الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

القداسة ، الوعي ، القوة ، الهيبة

نشر بتاريخ: 31/10/2020 ( آخر تحديث: 31/10/2020 الساعة: 12:48 )

الكاتب: عوني المشني



القداسة اهم من الوعي ، والهيبة اهم من القوة ....
الوعي بالمصلحة الوطنية يزداد في الشارع الفلسطيني ولكن الهالة المقدسة التي تلف هذه المصلحة قد هتكت .

السلطة الفلسطينية تمتلك القوة لفرض القانون والنظام ولكنها فقدت هيبتها .
كيف سقطت القداسة عن الفهم الوطني الثابت الاصيل ؟؟!!!!
كيف فقدت الهيبة عن الذي يمتلك القوة وشرعية استخدامها انفاذا للقانون ؟؟!!!!!
كلنا نعلم الاجابة ولكننا لا نجيب
بعضنا يبحث عن كلاشيهات ومفاهيم معلبة ليخفي الاسباب الحقيقية
بعضنا يبرر الرذيلة باحثا عن شبهة للفضيلة حتى يرجمها بالف حجر
بعضنا يهرب من الحقائق الى انصاف الحقائق واشباه الحقائق
بعضنا في فمه ماء فيخرج كلامه همهمات وانات بلا معاني
بعضنا في فمه فتات حرام وخبز حرام وولاء حرام ، يحرم الحلال ويحلل الحرام ويجد من شيوخ السلاطين من يصادق على الفتوى
وبعضنا يزم شفتيه ويهز كفيه ويبحث عن سلامته حتى لو كانت سلامة وهمية مؤقتة
تسمية الاشياء بمسمياتها اشبه بعرض فيلم اباحي ، الكشف عن المستور تدنيس للمعبد ، ربط الاسباب بالنتائج والخروج باستخلاصات منطقية محبط الى حد الرعب .
وفوق هذا وذاك فالكلام الجدي يعتبر تجاوزا خطيرا وغير مسموح به مطلقا لخطوط حمراء قد تودي بمن يفعله الى مهالك لا يعلم بها الا الله .
وما بين صمت محرم وصمت لا مبالي وصمت تم شراءه وصمت مرتعب تستمر حالة الاخفاق وتتعمق ليمسي الفشل الطارئ فشلا مزمنا ودائم ، وتزداد جذوة النيران تحت الرماد لتنذر بحريق لا تطفئه مياه المسئولية ، ويزداد غليان الماء في المرجل مؤذنا بانفجار مؤكد .
وما بين صمت له اكثر من سبب وكلام في الجزئيات والتفاصيل الهامشية تزداد الصورة ضبابية وتمسي القناعات اهم من الحقائق ، والمبررات اهم من البراهين ، والافتراضات اهم من النظريات المثبتة .
فالكلام الكلام ليس كاي كلام ، كلام يستجمع الجزئيات ليشكل منها صورة كاملة ، يخضع الفرضيات للبرهان والدليل ليصل الى نتائج موثقة وموثوقة ، وفي المحصلة ينتهي من التوصيف ليحدد العلة والعلاج .
الكلام الكلام ليس شتائم وتكفير وتخوين ، وليس تبرير وتسخيف وتزوير ، لا ينم عن مواقف مسبقة ولا يستخدم مصطلحات التعويم .
وفي الكلام الكلام اسئلة اكثر من الاجابات ، وهي الاسئلة البسيطة ، المباشرة ، الجريئة ، الواضحة ، والتي على لسان بسطاء شعبنا والذين دفعوا من دمهم ومالهم وعرقهم وحريتهم اثمانا باهظة للدفاع عن وطنهم الذي لا وطن لهم غيره . لماذا يوظف ابناء المسئولين ولا يوظف ابناء الفقراء الا في وظائف دنيا ؟؟ لماذا تذهب المنح الطلابية الجيدة لهؤلاء دون غيرهم ؟؟ لماذا يطبق القانون على الضعفاء ولا يطبق على الاقوياء ؟؟ لماذا كان يعيش بوسطنا متوسط الحال او اقل وعندما تسلم مسئوليته في السلطة اصبح من اصحاب العقارات والسيارات والشركات والاسهم ؟؟ لماذا مرتب البعض يصل الى الاف الدولار واحيانا عشرات الالاف بينما خط الفقر حوالي ثلاث مائة دولار لا اكثر ؟؟ لماذا تنهب شركات الاتصالات المواطن الفلسطيني بطريقة بشعة لا مثيل لها في العالم حيث اننا اغلى فاتورة اتصالات بالعالم وبدون منازع ؟؟ لماذا يطبق قانون التقاعد القصري على اشخاص لا يزيد عمرهم عن خمسين عاما بينا اشخاص في السبعين عاما لا زالوا على رأس عملهم ؟؟ كيف اصبحت بعض الاملاك العامة املاك خاصة لمن هم في الدائرة الاولى وحولها في السلطة ؟؟ ولماذا ولماذا ولماذا حتى كل تفاصيل حياة شعبنا ؟؟ لماذا المحسوبية ولماذا اللصوصية ولماذا التمييز ولماذا التدليس ولماذا النفاق ولماذا الكذب ولماذا الاستزلام ولماذا الصفقات ولماذا التلفيقات ..... والسؤال الاخير الذي يختصر كل الاسئلة لماذا كل هذا الخراب ؟؟!!!
تكثيف تلك الاسئلة الى رؤيا يتم ، ويتم على اكثر من مستوى ، من يريد ان يعرف لينزل من برجه العاجي الى الشارع ويسمع حديث الناس ، ليقرأ ما يكتبه المثقفين والمفكرين من غير كتبة التقارير ، ليدخل الى منصات التواصل الاجتماعي ويرى الحديث الصريح حينا والغمز حينا اخر .
باختصار هناك موقف يتشكل ، المرارة والغضب والعوز والشعور بالظلم كلها اجتمعت في " حالنا " لتشكل موقف مبنى على معطيات ووقائع وشواهد ، وموقف يتطور بتسارع كبير ، العتب امسى تذمر فنقد، فرفض ، فاحباط...... وها هو يتحول الى غضب ، وويل اذا ما انفجر هذا الغضب .
بالمناسبة وقبل النهاية ما يحدث في الامعري وبلاطة وقبل ذلك في مخيم جنين ليس هو الحدث ، هذه مقدمات الحدث ، والحدث اكبر من جغرافيا المخيمات ، واعمق من نفر محدود من تجار السياسة ، واعقد من ان تعالجه قوات الامن .
هل هناك فرصة لتفادي النتائج الكارثية لاستمرار هذا الوضع ؟!!!!!!!! انا اشك في في ذلك ، ولكن اتمنى ان يخطئ شكي هذا او ان يكون في غير مكانه .