الأربعاء: 24/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

حماية زيتوننا وأرضنا واجب مقدس

نشر بتاريخ: 15/10/2020 ( آخر تحديث: 15/10/2020 الساعة: 12:56 )

الكاتب: رولا سلامة

كثيرة هي اللحظات بل الساعات التي أغوص فيها لأعود للذكريات وما أحوجنا في هذه الأيام أن نعود للتاريخ لنستذكر أيام العز والنضال وأيام الكرامة وايام التفاني لخدمة الوطن وأيام العمل التطوعي الحقيقي وأيام الوفاء والوحده وأيام تشكيل اللجان على اختلاف أشكالها وتخصصاتها وأقصد هنا فترة الانتفاضة الأولى ( انتفاضة الحجارة ) واللجان الكثيرة والمتعددة منها الصحية والتعليمية والاجتماعية والزراعية وغيرها ، وما أحوجنا أن نشحذ الهمم والطاقة الايجابية من الماضي وذكرياته ، ليس لنعيش فيه ، فكل ما رحل لن يعود ونحن واهمون ان اعتقدنا غير ذلك .

فنحن الأن في موسم قطف الزيتون حيث أن أكثر من 50% من الأراضي الزراعية في فلسطين مزروعة باشجار الزيتون وتشكل حوالي 20% من الانتاج الزراعي بشكل عام ، وكما هي العادة كل عام يتوجه الصغار والكبار الرجال والنساء نحو الأرض ليحتفلوا بها وبخيرها ، فهذا الموسم الذي ينتظره الفلاح الفلسطيني كل عام ليحصد ما يبيعه من ثمار الزيتون وزيته ويقضي ما تبقى من العام يصرف مما جمعه وباعه وبمعنى اخر أن اعتماد نسبة كبيرة من المزارعين على الزيتون وزيته بشكل كامل طوال العام .

وفي كل عام وفي موسم الزيتون يتعرض المزارع الفلسطيني في مختلف قرى الضفة الغربية لاعتداءات المستوطنين وهجماتهم بحماية من جيش الاحتلال الاسرائيلي الذي يوفر لهم الغطاء لينجزوا ما خططوا له ، في كل عام نسمع قصص كثيرة ، عن سرقة للزيتون بعد أن يتعب المزارع واسرته وأهله بجمعه ، فينقض من لا ضمير لهم على المحصول ويسرقونه ويهربون ، وقصص اخرى تتحدث عن منع المزارعين من دخول أراضيهم بحجج كاذبه هدفها افشال الموسم ومصادرة الأراضي وترويع أصحابها، فيقف المستوطن وأعوانه بحماية من جيش الاحتلال ويمنعوا المزارعين من دخول اراضيهم وقطف زيتونهم، وهناك المئات من القصص التي تروى وتتكرر سنويا ولا حلول لها لغاية الان.

ان أهم الاجراءات الواجد اتخاذها فورا هو تفعيل وتوحيد لجان الحماية والحراسة والمعاونة في قطف الزيتون ، فنحن نذكر قصص أجدادنا وهم يروون لنا قصص العونه ، أو الفزعة ، حيث يهب الجميع لمساعدة المزارعين وأصحاب الأراضي والبيارات وأشجار الزيتون ، فيساعدونهم في قطف ثمار الزيتون وأنواع اخرى من الفاكهة ، وكم سمعنا على مدار السنوات الماضية من تشكيل لللجان التي تقوم بهذه المهمة الوطنية ، فهم يمنعون المستوطنين وجنود الاحتلال من الاعتداء على المزارع أثناء عمله في أرضه كما يعاونونه على قطف الزيتون وجمعه ، وكذلك يكونون عونا لأصحاب الاراضي ، فحين يرى المستوطن العدد الكبير من المعاونين والمزارعين في الأرض لا يتجرأ مطلقا على الاقتراب منهم .

غسان دغلس – مسؤول ملف الاستيطان في الضفة الغربية قال أن جائحة كورونا لم توقف عربدة المستوطنيين واعتداءاتهم بل زادت هذه الاعتداءات وتوسعت وأن قرية جالود – جنوب شرق نابلس تقع في مقدمة القرى المستهدفة بسبب المستوطنات التي تطوقها وقال أن معاناة العديد من القرى في محافظة نابلس وسلفيت ورام الله وكذلك الخليل وبيت لحم وباقي المحافظات مستمرة، وأن الاعتداءات لا تقتصر على موسم قطف الزيتون بل هي مستمرة طوال العام ولكنها تنشط وتزداد خلال موسم قطف الزيتون وأن أعداد المستوطنين في ازدياد مقارنة مع السنوات السابقة .

في كل عام نسمع نفس الكلام ، وننشط أيام معدودة قبل موسم القطاف ، ونحشد الهمم ونبدأ تشكيل اللجان وتفعيل اللجان ، ونشر الشبان في كل مكان يتعرض فيه المزارع لاعتداءات المستوطنين ، فباعتقادي وبعد سماع الاراء حول هذا الموضوع الهام وتحديدا هذا العام وبعد انتشار جائحة كورونا واغلاق المعابر والمطار ومنع دخول المتضامنين الأجانب الذين عودونا أن يكونوا معنا خلال هذا الموسم ليقفوا بوجه هجمات المستوطنين ويوثقوا اعتداءاتهم ويحموا المزارعين وهم يقطفون ثمار الزيتون ، وجب علينا أن نفكر بطرق عديدة كيف نكون سندا وعونا للمزارع أينما تواجد وبالتحديد في مناطق التماس ، قرب المستوطنات وجدار الضم والتوسع ، وعلينا أن نبدأ بوضع الخطط والبرامج على مدار العام لنقف سدا منيعا أمام اعتداءات المستوطنين وهجماتهم ومساندة جنود الاحتلال لهم ، علينا أن نتواجد دوما في الميدان وأن نحمي الأرض ومن عليها ، وعلينا أن نبدأ بوضع خطط عملية وهذا لا يمكن أن ينجح الا بالتواجد الفعلي على الأرض وبالتحديد الأراضي المهددة بالمصادرة وتلك التي تتعرض لاعتداءات المستوطنين باستمرار طمعا فيها ومحاولة للسيطرة عليها وبناء المزيد من المستوطنات ، فترك الأرض دون رعاية وعناية ورقابة ودون تواجد يومي ودون زراعتها وفلاحتها والاهتمام بها ، يشجع المستوطنين على السيطرة عليها ومصادرتها .

أحد المزارعين من قرية صفا في محافظة رام الله قال أن المستوطنين حرقوا مئات أشجار الزيتون بالقرية وأن الموسم قد ضاع عليهم وأن جيش الاحتلال تواطىء مع المستوطنين ومنع أصحاب الأراضي من الدخول الى أراضهم داخل جدار الضم والتوسع لاطفاء النيران ، وأنهم لم يخسروا هذا الموسم فقط بل خسروا أشجارهم والتي يزيد عمرها على عشرات السنين ، وهذا ما علينا وقفه بالتكاتف معا والتواجد على الأرض والوقوف مع المزارع وحمايته ودعمه وتعويضه عن خسارته .

أن كل ما حدث على مر السنين من عمليات نهب وسرقة للاراضي والمحاصيل الزراعية وبالتحديد للزيتون ، اضافة لعمليات قطع الأشجار وحرقها وسرقتها يوجب علينا أن نفكر بخطط كثيرة ويضعنا أمام مسؤوليات كبيرة لنحمي أشجارنا وزيتوننا ونحمي اقتصادنا ومزارعينا ونوفر لهم الدعم أولا والحماية ثانيا والعونه ثالثا ، فلنكن الى جانبهم ونجمع المتطوعين من الشباب لنزرع في نفوسهم التمسك بالأرض فهي كالعرض لا تنازل عنها ولا تفريط بها ، فهي ما تبقى لنا وهي الضمانه الأكبرأن الأرض وما عليها هي لنا ، كانت لنا وستبقى لنا .

الكاتبه : الاعلامية رولا سلامه هي مديرة التواصل الجماهيري والتثقيف في مؤسسة "جست فيجن " ومنتجة أفلام وثائقية ومعدة ومقدمة برنامج فلسطين الخير على فضائية معا . والمدير العام لمؤسسة فلسطين الخير ، المقال من سلسلة مقالات اسبوعية تتحدث عن فيروس كورونا والحياة في زمن كورونا وتأثيره على المجتمع الفلسطيني .