الخميس: 18/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

الجماعة والأوطان .. أضداد لن تلتقِ

نشر بتاريخ: 28/07/2020 ( آخر تحديث: 28/07/2020 الساعة: 15:57 )

الكاتب: ميساء أبو زيدان

ما هو الدور الذي ستؤديه الجماعة في الأردن ولصالح مَن؟ كان السؤال الذي لَخّصَ حديثاً دارَ بين رجلين في إحدى الجلسات في العاصمة عَمّان ببداية تسعينيات القرن الماضي. ربما كان هو ذات التساؤل الذي بقي مطروحاً على طاولة النظام السياسي في الأردن وبِرسم توجهات الجماعة وواقع سلوكها منذ أن منحها مجلس الوزراء الأردني عام 1946 الموافقة على ترخيصها كجمعية مارست مختلف النشاطات الدعوية والإجتماعية لجانب صياغتها مواقفاً دعمتْ العديدٍ من الثورات العربية، لكنها رسخت دوراً سياسياً لها فور مشاركتها في الإنتخابات التشريعية عام 1963.

الجدير بالذكر أن عبد اللطيف قورة كان أول مَن فكّر بإنشاء الجماعة في الأردن بعد أن انخرط في الهيئة التأسيسية لجماعة الإخوان في مصر ذات الوعاء الفكري الذي أوجده حسن البنا جوهره إقامة الدولة الإسلامية الكبرى وعبر منهجيات متعددة أهمها (التمكين ومن ثَم التغيير). وبينما تنادي جماعة الإخوان المسلمين للإصلاح والتغيير تمهيداً لإنجاز هدف الجماعة الأساسي الديني الصبغة؛ نجد أن معظم المراجعات الدينية والفكرية حتى السياسية تفند طرح الجماعة فالدين الإسلامي الحنيف نبذ استخدام العنف والترهيب كوسيلة جهادية لطالما تبنتها الجماعة تاريخياً الحال الذي شهدناه في قطاع غزة ومصر منذ بدايات العِقد الأخير. أما فكرة الوطن فهي غير واردة في حساباتهم السياسية (العابرة للأصول) والتي تطرح الجماعة البديل الإسلاميّ لنظام الحكم في الدولة، حتى أن أصول العمل البرلماني غير مقبولة لديهم فالآخر في عقيدتهم هو معارض للإسلام إن عارضهم حسب فكرهم المرجع ولنا في ما يحدث بتونس مؤخراً خير مثال.

ربما تمايزت العلاقة بين جماعة الإخوان والنظام السياسي في الأردن عن غيرها في البلدان العربية الأخرى، كونها استندت لمجموع الفرص التي منحتها أنظمة المملكة السيادية للجماعة على اعتبار أنها جزء شريك في مكونات المنظومة الإجتماعية والسياسية والذي قوبِل بالمهادنة والترقب من طرف الجماعة. لكن المتتبع لتاريخ هذه العلاقة يدرك مدى استعياب ونفاذ بصيرة صنّاع القرار في الأردن مقابل محاولات جماعة الإخوان المسلمين لتكريس نظاماً موازياً للدولة القائمة يبرز ذلك في مجموعة الأدوار التي تمارسها بدءاً من الدور الدعوي مروراً بالخيري والإقتصادي وصولاً للحزبي والسياسي، وإلا فما هو مدلول امتلاك أقطاب في الجماعة استثمارات تفوق المليار دولار في بلد يعاني أزمةً اقتصادية خانقة! وما هو تفسير تلك المبادرة السياسية التي أطلقتها الجماعة عام 2010 جاء في مضمونها تقليص صلاحيات ملك الأردن مقابل زيادتها لحكومة برلمانية القرار!

ما اتخذته السلطة القضائية مؤخراً بخصوص الوضع القانوني لجماعة الإخوان هو شانٌ داخلي وإعمالاً لسيادة الدولة الأردنية والذي من غير المقبول البحث فيه أو التأويل، لكن تبرز الحاجة مُلّحة هنا للإشارة إلى مسألة هامة ترتبط باتخاذ جماعة الإخوان المسلمين في الأردن القضية الفلسطينية بوابةً تُمَكنها من مفاصل النظم المُكوِّنة للمجتمع الأردني خاصةً الإجتماعية والثقافية. ولعلّ مجمل الخلافات التي دارت داخل الجماعة دللت على اتخاذ الشأن الفلسطيني مبرراً لمعظمها والتي وصلت حد تقسيم الجماعة لحمائم وصقور، الصقور الذين ارتبطوا بعلاقة وثيقة مع نظرائهم في فلسطين الأمر الذي مهد لحركة حماس الطريق لتفكر بتطوير العلاقة مع الأردن ملكاً وحكومةً، في ذات الوقت الذي تعتمد فيه الحركة على توجهات ومواقف الجماعة في تركيا ومصر مرجعاً لها، ذات الجماعة التي صدحت عقوداً تنادي لتحرير الأقصى دون القدس المدينة العربية الهوية الفلسطينية الجذور؛ القدس التي لم تُسند بخلاف الموقف العروبي الأردني والوصاية الهاشمية.