السبت: 20/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

فلتكن الأغوار محطّ الاهتمام

نشر بتاريخ: 12/06/2020 ( آخر تحديث: 12/06/2020 الساعة: 19:34 )

الكاتب: صادق الخضور

هي الأغوار المعروف عنها ارتفاع حرارتها تطلب منا رفع حرارة الروح للإبقاء عليها فلسطينية وحمايتها، وهو ما يتطلب إستراتيجية عمل واضحة المعالم، وحسنا فعلت الحكومة الفلسطينية حين تبنت التنمية بالعناقيد الزراعية لمنطقة تشكل الزراعة عنوانا لها، والأرض جوهرا لمضمونها، في حين يمثّل كل مزارع ومواطن هناك حارسا لها، ليكون أهل الأغوار سدنة لمنطقة مترامية الأطراف، تمتد أراضيها امتداد الانتماء في نفوس كل الحريصين على حماية مشروعنا الوطني، ومن هنا بات لزاما أن تكون الأغوار محطّ الاهتمام.

تحضر الأغوار في توقيت لم يرتق فيه الاهتمام فيها على الأرض إلى الحد المأمول؛ وهنا يسجّل أن الكثير من جهود عدد من المؤسسات غير الحكومية لم تركز على الأغوار، فقد فاق الاهتمام الحكومي الرسمي بالأغوار ما عداه من اهتمام مؤسسات القطاعين الأهلي والخاص، وحتى لا نواصل الدوران في حلقة مفرغة من الحديث، وبواقعية يمكن القول إنه كان بالإمكان أفضل مما كان في التعامل مع الأغوار لتعزيز صمود المواطنين فيها، وهو ما كان يستوجب من عديد المؤسسات عدم تركيز جهودها على مناطق مركزية دون غيرها.

في إطار تنبّه الحكومة الفلسطينية للخطر المحدق بالأغوار؛ شهدت السنة الأخيرة جهدا حكوميا موجها يرمي إلى الانتصار لواقعية العمل، ورغم الأزمات المتتالية التي واجهتها الحكومة إلا أنها واصلت استحضار الأغوار في عديد الخطط والبرامج.

الأغوار الآن على المحك، وهي تشكّل جوهر ما يسعى الاحتلال إلى ضمّه من مناطق فلسطينية، والرهان الأول على صمود المواطنين على أرضهم، وكم كانت الفعاليات الشعبية التي سبقت جائحة كورونا مما عبر عن التنبه لحجم الخطر الذي يتهدد الأغوار؛ فالامتداد السياسي للأغوار بما تشكله من عمق إستراتيجي يتجاوز حتى الامتداد الجغرافي لمنطقة تشكّل واجهة تطل من خلالها على مناطق مجاورة، وبالتالي فإن استهداف الاحتلال للأغوار يندرج في إطار مقصود بعيدا عن العشوائية كما قد يظن البعض.

في إطار ما سبق؛ وجب التركيز على تواصل الخطوات المدروسة التي تؤسس لإرساء دعائم التصدّي لمخططات الاحتلال، وهو ما يتطلب من الكل الفلسطيني إسناد جهد الحكومة، وتجاوز ما حملته جائحة كورونا من مؤشرات غير مطمئنة عن جاهزية بعض مؤسسات القطاع الخاص لتوجيه مقوماتها باتجاه ما يعتبر حاجة للحكومة، مع التقدير لمن بادر وآزر، لكن بالتأكيد فإن أقل ما يمكن تقديمه هو الانخراط الجدّي في الجهود الحكومية، مع التركيز على أهمية الاستثمار في المقاومة الشعبية، والتركيز على الجانب الإعلامي الذي نخاطب فيه العالم لوضعه في صورة التفاصيل لعل ذلك يكون سببا في تحمّل العالم مسؤولياته للجم ممارسات سلطة الأمر القائم بالاحتلال، فالأمر يستوجب أيضا من المؤسسات الحقوقية والقانونية أن تطور منهجيات عمل ترتقي لمستوى التحدي، فالتخصصية والتكاملية عنصران لا بد من تبنيهما بالتوازي لتشكيل جبهة داعمة لخطوات العمل الكفيلة بتعزيز صمود المواطنين.

الأغوار لن تكون خاصرة طرية، فتربتها كما كل مزروعاتها، وقبل هذا وذاك حضور المواطنين المتجذرين فيها؛ كلها عوامل تتآلف لتجعل من الأغوار حائط صد، وصخرة تتكسر عليها كل محاولات الاحتلال لبسط نفوذه على منطقة تحظى بأهمية جغرافية وسياسية واقتصادية.

الخلاصة: المرحلة جدّ خطيرة، والتكامل مطلوب، والإسناد مهم، والموقف جلل، ولا مجال للتعامل مع الأمر بسين التسويف، ومعا نحو التأسيس لجهد وطني جامع يتيح تمتين التدخلات لتكون فاعلة، وبما يسند مواقف القيادة الفلسطينية وجهودها وهي تخوض المواجهة على جبهات عدّة، فالتحديات الماثلة في الطريق معقدّة، لكن التجارب علمتنا أن صلابة الجبهة الداخلية تفضي إلى صلابة المواقف.