الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

رسالة إلى دولة رئيس الوزراء د. محمد استية

نشر بتاريخ: 02/04/2020 ( آخر تحديث: 02/04/2020 الساعة: 01:47 )

الكاتب: المحامية رانية غوشة الجابر

دولة رئيس الوزراء الدكتور محمد اشتيه المحترم تحية الوطن لقد خرجت علينا قبل ايام بخطاب قيادي جميل بلغته الابوية خاطب مخاوفنا وداعب مشاعرنا التي جفت منذ زمن. خطاب لم نسمع مثله منذ فترة، يحمل في ثناياه الابوة والقيادة وفيه الكثير من الكاريزما. نعم لقد احببت خطابك واكثر ما احببت فيه، انك حاولت أن تخاطب الجميع كل بلغته ومخاوفه فلم تغفل عن اي منا ..... فقد خاطبت العامل والموظف وأصحاب الشركات ولم تنس اسرانا بل وحتى اطفالنا جيل المستقبل. نعم لقد كنا بحاجة لهكذا خطاب ومع ذلك اسمح لي من منطلق المواطنة المتجذرة فينا، أن أعبر لك عن ما أملت أن يشمله هذا الخطاب. لقد أملت ان استمع الى خطط لمجابهة ما هو خارج البعد الصحي لهذ الازمة، وبالطبع دون التقليل من البعد الصحي الخطير لها. ومن مطالعتنا لما تقوم به الدول المختلفة القريبة والبعيدة فان الكل يكاد يجمع على أنه ومع أن السبب الاساسي في هذه الازمة هو الفيروس وآثاره الصحية على البشرية وخصوصا فئات معينة منها، فان ثلثي الازمة سيؤول الى المنحى الاقتصادي. اذ ان الفيروس سينتهي ولكن ابعاده الاقتصادية ستدوم وستحمل كوارث قد لا تتحملها دول غنية فما بالك بنا؟ دولة تحت الاحتلال؟ لم نر في خطابك اي مخطط لا قصير الامد ولا بعيد الامد لما يمكن القيام به من ناحية اقتصادية لمجابهة هذه الازمة. انني لست خبيرة اقتصادية ولكنني استطيع استقراء ما يحدث كأي مواطن مطلع ومتابع، لقد أثبتت هذه الازمة أن نظام العولمة قد فشل في مجابهة ازمات عالمية كهذه وأن العودة الى نظام الاقتصاد المحلي يشكل المتراس الاول في مجابهة مثال تلك المخاطر، بل اننا كمجتمع فلسطيني لطالما واجهنا ازمات الحروب والاجتياحات بقدراتنا المحلية. ومع ذلك "ومع الاسف" فان الاعتماد على الدعم الخارجي وتقزيم القدرات المحلية وغياب التخطيط الاستراتيجي للمصادر المحلية قد زادنا ضعفا ويضعنا الآن في معركة حياة او موت امام هذه الازمة. فلسطين ليست بلدا فقيرا، بل ان فيه الكثير من المقومات ومن المقدرات التي تم اهمالها بشدة على مدى الاعوام الماضية لغياب استراتيجيات وطنية لدعم الاقتصاد المحلي والمقدرات المادية والإنسانية والاعتماد على الذات. كما تعلم دولتك، ولا يخفى عليك وجود أزمة ثقة كبيرة ومشاكل شفافية متراكمة منذ سنين مما يدفع الكثيرين بالتفكير مرارا وتكرارا قبل الاقدام على اي خطوة دعم. أضف الى ذلك ان هناك الكثير من المجهود المحلي والمبادرات من جمعيات ونقابات وأفراد وجيران وأقارب وأصحاب مما يظهر جود ابناء هذا الوطن وكرمهم وحرصهم على الآخر ولكن هذا المجهود اذا لم يكون في اطار استراتيجية متكاملة ومدروسة فانه لا يستطيع وحده مواجهة هذه الأزمة. ان هذه الازمة لن توفر احدا من قطاع خاص او حكومي ولذا فان الشمولية في التعاطي مع الامر هو مفتاح حل ومدخل ثقة لكل من لديه خوف وحرص على هذا الوطن. اسمح لي سيدي ان اطالبك بان يكون الى جانبك مجموعة من الحكماء والمفكرين والخبراء الاقتصاديين من ابناء هذا الوطن الذين لديهم الخبرة والحنكة لوضع الخطط والمقترحات لمجابهة الازمة ووضع الحلول القابلة للتنفيذ، وهذا لا يهمش من حكومتكم، فحكومتكم مثقلة بالمشاكل اليومية المترتبة على هذه الازمة ومثقلة ايضاً بالمهام التنفيذية اليومية مما لا يترك لها مجالا لعصف ذهني او لوضع الخطط والاستراتيجيات. ومن جانب آخر فان وجود هذا الجسم من الحكماء بعيدًا عن أي منافع مادية أو سياسية سيقدم افكارا خارج الصندوق بل وقد يفتح قنوات وجسور اتصال مع الجهود والقدرات في الشتات. نحتاج الى حكماء ومفكرين وخبراء ليضعوا زبدة خبراتهم أمام الوطن واسمح لي ان اطالبك بالابتعاد عن الاطر التقليدية التي لا تضع سوى افكارا سقفها الفصائلية والكوتا والتي لن تخرجنا ابدا من الازمة مع احترامي للجميع. المشكلة ليست سياسية بل اقتصادية بحاجة الى فكر اقتصادي متنور من خبراء البلد والخبرات الفلسطينية في الشتات ورأس المال المحلي وفي الشتات. انني اقترح ان يكون تشكيل مجلس الحكماء اولوية بعيداً عن اي فصائلية ومصالح مادية وسياسية همه الاول والاوحد مساعدة الوطن على الخروج من هذه الازمة والنهوض بمقدرات الوطن. كما ان مجابهة آفة الكورونا اولوية فان الحد من آثارها الاقتصادية اولوية اكبر وعلى نفس القدر من الخطورة ان لم يكن أخطر. ان هذه الآفة ستنتهي كما تنتهي دورة حياة اي فيروس قاتل ولكننا نضع علامة تساؤل كبيرة حول النجاة منها اقتصاديا والثمن السياسي الذي سندفعه لمن سيلقي الينا بطوق النجاة واشدد على خطورة هذا الثمن. اننا نأوي الى اسرتنا ليلا على وقع اجتياحات واعتقالات غاشمة وطوش وجرائم اجتماعية ولسنا الا في بداية الطريق. نسأل الله التوفيق لكم في مساعيكم ونشكركم على سعة صدركم في هذه الأيام العصيبة.