السبت: 27/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

أدين قاتل عائلة دوابشه لأنه لم يكن هناك خيار آخر

نشر بتاريخ: 20/05/2020 ( آخر تحديث: 20/05/2020 الساعة: 02:07 )

الكاتب: ترجمة: أمين خيرالدين

جدعون ليفي

هآرتس، 19.5.2020 ترجمة: أمين خيرالدين

من ساحة المدرسة الوحيدة في العالم المُسمّاة على اسم طفل خرجث في أوائل شهر سبتمبر/ ايلول 2015 جنازة الأمّ الثاكلة بطفلها، وقد فارقت الحياة بعد ستّة أسابيع من موته. وُضِع جثمان ريهام المحروقة وسط ساحة المدرسة، وقد أحاط بصمت أبنا قريتها النائية بالجثّة على شكل دائرة. بقي وجهها فقط سالما وهادئا. أحترق جسمُها كلّه. ماتت ريهام بذكرى ميلادها ال- 27؛ وقبلها بأربعة أسابيع توفّى زوجها سَعْد من الحروق، في الذكرى السنوية لزواجهما؛ ابنهما علي، ابن السنة والنصف، مات أوّلاً، وقد سُمّيَت المدرسة على اسمه. جميعهم ناموا ليلة أل- 31 من سبتمبر/أيلول 2015 في بيتهم الصغير في دوما وفيه احترقوا وماتوا. فقط أحمد، ابن الرابعة، بقي في حالة صعبة، جمرة متبقية من النار

أُدين اليوم (الإثنين)عميرام بن أوليئيل بثلاث جرائم قَتْلٍ، وبجريمَتَي محاولة قتلٍ، وبجريمَتَي إحْراق وبجريمة تنظيم عصابة للقيام بجرائم بدافع عنصري. هذا المُرمِّم الشاب، وقد وُصِف بذي "أيدٍ من ذهب"، تلميذ إليعيزر برلند، و"بفتى التلال". وُجِدَ مُذْنبا وسيصدر الحكم عليه قريبا. حسب قرار الحكم وصف بحُثالة البشر، حثالة مع قبّعة دينيّة وسوالف. لم تستبعد المحكمة المركزيّة في اللد إمكانيّة أنّه يتستّر على مجرم آخر لا زال يتجوّل طليقا: أحد سكان القرية أفاد بشهادته إنه رأي شخصَيْن يتحرّكان في ظلمة تلك الليلة. عندما زُرْتُ البيت الذي أحرقه بن أوليئيل بمَنْ فيه، كانت لا تزال تفوح رائحة الدُخان في اللهواء. كان جهاز التلفزيون مُذابا، وجهاز الميكرو مُتَفَحِّما، كانت تقف عربة الطفل علي الذي احترق في وسط البيت الصغير، مُغطّاة بعلم فلسطين، كنُصُب تذكاري له. وقد وضَعَ عليها شخصٌ ما صورة عائلية قد تجد مثلها على الثلاّجة في كلّ بيت، وكل مّن في الصورة كان ميتا.

الملف الجنائي الخطير 16-01- 932: دولة إسرائيل ضدّ ع’ بن أوليئيل. في الحقيقة ثمّة أمكانية لتنهيدة بالراحة، وحتى إحساس بالرِضى والاعتزاز. العدل يتحقّق، والمُجْرِم يُدان، والسلطات القضائيّة عملت كما يجب،على الرغم أن الضحايا فلسطينيون والقاتل يهودي. في الواقع، حتى عقارب الساعة المُعطّلة تشير مرتين في اليوم على الوقت الصحيح، امس كان واحدا من هاتَيْن المرّتَيْن. المرّة الثانية، إذا أردْتم، كانت يوم أدين قَتَلَة محمد أبو خضير. في هاتَين الحالتَيْن تصرّفت إسرائيل وكأن الجهاز القضائي فيها يعمل بالمساواة وبالعدل. لكن الساعة كان ولا تزال مُعَطّلة، حتى لو أشارت عقاربها هذه المرة بدقة متناهية، وليس صدفة أن يأتي بن أوليئيل ويوسف حاييم بن دافيد، قاتلُ أبو خظير، من هوامش مُعسْكر اليمين .

إحراق عائلة دوابشه من دوما: أدين عميرام بن أوليئيل بثلاث جرائم قَتل

قررت المحكمة المركزيّة بأن القاصر المتهم في ملف قَتْل عائلة دوابشه عضو في منظمة إرهابيّة

قررت المحكمة المركزية بأن القاصر المتهم بقتل عائلة دوابشه شريكا في التخطيط للجريمة

ليس صدفة أن يشترك بالجريمتيْن قاصران. إنهما من طحالب جدار مشروع المستوطنات والتعديات، هذه الأورام الهمجيّة التي تدرّب الباقين. وليس بالصدفة أن هاتَيْن الحالتين الموضحتَيْن كانتا مروِّعَتَيْن بشكل خاص، لهذا حضيتا بتغطية نادرة في الإعلام الإسرائيلين، رغم الهويّة القوميّة للضحايا. أن تشعل النار بطفل وهو على قَيْد الحياة، أوأن ترمي زجاجة حارقة داخل بيت عائلة مُسْتَغْرِقة بالنوم، لا يمكن التستر أكثر، التمويّه، الدحض، أو التنكّر، حتى لو كانوا فلسطينيين،وحتى في إسرائيل. هنا لا الأمر يتعلّق بجنود يطلقون النار على فتاة تحمل مِقصّا، او بعقيد يُطْلق النار على ظهر فتى يحاول الهروب، أو بمستوطنين يحرقون حقولا أو يهاجمون رُعاة أغنام. هذه المرة لم يكن ثمة خيار. كان يجب أن يجري تحقيق، وأن يُقَدّمَ للمحاكمة وأن يُعاقب. هذه المرة فرقعوا بألْسِنَتِهم بصدمة مُفْتَعَلَة، بما في ذلك رئيس الدولة ورئيس الحكومة. لم يبق لجهاز المخابرات (الشاباك) وللشرطة خيار غير البدء بالعمل الجاد، وأن كان هذه المرة خلافا لعادتهم. عذّبوا بن أوليئيل . تقريبا كما يُعذِّبون فلسطينيّا ، ولم يكن ذلك من الضروري أن يحدث. واضح أنهم لم يهدموا بيته، كما يُنكِّلون منذ زمن طويل بعائلة مُخرِّب فلسطيني- وحسنا أنهم لم يفعلوا ذلك. ولم تُسْمَع هذه المرّة نِداءات تطالب بحكم الإعدام، ومع ذلك، هو يهودي.

دم عائلة دوابشه يصرخ عاليا هذه المرة من بيتها المحروق، كما لم يرتفع مرة من بيت ضحايا فلسطينيين، وهذه المرة لم يكن بالإمكان إسْكاته.

19.5.2020