الجمعة: 26/04/2024 بتوقيت القدس الشريف
خبر عاجل
مصادر عبرية: اصابة مستوطن بعملية طعن واطلاق النار على المنفذ قرب الرملة

تحرير فلسطين بين التنشئة الكونية والدبلوماسية الشعبية

نشر بتاريخ: 12/01/2020 ( آخر تحديث: 12/01/2020 الساعة: 14:20 )

الكاتب: د.ياسر عبد الله

مر على الشعب الفلسطيني سنوات عجافاً تشرذم فيها الشعب، انقسم على نفسه وطمع الأعداء والخصوم بالأرض والشعب وغابت معالم الوحدة الوطنية والجغرافية ، وتأتي على الشعب الفلسطيني سنوات أخرى يفترض ان يقدر فيه العلم والتعليم وتحترم الكفاءات وتسيطر عليه روح الوحدة الوطنية وتسعى كافة الأحزاب والحركات الى وحدة وطنية تحقق التنمية والانتصار والتفوق على الاحتلال؛ بالتنشئة الكونية: الإقليمية والدولية والمحلية والدبلوماسية الرقمية - الحقيقية والافتراضية – نستطيع قلب الرأي العام الدولي والإقليمي بما يخدم القضية الوطنية الفلسطينية، وبناء شبكة مناصرين في كافة بقاع الأرض .
الواقع ان – اسرائيل-اليوم دولة ذات كيان يعترف بها الكثير من دول العالم، تملك من التكنولوجيا ما تملكه الدول العظمى: مفاعل نووي، طائرات (ايتان) أحدث الطائرات بدون طيار وهي صناعة -اسرائيلية-، أحدث تكنولوجيا الزراعة، أحدث تكنولوجيا الصناعات الغذائية والدوائية والترفيهية ومواد وأدوات البناء والملابس وكل شيء صناعة – اسرائيلية – وبجودة عالية تنافس منتجات عالمية بامتياز، واستطاعت جامعات – اسرائيلية- ان تحجز لها ترتيباً متقدماً في التصنيفات العالمية للجامعات ومنها تصنيف " شنغهاي".
اما الواقع الفلسطيني ونحن نعيش بدايات العام 2020 فقد نستطيع القول ونجزم انه من اسوأ مراحل تاريخ القضية الفلسطينية وفي كافة المجلات: السياسية والاقتصادية، والاجتماعية والفكرية.
تعيش الشعوب العربية حالة من الإرهاق غارقة في مشاكل اجتماعية واقتصادية وسياسية منذ سنوات وعقود، تعيش ذلك بتباين من دول الى أخرى ولكن جميعها تعيش حالة من الإحباط، وجزءا من تلك الدول عايش ثورات استطاعت الإطاحة بالأنظمة السابقة، ولكنها فيما بعد لعنت الأنظمة الجديدة؛ لأنها لم تستطع ان تحقق أي تقدم في حياة الانسان العربي وكرامته، في ذلك غابت فلسطين عن اذهان الأطفال العرب والشباب، قد يكون ذلك فشل واخفاق في الدبلوماسية الشعبية، وتراجع في دور الأحزاب والحركات السياسية.
الواقع الدولي لا يختلف عن الواقع العربي تحكمه الأنظمة والسياسيات الدولية، ولكن نستطيع ان نكون جزءا يشكل الفكر والثقافة لدى الشباب الغربي من خلال مشاركات شبابية، وتبادل اللقاءات في فلسطين وفي تلك الدول، بعد بناء جيل فلسطين قادر على حمل الأمانة الوطنية جيل يملك الوعي والثقافة، جيل يتمسك بالثوابت، حينها يخرج للقاءات مع شباب العالم يجعل من هؤلاء مناصرين للقضية الفلسطينية.
الى جانب دور مؤسسات التنشئة والدبلوماسية الشعبية (الرقمية والافتراضية) فان هناك أمور أخرى يستوجب الانتباه لها خلال السنوات القادمة:
 التوازن الديمغرافي الفلسطيني الإسرائيلي فقد وصلت النسبة الى التقارب التام بين عدد الصهاينة على ارض فلسطين نهاية العام 2017 في فلسطين التاريخية (أراضي العام 1948 والمستعمرات المقامة في القدس والضفة الغربية) بلغ 6,738,500 ويشكّلون نسبة 74.8% من السكان. في حين ان الفلسطينيين في داخل الأرض المحتلة عام 1948 بلغ عددهم (1,970,200).
 السيطرة المائية: إسرائيل تسيطر على هضبة الجولان ومنابع المياه هناك وتسيطر على المياه الجوفية في الضفة الغربية وتسعى الى تقاسم السيطرة على قناة البحرين مع الأردن مع استبعاد لدور الفلسطيني ( فلسطين سوف تشتري المياه من الأردن ) ، إسرائيل تسعى الى التطبيع العربي مقابل السيطرة على الموارد المائية ، تدعم سد النهضة في اثيوبيا لتسيطر على السودان ومصر، إسرائيل تريد من مشروع نيوم ان تسيطر على البحر الأحمر وخليج العقبة ؛ فماذا بعد السيطرة على مياه النيل ومياه البحر الأحمر وخليج العقبة ومياه هضبة الجولان والمياه الجوفية ؟
 امتلاك التكنولوجيا: تسعى دولة الاحتلال الى امتلاك أحدث وسائل التكنولوجيا وليس امتلاكها من خلال شرائها بل من خلال انتاجها محلياً، وهي بالفعل تملك تكنولوجيا زراعية متفوقة، وتكنولوجيا عسكرية متقدمة، وتكنولوجيا صناعية فائقة، وتكنولوجيا الهايتك والامن الرقمي – كمل ما يحدث في العالم الافتراضي - وفي كافة المجالات الأخرى.
سنوات مضت تحملنا فيها تبعات اوسلو، فلماذا لا نصنع تاريخاً صحيحاً وطريقا لتحرير فلسطين في السنوات القادمة؟؛ ان نعزز الدبلوماسية الشعبية وان تصبح نهجاً تعليمياً في الجامعات. ولماذا لا نستثمر في تنشئة أجيال القادرة على المنافسة في مجال الدبلوماسية الرقمية والشعبية؟ لماذا لا نستثمر في علاقات بين عمال فلسطين وعمال العالم؟ لماذا لا نطور المناهج الفلسطينية لتصلح لإنجاز التحرر خلال السنوات القادمة؟ لماذا نُبقي على جامعات عجزت عن الظهور في التصنيفات العالمية؟ لماذا لا نوقف الاستيراد ونتحول الى الإنتاج في السلع الاستهلاكية؟ وهل عملية توطين الخدمات في فلسطين مستحيلة ام ممكنة؟
تشكل منظومة المؤسسات الوطنية: الجامعات ومراكز الأبحاث والدراسات والاتحادات والأحزاب والحركات ومراكز الشباب ومنظمات المجتمع المدني ورجل الدين والإعلاميين والحقوقيين والمفكرين والكتاب والادباء ورجل الاعمال والاقتصاد؛ يشكل هؤلاء أدوات التحرر الوطني ان تم توظيف كلاً منهم في المكان المطلوب لتكون كما هي لعبة "البازل"؛ لنرسم لوحة فلسطينية متكاملة للتحرر الوطني، قادرة على تنشئة الأجيال الوطنية القادرة على التأثير في الأجيال القادمة على مستوى إقليمي ودولي، وخلق أجيال من مناصرين للقضية الفلسطينية لإفشال مخططات الاحتلال وادارته الامريكية.