السبت: 20/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

منصور عباس أيديولوجيا سياسية ام حركة اجتماعية؟

نشر بتاريخ: 22/04/2021 ( آخر تحديث: 22/04/2021 الساعة: 11:39 )

الكاتب: د. علي الاعور

على مدى سبعون عاما ونيف عاشت الجماهير العربية في المجتمع العربي داخل إسرائيل وهي تؤمن بالنضال من اجل المساواة في المجتمع الإسرائيلي و المطالبة بحقوقها السياسية وفي مقدمتها الانتماء الى الشعب الفلسطيني و الهوية الوطنية الفلسطينية وهناك نخبة سياسية من الرموز الوطنية التي ناضلت تحت قبة البرلمان الإسرائيلي ( الكنيست) وهي تناضل من اجل وجود الامة العربية داخل إسرائيل و امتداها الجماهيري في الضفة الغربية و القدس الشرقية وقطاع غزة ومنهم من سجل نضالاته بحروف من ذهب وفي مقدمتهم توفيق زياد وتوفيق طوبي و عزمي بشارة و احمد الطيبي و ايمن عودة وغيرهم من الرموز الوطنية التي كانت دائما وابدا تنادي بالحقوق السياسية للشعب الفلسطيني وإقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية وانهاء الاحتلال الى جانب إسرائيل .

ولكن إسرائيل و الحكومة الإسرائيلية و الأجهزة الأمنية الإسرائيلية ومنذ فترة الحكم العسكري للعرب في إسرائيل مند الخمسينيات وحتى نهاية الستينيات من القرن الماضي كانت تتبع سياسة ممنهجة تقوم على" سيطرت السلطات الإسرائيلية على شكل التطور السياسي الفلسطيني في الداخل من خلال مجموعة من الإجراءات والقرارات والتي تمثل الحكم العسكري وتم عزل العرب عن النظام السياسي والاجتماعي والإداري في إسرائيل وقد كتب " توم سغيف ، 1986 ) عن الحكم العسكري للعرب في إسرائيل وأهدافه:

سعت الحكومة الإسرائيلية الى تقسيم السكان العرب الى طوائف ومناطق جغرافية متعددة فمن حيث سمحت بأنشاء البلديات ولكن من جهة أخرى سمحت بالانتخابات على رئاسة البلديات مما ولد الانقسام بين أبناء الشعب الواحد والعائلة الواحدة وهي جزء مهم من سياسة إسرائيل والتي خلقت واقع اجتماعي جديد داخل المجتمع العربي في إسرائيل يقوم على العنف و الانقسام، وعمقت إسرائيل الانقسام في القرى وتجسدت من جهة أخرى السياسة الطائفية وزرع الخلاف العائلي في القرى و منع العرب من الوحدة الاجتماعية والديموغرافية و السياسية"

ولكن الجماهير العربية تنبهت الى تلك السياسة الإسرائيلية ومع الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية و القدس الشرقية وقطاع غزة 1967م قامت الجماهير العربية بفتح خطوط الاتصال و التعاون السياسي و الانتماء الى الشعب الواحد وتمثل ذلك في تشكيل الجبهة الديموقراطية للسلام و المساواة ومن بعدها الحزب الديموقراطي العربي و بعدها التجمع الوطني و حركة أبناء البلد وغيرها ورفعت شعار واحد " الجماهير العربية في إسرائيل و امتدادها الجغرافي و الديموغرافي من اجل الشعب الفلسطيني وانهاء الاحتلال ولم تندمج القيادات الوطنية في الأحزاب الصهيونية.

ومع اشتداد الازمة السياسية الأخيرة في إسرائيل عام 2019 و2020 وحتى اليوم 2021 حتى الانتخابات الثالثة قبل الأخيرة وحصول القائمة العربية المشتركة على خمسة عشر مقعدا كان نتنياهو يقول" لدينا في الكنيست فقط مائة وخمسة مقاعد فقط ولا يعترف بوجود العرب ولا يعترف بوجود القائمة المشتركة تكتل سياسي عربي في إسرائيل و اعتبر نتنياهو التحالف مع القائمة المشتركة لتشكيل حكومة إسرائيلية او بدعم المشتركة من الخارج " حرام شرعا وجريمة ضد الشعب الإسرائيلي وضد دولة إسرائيل" وفي الجولة الأخيرة من الانتخابات شاء القدر وتجاوزت القائمة العربية الموحدة بزعامة منصور عباس نسبة الحسم ودخلت الكنيست الإسرائيلي بأربعة أعضاء كنيست عرب يحملون اسم الحركة الإسلامية الفرع الجنوبي ، ولكن المهم هنا قبل الانتخابات التقارب و الزواج السياسي بين نتنياهو ومنصور عباس حتى قام الأخير بالتصويت لصالح نتنياهو او امتناع عن التصويت لصالح نتنياهو حتى ان عدم التوصية بنتنياهو او لبيد صبت في مصلحة نتنياهو.

وفي الخطاب الأخير لمنصور عباس في الأول من ابريل الجاري حرص منصور عباس على استمالة اليمين المتطرف بزعامة سموتريتش حتى يقبل بوجود عباس صمام امان لحكومة بزعامة نتنياهو من الخارج حيث يرفض سموتريتش دعما خارجيا من منصور عباس لحكومة يمينية إسرائيلية بزعامة نتنياهو وفي الخطاب الأخير لمنصور عباس لم يذكر كلمة فلسطين او الشعب الفلسطيني ولا الاحتلال ولا انهاء الاحتلال ولم يذكر بكلمة واحدة عن المستوطنات وضم الأراضي و مستوطنات " عطيروتكهونيم في سلوان و السيطرة على البيوت الفلسطينية وطرد المقدسيين منها لصالح المستوطنين اليهود كما انه لم يذكر كلمة واحدة عن الاقتحامات اليومية للمستوطنين لساحات المسجد الأقصى المبارك على اعتبار ان يسمي نفسه زعيم الحركة الإسلامية فرع الجنوب "

وهناك نقطة مهمة تجاهلها منصور عباس في خطابه وهي قانون القومية " القانون الذي سنه حزب الليكود و الحريديم و اليمين الإسرائيلي وهدا القانون لا يعترف بمنصور عباس مواطن إسرائيلي من الدرجة الأولى اسوة باليهود كما ان عباس لم يذكر القضايا الوطنية وتجاهل كل شيء له علاقة بالشعب الفلسطيني و القدس.

تلك المواقف التي سجلها منصور عباس لكي يكسب وعد اليمين الإسرائيلي المتطرف ظاهرة سياسيةوايديولجيا سياسية تستحق الدراسة و التوقف عندها لما تحمله من فكر يغازل اليمين الإسرائيلي و الصهيونية الدينية بما تمثله من فكر توراتي يقوم على الضم و التوسع و الاستيطان ومفهوم الأرض المقدسة لليهود و يتجاهل الهوية الوطنية الفلسطينية مقابل وعود لتحسين أحوال العرب في إسرائيل ربما لن تنفذ لانها تنبع من سياسة واستراتيجية ممنهجة تبنتها حكومات إسرائيلية متعاقبة وهنا يبرز السؤال المهم:

لمادا توجه منصور عباس الى اليمين الإسرائيلي لمساعدة نتنياهو في تشكيل حكومة إسرائيلية يمينية؟ وهل حصوله على جائزة الشكر من كبير حاخامات اليهود في إسرائيل من اجل مواقفه تحاه نتنياهو و اليمين الإسرائيلي تجعله يتمادى في فلسفة وسياسة بعيدة عن طموحات الشعب الفلسطيني في الحرية و الاستقلال؟ و الان يخرج علينا منصور عباس بمواقف تتعلق بالمراة و المثليين و العادات و التقاليد ويريد ان يغيرها ويرفضها في المجتمع الاسرائيل اسوة بالحريديم و الصهيونية الدينية مع العلم ان الثقافة والقوانين الإسرائيلية التي تتعلق بالأحوال الشخصية لن تغير من الواقع شيء في ظل وجود ليبرمان و اليسار و اليسار الوسط ونفتالي بينت وجزء كبير من حزب الليكود الذي يقر بتلك الثقافة و القوانين التي تتعلق بالحرية الشخصية.

وأخيرا رسالتي الى منصور عباس ... لن تغير شيء من الواقع الدي تعيشه الجماهير العربية في المجتمع العربي في إسرائيل لان هناك سياسة ممنهجة إسرائيلية تم اتخادها مند انتفاضة وهبة الأقصى 2000 وقدمت يومها الجماهير العربية ثلاثة عشر شهيدا وقتها فهم " ايهود براك" " وشلومو بن عامي" ان العقلية العربية و الثقافية العربية للجماهير العربية هي تنبع من الانتماء الكامل السياسي و الجغرافي للشعب الفلسطيني في الاراض الفلسطينية المحتلة واما بالنسبة الى انتشار الجريمة المنظمة في المجتمع العربي فانني أؤكد لك منصور عباس اذا اخدت الحكومة الإسرائيلية قرارا بوقف انتشار السلاح و القاء القبض على المجرمين فان الجريمة سوف تنتهي غدا صباحا .. ولكن تلك استراتيجية ممنهجة في إسرائيل حيث تقوم على ترك العرب وحدهم يعالجون مشاكلهم حتى لا يصحوا للمطالبة بالحقوق السياسية للشعب الفلسطيني والجماهير العربية في إسرائيل وإلغاء قانون القومية و المطالبة بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي و تجسيد الرواية الفلسطينية و الانتماء الى الهوية الوطنية الفلسطينية .