق الانسان إلا ان غياب الارادة السياسيه الدولية وخاصة الولايات المتحده وبعض الدول الغربية دفع بدولة الكيان إلى الاكتراث لكل تلك القرارات بل وشجعها على تنفيذ مخططاتها الاستعماريه وكذلك ازدواجية المعايير في التعامل مع قضايا القانون الدولي اضعفت فعالية الضغط الدولي
ان اشغال العالم في قضايا اخرى مثل الحرب ما بين روسيا واوكرانيا سمح لدولة الاحتلال من تنفيذ سياساتها الاستعماريه دون رادع او تكلفة حقيقه تمنعها من ذلك
ان قرار فرض السيادة الصهيونيه على الضفة الغربية ليس فقط تغييب السيادة الفلسطينيه فحسب بل نهاية لعملية السلام والتي بنيت على اساس الارض مقابل السلام وترسله نظام فصل عنصري ( الأبرتهايد )في الضفة الغربية حيث يعيش الفلسطينيون تحت قوانين عسكريه والمستوطنون قوانين مدنيه
ومن هنا يجب ان يتم تفعيل المحافل القانونيه وخاصة محكمة الجنايات الدولية لاجبار دولة الكيان على وقف اجراءاتها الغير قانونيه وتنفيذ كافة الاتفاقات الموقعه
انهاء الانقسام بشكل فوري وتعزيز الوحدة الوطنية من اجل القدرة على مواجهة هذه الاجراءات ووقفها والتحرك العربي الدبلوماسي ووقف كافة أشكال التطبيع المكاني مع الاحتلال لارغامه على وقف هذه الاجراءات وتعزيز صمود المواطنين من خلال عمل مشاريع تنموية على هذه الأراضي المهدده
ان ما تقوم به دولة الاحتلال من محاولات لضم الضفة الغربية ليست سوى استمرارلمشروت استيطاني إحلالي بدأ منذ عقود لكنه اليوم يستمر بغطاء تشريعي من كنيست غير شرعي ومن هنا فان المجتمع الدولي مطالب اليوم بالخروج من دائرة الادانات إلى دائرة الفعل الحقيقي وإلا فانه لاقيمة للقانون الدولي وسيفقد مصداقيته امام الشعوب وسيصبح الاحتلال والاستعمار مشاريع مشروعه بحكم القوة لا بحكم العدالة
والى ان يتحقق ذلك يبقى صمود الشعب الفلسطيني وتضحياته وصبره وتمسكه بأرضه وهويته هو الركيزة الاساسيه في وجه هذا التغول وهذا العدوان الغاشم.
٠ كاتب وسياسي فلسطيني