الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

ناصر اللحام دونكيشوت الفلسطيني يُغمد سيف الحقيقة ويصنع سيفا من خشب

نشر بتاريخ: 30/06/2020 ( آخر تحديث: 30/06/2020 الساعة: 17:27 )

الكاتب: أحمد البديري



ليس مجرد صحفي أو كاتب بل نبراس للحقيقة التي لا تريد النخب أن تراه أو تسمع بكلامه الصادق الجارح الجريء والاهم الذي يضع المواطن قبل مصلحة المتسلقين عليه. اتخذ قرارا بوقف برنامجه الأكثر متابعة فلسطينيا ليس بسبب قلة التمويل أو بقرار من جهات أمنية بل ببساطة لان النخب لا تريد ان تسمع به. فجرت سفنهم السريعة الممولة والمدفوعة لسحبه بعيدا عن بحر الظلمات الذي حاول أن ينير فيه النبراس أو حتى شمعة من زيت فلسطيني.

له علاقات متميزة بحكم عمله مع صناع القرار بمختلف المستويات تماما كأي صحفي مجتهد يسعى للوصول للحقيقة. لكننا لا نعيش في السويد إنما في بيئة المحاور والتحالفات والصراعات على فتات ما كان يمكن ان يكون الحلم الفلسطيني الذي تلاشى منذ زمن. لكن اللحام فكر ان الحلم قد يتحقق ولو بعد حين وطبعا كان مخطئا. طالما ترجم وعلق على الصحافة الإسرائيلية التي تتميز بالاستقلالية ولربما دون أن يدري ظن انها الحقيقة وهكذا هي الصحافة في منطقة الحلم ولهذا استدرك وفهم ان منطقة الحلم تلاشت وهو يعيش في بيئة التخوين والتهديد والتعنيف والأخطر أن قول الحقيقة تهمة ويحاسب عليها من قبل ظلاميين يدّعون انهم الوطنيون وهم الابعد عن الوطن إلا اذا ظنوا ان الوطن فتات أنظمة عربية متهالكة.
أي اعتراض أو انتقاد هو اعتداء على المشروع الوطني وحتى النوايا الحسنة لا وزن لها مقابل ذاك المشروع الذي لم يبقى منه الا الاسم الجميل فقد لوثه أولئك الذين تسلقوا على تاريخ شعب فلسطيني أصيل. قد تختلف أو تتفق معه لكن أحدا لا يملك الجرأة ان يرميه بتهم الوطنية ويسمي نفسه علنا. أحدا لا يملك الشجاعة ليقول أن الناصر مرتزقة أو متسلق أو انتهازي ويسمي نفسه.
لماذا دونكيشوت لانه الفارس الهولندي الذي حارب طواحين الهواء العملاقة ظنا منه انها أعداء الوطن. لم يترجل الفارس ولن يترجل قريبا لكنها استراحة محارب شرس نواياه حسنة فلا هو تاجر بالقضية ولا اخذ لنفسه منصبا أو تعيينا لأقاربه أو سرق مالا. حاول أن يصلح الوطن بالكلمة بالنصيحة بالتحذير لكنهم لا يريدون ذاك فهم يصنعون سمعة لوطن وردي لا أخطاء فيه ولا انتقاد فهم كالكهنوت وحرام انتقاد النص أو الشخص فهي من الكبائر.
صنع اليوم له سيفا من خشب تماما كما فعل الصحابي سعد بن ابي وقاص الجنرال المسلم ابان الفتنة بين علي ومعاوية كي لا يقع سعد في فتن الدم وهو الجنرال الاقدر على خوض الحروب.
ناصر ترك سيفه الحديدي وهو قلم الحبر واختار سيفا مختلفا ولكن السيف الحديدي مازال في مكتبه بين صفحات الورق التي كتب عليها تاريخا فلسطينيا عاصره واعتصره في آن. دونكيشوت كان في زمن العصور الوسطى بل في آواخرها ولعل اللحام يدرك ان الزمن الجميل الذي عاش فيه ابان الانتفاضة الأولى ولى بلا رجعة ولن يرجع الزمن للوراء ولهذا صنع لنفسه سيفا من خشب كي لا يخوض مع الخائضين ويكذب مع الكاذبين وينافق مع المنافقين.
سنكذب ونقول نحن في آخر فصل من فصول كتاب مشوه والمقبل صفحات الانتصارات والإنجازات ولكن أحدا لن يصدق الكذبة فالكل فهم وعرف واقتنع ان الكتب تكتب لتشترى لا لتوزع مجانا لأنها تؤثر تماما كلسان اللحام الجارح الذي يحمل في مفرداته صوت عجوز فلسطيني صلب يجلس على قهوة شعبية يحدث احفاده عن الوطن الذي حلم به وكلما انشغل حفيده نهره وصاح عليه كي يتورع وينتبه. لكنهم فتية وأطفال والعجوز يحكي كثيرا, قصص لعلها صادقة ولعلها من نسيج خياله الوردي أو حتى قصص الهزائم ومن أين أتت ومن جاء بها ليتعظوا بها. فلا هم استفادوا ولا هم أفادوا غيرهم وتركوه على القهوة يروي ويحكي والدموع في عينيه وهو يقول يا ليت قومي يعلمون.

* إعلامي فلسطيني