الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

رسالة مفتوحة الى مروان البرغوثي

نشر بتاريخ: 06/05/2021 ( آخر تحديث: 06/05/2021 الساعة: 21:50 )

الكاتب:


عوني المشني
اخي وصديقي ابو القسام ..... تحية وحب واحترام وبعد
ما هو بيننا اكثر من مشاعر الود والاحترام ، بيننا قضية وشعب ووطن ، بيننا عهود ووعود ووفاء ، بيننا حركة قدمت عشرات الالاف من الشهداء واضعافهم مضاعفة من الجرحى والجرحى على مذبح الحرية وبيننا صديقي امل بحتمية النصر يكبر كل يوم رغم صعوبة الظرف المعاش .
صديقي ، كان في وقت ما خبارك ان تكون مرشحا للرئاسة ، وكان خيارنا الطوعي ان نقف خلفك ، لكنه اليوم مختلف فهذا اصبح خيار شعبنا ، وربما الخيار الوحيد بان تكون مرشحا ، واصبح بذلك لزاما علينا وبدون اي تردد ان نقف خلفك ، هو بالضبط هذا هو الوضع . اصبحت تمثل لشعبنا الفرصة الافضل والاسرع للتغيير ، وحتما ان يصطف خلفك كل المؤمنين بضرورة بناء وطن حر ونظام ديمقراطي تعددي . هذا الاستخلاص ليس كلام انشائي بل هو استخلاص لبحث معمق في الحالة الفلسطينية ، فليس منة منا تستحق الشكر ان نقف خلفك ، بل هو ضرورة وطنية اولا وقبل كل شيئ ، فالقديم القديم لم يمت بعد والجديد الجديد لم يولد بعد ، ربما انت تمثل القديم المتجدد الذي يتيح لشعبنا انتقال سلس وامن لشعبنا وقضيتنا .

اخي وصديقي اما لماذا اصبحت خيار شعب ولم يعد امامك مفر سوى الترشح للرئاسة فذلك امر بات واضحا لشعبنا بكل قطاعاته وفسيفساء الوانه ، كونك اصبحت بفكرك الوطني المتوازن قاسما مشتركا وعنصر جمع وتوحيد ، كونك لك تخطئ اتجاه البوصلة نحو فلسطين الحرة المحررة ، كونك تمثل برمزية اعتقالك تلك القيود التي يفرضها الاحتلال على شعبنا ، كونك تمثل الارث التاريخي لحركة مكافحة قادت النضال الوطني لعشرات السنوات ، كونك تنحاز دوما للقطاعات العريضة من فقراء وكادحي شعبنا ، كونك القادر على استعادة حركة فتح ممن اختطفها وحول مسارها لتتماهى مع واقع التعايش مع الاحتلال ، كونك القائد الذي نمى واستمد شعبيته من العمل النضالي الميداني ، كل تلك امور يعلمها ويعيها شعبنا ، وشعبنا بحسه الاصيل اكثر معرفة ودراية من اشباه المثقفين واشباه المثقفين الذين ما فتئوا يبحثون عن التغيير في غياهب الكتب والشعارات المفرغة وديموغوجيا الايدلوجيات ، شعبنا اكثر وفاء للمناضلين من مثقفي السلاطين الذي لا يحيدوا سوى تبرير الفساد والافساد .
اخي وصديقي ... ما انجز بالسجال الذي رافق التحضير للانتخابات رغم تأجيلها ربما يفوق نتائج الانتخابات حتى في حالة اكتمالها ، التغيير لم يعد تنظير مثقفين او امنيات الحالمين ، التغيير اصبح راي عام شعبي وطموح قابل للتحقيق ، تابوهات كثيرة تم تحطيمها ، حواجز الخوف تم تحطيمها ، الوضع الفلسطيني على طريق التغيير قطع شوطا كبيرا ، والاهم ان شعبنا وجد طريقا سلسا امنا للتغيير عبر كتلتنا الانتخابية ، كتلة للتشريعي لها مرشح رئاسة وهذا يعني اننا نمتلك رؤيا وبادوات وشاملة للتغيير ، ولا ابالغ اذا قلت ان السبب الحقيقي خلف تاجيل الانتخابات كان وجود كتلة الحرية بمرشحها للرئاسة القائد مروان البرغوثي .
ان تشكيل كتلة انتخابية في اقل من ٤٨ ساعة كانت معجزة ، وقد راهن الكثيرون على فشلنا في ذلك ، وفي لحظات معينة بدى ان رهانهم قد يكون صحيحا ، وجاء تحالفنا الاخ ناصر القدوة في مكانه تماما ، تشكلت الكتلة بافضل ما يكون اذا ما قيس بالوقت ، وكان فيها من التنوع والخبرات والاجيال والتخصصات ما يجعلها افضل الكتل الموجودة . والاهم انها كانت كتلة مؤمنة بطريقها ومستعدة لتحمل الضغوط ومواجهة الشيطنة والتمرد على التابوهات والاساطير التي تحكم العقل السياسي الفلسطيني وفي فتح على وجه التحديد .
رغم تاجيل الانتخابات لا زالت كتلة الحرية بطرفي تحالفها ضرورة ، اننا ندرك ان هناك اختلافات وهناك ملاحظات متبادلة ، لكن بالوعي والمثابرة يمكن تجاوز الامر ، بل يمكن تصليب هذا التحالف وتحويله الى ما هو اكثر تجانسا من تحالف بين طرفين . ان كتلة الحرية ليست كتلة انتخابية فحسب ، انها قوة فعل لاعادة وضع القضية الوطنية في مسارها الكفاحي الصحيح وهي اما القطاعات العريضة من شعبنا الذي يحلمون بوطن حر وشعب حر وارادة حرة ، انها صديقي ستبقى صمام الامان لشعبنا ولن تخذل وصايا الشهداء وعذابات الاسرى . انها تجسد الروح الحية لشعبنا والطاقة الكامنة في مناضليه .
صديقي ، تأجلت الانتخابات ، وتتصاعد قوة الكتلة لتتحول بتسارع كبير الى حالة ، نعم تتصاعد قوتها بعد التاجيل ، الذين اجلوا الانتخابات ذهبوا بعيدا ، وبعيدا جدا في اخطاءهم ، وربما هي ليست اخطاء ، الطرف الذي لا يريد انتخابات كانت اسرائيل ، والتاجيل بغض النظر عن مبرراته خدم هذا الطرف بشكل اساسي ، كانوا مستعدين تقديم هذه الخدمة لاسرائيل على ان يفتحوا الباب لانتخابات تمهد لتغيير سلس .... !!!! لكن حتى التاجيل لا ينقذهم ، تصاعد قوتنا كحالة وكتلة يدفعهم باتجاه نظام اكثر فردية واقل ديمقراطية ، التنظيم الذي تصبح اهداف نخبه التي تقوده اهم من اهدافه كتنظيم يختطف ، وفتح الان تنظيم مختطف بكل معنى الكلمة ، وللاسف استهلكوا تاريخه وامجاده لتبرير واقع سيئ ، واكثر من هذا اعادوا ترتيب هذه الحركة لتتماهى مع واقع يتعايش فيه النظام السياسي مع الاحتلال بل ويتحالفا . وطبعا تحالف دوني اليد العليا فيه للاحتلال .
ان تاجيل الانتخابات يهدف الى احد امرين او الامرين معا : الالتفاف على الانتخابات عبر تشكيل حكومة شراكة مع حماس مقابل رشوتها بادخالها الى منظمة التحرير . ثم ايجاد صيغة ما ، بالحوار او التفتيت والاضعاف ، لحالتنا المتمثلة بكتلة مروان البرغوثي لانتخابات الرئاسة والتشريعي ، وهم ليسو بوضع مريح حتى بعد التاجيل ، الشارع محتقن جدا ، اتساع دائرة المطالبة بالتغيير ، انعزالهم عن القواعد الشعبية يتزايد . ان استمرار تعزيز حالتنا ضرورة وطنية لنقود تغيير امن لصالح شعبنا وقضيتنا ولتحرير حركة فتح من الاختطاف ، بالتاكيد منفتحين على الحوار ، ولكن سنترك الامر هنا لك ، لن ندخل هنا في الخارج في حوارات معهم ، سنترك الامر لك لاعتبارات كثيرة ، اهمها انك صانع الحالة وقائدها وهذا فخر لنا ان نكون في حالة كفاحية انت قائدها وعنوانها .
اخي وصديقي لا يخفى عليك وانت المتابع الدقيق وقارئ جيد لعلم الاجتماع السياسي ان حركة فتح تتراجع بشكل ملفت ، والمسئولية هي مسئولية قيادتها التي تم تركيبها على راس الهرم بفعل عوامل داخلية وخارجية ، وبالمناسبة هذه اكثر من اخطاء انها سياسات مدروسة وممنهجة لايصال الحركة الى حالة الخواء ، وتدمير هذه الحركة العملاقة مقدمة لتدمير مشروعنا الوطني ككل ، المثير في الامر ان بعضا من النخب القيادية تدرك هذا وتستمر فيه بوعي وادراك مغلبة مصالحها الفردية الصغيرة على كل شيئ . بان الامر واضحا ، ان انقاذ حركة فتح مهمة كفاحية من الدرجة الاولى ، وهي مهمة الوطنيين في هذه الحركة ، ان بلورة كتلة مانعة / الحرية / وتعزيزها وتطويرها تشكل علامة فارقة في العمل على انقاذ حركة ، ربما نحتاج لنقاش معمق كيف ؟ والمحاذير ، وتجنب التشظيات ، ونحتاج اكثر الى اليات غير انشقاقية . لا ادعي انني املك اجابات شافية على هذه المسائل ولكن التفكير بحذر وبعمق مفيد جدا وقد ينتج رؤى ابداعية في هذا السياق . ان فتح تراث كفاحي وبرنامج تحرر هي فتح التي كان لنا شرف الانتماء اليها ، وهي مازالت قادرة على استكمال مهمتها بل وقيادة الحركة الوطنية الفلسطينية ، هذا يحتاج الى اعادة ترتيب الحركة لتكون بمستوى المهمة ، يحتاج الى حماية العضوية فيها ، الى بنية قيادية بمستوى هذه المهمة ، يحتاج الى استعادة الكادر الذي تم تهميشه واستبعاده في سياق التماهي مع الاحتلال ، يحتاج الى تنقيتها من الفسدة والمرتشون والمنافقين والمتسلقين ، يحتاج الى العودة لفتح الى سياقها الكفاحي . ان تلك مهمتنا مع الكل الفتحاوي المناضل ، مهمتنا مع المخلصين والحافظين لعهد الشهداء .
اخي وصديقي كثيرة هي القضايا الملحة ، ولكن في عجالة الكتابة سيكون من الاهمية التوقف عند اهم القضايا : كيفية تطوير وتعزيز كتلة الحرية ووضع ذلك في سياق التغيير وكذلك في سياق استعادة الحركة المختطفة واعادة توجيهها باتجاهها التي انطلقت من اجلها ، ىالحفاظ على وحدة الحركة تحت كل الظروف . هذه اهم القضايا واكثرها الحاحية والاهم انها قضيتنا الجوهرية .
ان شعبنا يتطلع الينا بعين الامل الكبير ، وربما بفضلك وبفضل كفاحك الاسطوري ، ووعيك العميق ، اصبحت انت القائد الذي سخر لشعبنا ليشكل قاطرة الانقاذ للحالة الفلسطينية بشكل عام وحركة فتح بشكل خاص .
تحياتي صديقي ، اننا نعيش الامل ، الامل باللقاء بك قريبا باذن الله اولا وبارادة شعبنا . تحياتي للاخوة والرفاق لديكم والذين وانتم واياهم تعبدون بمعاناتكم طريق الحرية والاستقلال
العهد هو العهد
واننا لمنتصرون
اخاك دوما
عوني المشني