الأحد: 19/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

صفقة أم سرقة القرن

نشر بتاريخ: 02/02/2020 ( آخر تحديث: 02/02/2020 الساعة: 20:21 )

الكاتب: السفير حكمت عجوري


واخيرا وفي عرض مسرحي سخيف لم يحضره سوى الممثلين الذين غطت رؤوس معظمهم القبعات الدينيه تم الاعلان عن انتهاء المسرحيه التي اطلق عليها تجاوزا صفقة القرن والتي اطلق عليها النتن ياهو فرصة القرن كيف لا وهو المنتفع الوحيد من هذه الصفقه التي اتضح بانها سرقة القرن وبامتياز وذلك لكون المالك الفلسطيني لم يكن له وجود بين الحضور من ابطال مسرحية سرقة العصر حيث البائع وهو ترمب والشاري النتن ياهو والدافع اخواننا الخليجيين .
توقيت الاعلان عن الصفقة ربما جاء بعد ان اوشك المنتظرين لهذه الصفقه على الملل من طول الانتظار الا ان الاهم في ان هذا التوقيت جاء متوافقا والى حد كبير مع شروط صفقة السرقه واهمها خدمة مصالح كل من الشاري النتن والبائع ترمب في البقاء على سدة الحكم وفي نفس الوقت ضمان الدفع بزعم حماية عروش الدافعين من عدو وهمي لا اساس له . وفي هذا السياق لا نملك الا ان نحذر اهلنا في الخليج من خطورة الانزلاق نحو هذا المستنقع الصهيو اميركي وان لا يستجيروا من الرمضاء بالنار ولهم في شاه ايران مثلا وهو الذي ما زال بعد موته حيا في الذاكره . هذا التحذير ممزوج بادراك من ان ايران دوله اقليميه غير عربيه الا انها اسلاميه وهي كباقي الدول لها مصالحها ولا شك في ذلك ، الا اننا وببعض من الرويه نرى ان مصالحها تتقاطع وفي محطات مختلفه مع المصالح العربيه الخليجيه ونذكر منها على الاقل ان ايران ما تزال تقف حائلا امام الاطماع الصهيونيه في مملكة حِميَر ونحن في هذا الصدد لا نريد للاجيال العربيه القادمه ان تندم كما هو حال بعض الشعوب العربيه التي اصبحت تبكي قادتها الذين استعانت بالشيطان على قتلهم كما هو حال اهلنا في العراق.
وبالعودة الى موضوعنا وبعد رفض فلسطيني رسمي وشعبي مثمن و مُبَرر لصفقة/ سرقة ترمب ومن قبل الاعلان عنها وذلك منذ لحظة سرقة اولى القبلتين، قدس الكنائس والاقصى والمعراج قدس المسلمين والمسيحيين والعاصمه الابديه لدولة فلسطين من قبل ترمب واهدائها ليهود جلهم من الاصل الخزري ، نقول كفلسطينيين واصحاب الارض الحقيقيين ان اعلان ترمب هذا قد أذاب الثلج وبان لنا المرج وحانت فعلا لحظة الحقيقه لحظة ان نكون كفلسطينيين او ان نكون وذلك بالشروع بالبناء على هذا المرج واضح المعالم وذلك من خلال ادراك حقيقتين اساسيتين الاولى ان اسرائيل وافقت بعد تردد على هذه الصفقه/السرقه وذلك بعد ان تاكدت كعادتها من ان الرفض الفلسطيني لا عوده عنه بالرغم من انها الرابح الوحيد من كل ذلك والدليل على هذا ان اسرائيل القوة القائمه بالاحتلال رفضت ضمن بنود الخطه ان تُعَرِف حدودها وابقت عليها مفتوحه من اجل التمدد بمعنى ان حدود اسرائيل هي من الفرات الى النيل وربما تتمدد مستقبلا الى ما ابعد من ذلك وكما اسلفنا في اطماعها التي بدأت تظهر مؤخرا في مملكة حِميَر والتي يبدو انها اصبحت ضمن الممكن بعد ان تولت اسرائيل امر حماية دول الخليج العربي من عدو وهمي .
هذه الحقيقه ليست دعوه للفسطينيين للموافقه على ما سميت تجاوزا بصفقة القرن وانما هي تحذير لاهلنا وعزوتنا العربيه التي ما زال بعض قادتها يعانون من فقدان البصيره وهم يشكون بل ويشركون بالروايه الفلسطينيه بالرغم من انها مستمده من الشرائع الدينيه قبل العربيه التي جسدتها مؤخرا مبادرة الراحل الكبير خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبد العزيز عندما كان وليا للعهد في سنة 2002.
الحقيقه الثانيه هو ان الحليف الاساسي المهدد للتحدي الفلسطيني لهذه الصفقة /السرقه ليس فصيلا ولا دولة ولا مجموعة دول وانما هو الفقر الذي ان لم نقتله او على الاقل من ان نحاصره فانه بالتاكيد سيسبقنا وسيتمكن من ادوات صمودنا الفلسطيني والتي اساسها الانسان الذي لا نملك غيره ثروة للصمود وثروة للابداع من اجل تحقيق النصر ان كان بعد سنه او بعد مائة سنه.
وفي هذه الحقيقة دعوة لكافة قيادات الشعب الفسطيني بكافة الوانها الوطنيه والدينيه للوقوف والتامل لما يجري في غزه هاشم التي تجسد المخزون البشري الممول للصمود المبوصل فقط نحو النصر لان ما يجري هناك يعتبر نقطة سوداء في التاريخ الوطني الفلسطيني والى حد اكبر العربي وذلك بحسب ما يصلنا بين الفينة والاخرى وعبر وسائل التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الاعلام ، شخص من الفقر يعرض اولاده للبيع واخرين يهربون من الموت جوعا ليلاقيهم في اعالي البحار غرقا والبعض ينهي حياته حرقا. وهو الامر الذي يؤكده كل المراقبين بخصوص الفقر الذي اصبح يفتك باهلنا في غزه دون رحمه.
البعض من اهلنا في غزه يقول كيف سننتصر على الصفقه /المؤامره ونحن ندفع فاتورتين كهرباء 500 شيكل بعد ان كانت 70 شيكل في عهد الاحتلال وفاتورتين مياه 75 شيكل بدلا من 12 شيكل ولا توجد جرة غاز للطهي ويضيف البعض هل نواجهها بالقمع والتنكيل والاعتقال السياسي من اجل كلمه . يكفي ان نعرف ان في غزه اكثر من ثلاثمائة الف خريج عاطل عن العمل.
ومن هذه الحقيقة تخرج رساله اخرى لاخواننا العرب وخصوصا الاثرياء منهم بان الصمود الفسطيني كان وما زال وسيبقى رأس حربة في الدفاع عن الكرامه العربيه ونحن في هذا السياق نؤكد على ما قاله لهم الرئيس الفلسطيني في لقائه مع وزراء الخارجية العرب يوم امس السبت "لا نريد منكم الوقوف في وجه اميركا وانما تبني موقفنا" ومع ان هذا الطلب لاقى استجابه عربيه مثمنه في البيان الختامي الا ان ذلك لا يكفي قبل ان تتم ترجمة كلمات هذا البيان الى افعال لان البيانات ومهما بلغت ايجابيتها وفصاحة لغتها الا انها لن تسكت صراخ طفل غزي تمكن منه الجوع وهو ينتظر والده الذي خرج يبحث عن لقمة العيش وربما لن يعود وهذا باختصار شديد جدا يستدعي تفعيل تعهدات الزعماء العرب في القمم العربيه السنويه المتكرره بتوفير شبكة امان ماليه لدعم الصمود الفلسطيني وذلك اضعف الايمان.