الأربعاء: 17/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

هل سيحرق نيرون أميركا المعبد "البيت الأبيض" ليعيد بناءه في القدس؟

نشر بتاريخ: 16/09/2020 ( آخر تحديث: 16/09/2020 الساعة: 15:11 )

الكاتب: الصحافي حسن عبد الجواد

قد يبدو لمن يرغب ويحلم، أن التطبيع الإماراتي والبحريني، وما بعده، يشكل خشبة الخلاص لدونالد ترامب في معركته الانتخابية مع بايدن، باعتباره انجازا تاريخيا، وفرصه للاستقرار والسلام الاقتصادي في المنطقة، كما يحب أصحابه أن يصفوه، لكنهم ينسون أو يتناسون، أن هذا التطبيع كان موجود وحاضرا تاريخيا، وغير معلن رسميا فقط، بعد رحيل الزعيم العربي الكبير جمال عبد الناصر. وما الإعلان عنه والترويج له في هذه الفترة، ليس سوى تنفيذ واستجابة لازدواجية حماية المصالح الإستراتيجية المشتركة بين ادارة ترامب وإدارة نتنياهو، وتحالفهما مع اليمين النفطي والاستبدادي العربي، الذي يشعر كما يراد له، بمخاطر تهدد وجوده ومصالحه النفطية والسياسية.

الإمارات والبحرين ومن لف لفهما، ليست سوى بنية مشيخات تحكمها شركات العائلات والعشائر، ولا علاقة لها من قريب أو بعيد بالديمقراطية والانتخابات، ولا حتى بالتطور الحضاري والاقتصادي الحقيقي الذي يعتمد على الإنتاج والتصنيع والعمق الحضاري في التاريخ، وهي وعروش أمرائها في أحسن الأحوال وكلاء وأدوات في أسواق استهلاكية لمنتجات غيرهم، وتقديم الخدمات التجارية لمنتجيها.

وأكثر من ذلك، فان الإعلان عن علاقات التطبيع المبرمج أمريكيا وإسرائيليا، ليس سوى استجابة مفروضة قسرا ومطلوبة من هذه الدول لخدمة رؤية وبرنامج ادارة ترامب، في الانتخابات التي يقودها باسم الحزب الجمهوري، في مواجهة الحملة الانتخابية للحزب لديمقراطي، التي يقودها بايدن.

نظرية حافة الهاوية:

إن ترامب، الذي يتصرف بالعالم، وكأنه نيرون عصره، مستخدما نظرية حافة الهاوية " حافة الحرب " لم يحقق سوى الفشل الذريع، منذ تسلمه رئاسة الولايات المتحدة، وهو الذي أشعل العالم دون هوادة، وقرر مستخدما أدواته إحراق بيروت، لحساب المواني الإسرائيلية والخليجية وبديلا عنها، وفتح ملفات الأزمات العالمية والإقليمية، منذ بداية رئاسته دون أن يغلقها، مع الصين وروسيا وكوريا الشمالية وإيران وفنزويلا وسوريا واليمن وتركيا والعراق وليبيا ولبنان، ومع دول الاتحاد الأوروبي، وصولا إلى المجتمع الأمريكي الذي ضاق ذرعا بعنصريته ونرجسيته ومكابرته وكذبه الذي لا يتوقف.

واليوم يحاول أن يقنع العالم بأنه رجل سلام يستحق الجوائز، ولا يخوض الحروب، بفرضه على من استعبدهم من سلاطين الخليج النفطي، والحكام الطارئين في العالم العربي، مقابل استمرار حماية عروشهم، بترسيم التطبيع والتحالف مع إسرائيل، وكان ذلك شيئا جديدا في معادلة السلام والحرب في المنطقة، بينما يهدد بحرب أهلية، ويبشر بانهيار وخراب اقتصاديات الولايات المتحدة، و بحرق المكانة التاريخية والأخلاقية للبيت الأبيض، لحساب المعبد المزعوم في القدس، إذا فشل في الانتخابات القادمة.

الورقة الأخيرة:

والملاحظ اليوم، أن لغة الرئيس الأمريكي، اختلفت إلى حد كبير، مقارنة مع السنوات الثلاث الماضية، فهو لم تعد لديه المساحة الكافية من الوقت لإدارة سياساته ومصالحه، كما لم تعد لديه في إدارته الأدوات الناجعة، بعد أن استثمر وفرط فيها، وأصبحت تشكل عبئا ثقيلا عليه فيما بعد. ولم يعد أمامه سوى استكمال رؤية خدمته للمشروع الصهيوني، بمزيد من القرارات القسرية على الشعب الفلسطيني "صفقة القرن، الضم في الضفة والجولان، منح القدس عاصمة لإسرائيل، والتطبيع والاسرلة ". ولذلك ليس من المستغرب في الأسابيع القادمة، أن يخرج عن مساره، ويتحول إلى استخدام لغة أكثر نفورا وعدوانية ضد إيران، في التعبير عن رؤيته و برنامجه، واقل اعتمادا على مستشاريه، كلما اقترب موعد الانتخابات، فهو يحاول إقناع نفسه بأنه يحقق نجاحات في ورقته الأخيرة مع سلاطين التطبيع الذين يتعامل معهم منذ ترأس ولايته، كأدوات وأمراء حرب، ولا جديد في ذلك، وهو ما ينطبق على علاقته مع صاحب البيت المتصدع "نتنياهو" الذي يتزعم اليمين الصهيوني، ويسعى لإنقاذ رقبته، بمزيد من ترسيم لاتفاقيات التطبيع الموجودة أصلا منذ عقود، على حساب الحقوق الفلسطينية، من حبل الإعدام السياسي.

من الواضح إن ترامب يتعامل مع إسرائيل كأيقونة والدجاجة التي ستبيض له ذهبا، في الانتخابات الأمريكية، وهي رهانه الأخير والوحيد على كسب أصوات اليمين الصهيوني وحلفائه في أميركا وإسرائيل والخليج والمنطقة تحت وهم الحماية لعروش النفط ، بقيادة نتنياهو. وهو يعمل وعائلته، أكثر مما يعمل مع مستشاريه الذين تخلى عنهم.... لخدمة المشروع الصهيوني وكيانها إسرائيل، كأنه رئيسا وملكا لها، أكثر مما يعمل لأميركا، التي داس بسياساته على أهم قيمها الأخلاقية والحضارية، التي نادي بها أسلافه من الرؤساء، في صراعه الانتخابي بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي.

إن ما يحاول ترامب وشريكه نتنياهو صنعه و رسمه في الساعات الأخيرة، ليس أكثر من خطوط معروفة وغير مستهجنة ولا مستغربة، وهي ليس انتصارا إلا على أصحاب التطبيع والمتآمرين. وفلسطينيا فان ذلك سيكون حتما، بمثابة عودة الوعي والروح الفلسطينية والعربية والأممية للقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، بالرغم من حجم المؤامرة .