الجمعة: 26/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

تأملات : ما بين موجتين

نشر بتاريخ: 07/07/2020 ( آخر تحديث: 07/07/2020 الساعة: 00:15 )

الكاتب:

صادق الخضور

في الموجة الثانية من تفشي الوباء، تتسع الدائرة هذه المرّة، والمعطيات مرّة...أعداد بالمئات، والسبب الرئيس كامن في عدم الالتزام بالضوابط وبالتعليمات، وبالإصرار على طقوس المناسبات، والوضع يفوق الإمكانيات، ومطالبون نحن بعديد المواقف والوقفات.

ثمة من يتبنى التشكيك في نهج كل من يُشيد بمواقف الجهات الرسمية، معتبرين أن الإشادة وثقافة الشكر تندرج في إطار المجاملة، وثمّة من هو معني بوجود فجوة بين المواطن والجهات المسئولة، البعض يعزف على وتر تعميق أزمة الثقة، صحيح توجد إخفاقات أحيانا، لكنها بالتأكيد ليست مسوغا للتشكيك، ومن حقّ من يعمل علينا أن نقول له شكرا، مع التأمل بأن يكون الأداء أفضل دون تناسي واقع الإمكانيات.

ما بين الموجة الأولى والثانية، نسأل: ما الذي قمنا به؟ والسؤال يشمل طبيعة التدخلات والتجهيزات والممارسات، والملاحظ أن موجة الانفتاح الاجتماعي والتوسع في الطقوس المرافقة للمناسبات الاجتماعية ألقت بظلالها على مجمل ما واكب المشهد من انفلات العقال.

في الموجة الثانية كما في الأولى، علينا تذكّر أننا أحوج ما نكون إلى التعامل بمنطق تحمل المسؤولية بدلا من تحميلها هو المطلوب، بالتوازي مع ضبط إيقاع أي كلمة أو تعليق على مواقع التواصل الاجتماعي، ومحاربة الإشاعات، وترك الأمور لذوي الاختصاص.

حالة التنمر تزداد، وهو ما يدفع بعض المخالطين لعدم الإقدام على الفحص، ألهذا الحد وصلت بنا الحال؟ ولماذا؟

حالة التندّر تتواصل، والاستخفاف بالوضع يسود... غريب هذا النهج إذ يطغى ويسود.

الحاجة ملحة لأن ندرك أن المسؤولية جماعية وفردية، رسمية وأهلية...عشائرية ومؤسساتية.. ودون ذلك سنظل ندور في حلقة مفرغة من تبادل الاتهامات حيال من يتحمّل المسئولية.

أقلام مشبوهة تنشط بالتزامن مع الوباء؛ المضمون والتوقيت موضع شك، وإذا كان الوباء غير معروف المصدر بالتحديد، فمصادر بعض هذه الأقلام معروفة!!

ما بين الموجة الأولى والثانية يمكن القول إنه كان بالإمكان أفضل مما كان، والخلل كامن في تفسير البعض أن تجاوز مرحلة ما يعدّ انتصارا... وهذا غيّب إلى حد كبير ضوابط الالتزام الفردي، فقد اعتدنا على عدم تقبّل أننا قد لا نكسب أي مواجهة، وعندما يسود العناد تتوارى واقعية التحليل وحكمته..هنا يمكن استحضار حالات الانتحار في قطاع غزة باعتبارها تتويجا لحالة، لكن -وبلا شك- تسليم البعض بذلك استحالة.

ما بين الموجة الأولى والثانية، تواصل المؤسسة الرسمية جهودها؛ لكن إصرار البعض على التشكيك في جدوى ما يتم القيام به إنما يستهدف إفشال الجهد كله، لتكون ممارسات البعض، وكتابات البعض الآخر؛ بمثابة طعنة في خاصرة الجهد الهادف.

ثمة أقلام مشبوهة...بات ذلك واضحا للعيان، المشكلة ليست فيمن يكتب فقط، بل وفيمن يتداول أي آراء مشبوهة؛ تحاول النيل من الجهد المبذول ولا نقول الإنجاز لأن التحديات لم تنته بعد، وعلينا تجاوز نمطية استعجال إصدار الأحكام، صحيح أننا لم ننجح بعد، لكننا في الوقت ذاته لم نفشل، فرأفة بواقعنا أيها المصرون على إصدار الأحكام جزافا ومع سبق الإصرار والترصد.

صحف خارجية كبرى تداولت مؤخرا آراء سلبية منسوبة لكتّاب ومفكرين عالميين تخص الشأن الفلسطيني؛ ليتبين بعد التحقق أن الكلام محض افتراء، فالمفكرون لم يقولوا ما نُسب إليهم...فلماذا؟ ألا تشكّل هذه الأحداث منطلقا للمراجعة؟

ما بين الموجة الأولى والثانية ما يمكن استخلاصه، وحين يكون المكان هو فلسطين المهددة بالضم، والزمان هو زمان استهداف القيادة الرافضة للضم، فحينها علينا ألا نتناول ما يتم باعتباره مسلمّات، وعلينا عدم تداوله بمعزل عن " الزمكان". وللقيادة المواصلة ثباتها، وللجهد الحكومي المخلص المواصل العمل رغم كل التحديات؛ خالص الدعاء بالتوفيق.