الجمعة: 03/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

رسالة مفتوحة الى من يهمه الأمر في أمريكا

نشر بتاريخ: 06/06/2021 ( آخر تحديث: 06/06/2021 الساعة: 15:24 )

الكاتب: السفير حكمت عجوري

مضى اكثر من شهر على فترة المائة يوم منذ تنصيب الرئيس الاميركي بايدن والتي تعتبر فترة ترتيب الاولويات في حكم البلاد والعباد وما زلنا ننتظر الغيث بعد اربع سنوات عجاف الادارة السابقة. وكأن الغيوم التي ظهرت في سماء هذه الادارة قبل التنصيب وبعده كانت غيوم صيف لا تمطر مع انها شتوية في توقيتاتها والسبب في هذا الانتظار يعود لما وعد به الرئيس بايدن من انه جاء لاصلاح ما افسده ترمب وهل هناك اسوأ من صفقة القرن التي قتل بها ترمب الامل لشعب فلسطين في الخلاص والتحرر من الاحتلال الصهيوني والعيش بكرامة كما بقية شعوب الارض.

الرئيس بايدن وان كان جديدا على الرئاسة الا انه ليس كذلك على الادارة فقد خبرها بعد ان قضى بها ثمان سنوات نائبا للرئيس اوباما عرف وتعلم خلالها ما يكفي لاي متمرس مثله ليتيقن من ان من يحكم في اسرائيل غير معني بانهاء الصراع سواء أكان هذا هو النتن ياهو المخادع والكذاب والفاسد ام انه نفتالي بينيت الذي شب سياسيا وترعرع على يدي هذا النتن بعد ان عمل رئيسا لمكتبه والذي ربما سيتفوق عليه في طمس الحق الفلسطيني ان هو فعلا نجح بقيادة تحالف ثمان احزاب في سابقة غير مألوفة في قاموس الحوكمه لما في هذا التحالف من نشاز وعدم انسجام لا في الايدولوجيات الحزبية ولا في شخوص الزعماء المكونه لهذا التحالف الذين التقوا جميعا للتخلص من شخص وليس التخلص من نظامه العنصري الفاسد اضافة الى ما اصبح معروف عن ساسة اسرائيل في ولائهم لمصالحهم الخاصة دون اي اعتبار لمصلحة الدولة والشعب.

اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال وبسبب هؤلاء الزعماء من امثال النتن ياهو وبينيت وبتحدي صارخ للشرعية الدولية وقوانينها ما زالت تحتل دولة اخرى وشعب اخر وهي بذلك تشكل تهديد لاستقرار منطقة تقع في القلب من العالم الامر الذي يوسع من دائرة التهديد هذا الى خارج المنطقة خصوصا وانها ومن اجل ادامة هذا الاحتلال تمارس كل الموبقات التي حرمها القانون الدولي من قتل وتطهير عرقي وهدم بيوت وسرقة اراضي وتحت نظام فصل عنصري وهو ما يضعها في خانة الدولة المارقة.

الرئيس بايدن يعتبر اخر الرؤساء المخضرمين الذين عايشوا كل دقائق التفاوض السري والعلني بين الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني والذي طال امده وبدون اي فائدة تذكر لانهاء هذا الصراع ولا ننسى ان الرئيس بايدن اشرف بنفسه على اخر جولات هذا التفاوض سنة 2014 ووصل الى قناعة اسر بها الى خاصته ولم يعلنها بان من افشل التفاوض هو الجانب الاسرائيلي الذي كان يقوده النتن ياهو في حينه ولربما كانت قناعته ومعرفته بالنتنياهو هذه سببا في قراره بالناي بادارته في ايامها المائة الاولى عن هذا الصراع الى ان وجد نفسه مضطرا للتدخل تحت ضغط الشارع الاميركي الذي خرج الى الشوارع منددا بجرائم دولة الاحتلال في غزه وفي القدس خصوصا وان هؤلاء الذين خرجوا هم الذين اوصلوا الرئيس بايدن للبيت الابيض كونهم يمثلون الشريحه القيمية في الشعب الاميركي والذين يتشلركون بقيمهم هذه مع الشعب الفسطيني كما مع العديد من شعوب العالم وهي القيم الانسانية واساسها حقوق الانسان.

هذا التغير في اتجاه ريح التضامن الشعبية الاميركية يفتح طاقة امل للشعب الفلسطيني على امل ان يتطور ذلك ليصل الى عتبات البيت الابيض كما فعل سابقا ابان الحرب الاميركية في فيتنام واجبر الادارة في حينه لاتخاذ قرار وقف الحرب والانسحاب من فيتنام ومع ان اميركا ليست محتلة لفسطين الا انها وللاسف صاحبة الولاية الدولية على الصراع الاسرائيلي الفسطيني وذلك باختيارها وبدون طلب من احد خدمة لمصالحها وبالتالي فهي الجهة الوحيدة القادرة على كبح جماح دولة الاحتلال واجبارها على انهاء الاحتلال وفرض حل الدولتين الذي تؤيده ادارة الرئيس بايدن والتي نراها اصبحت تطالب ايضا بمنح الاسرائيليين والفلسطينيين "اجراءات متساوية من الامن والسلام والكرامة" اضافة الى ما صرح به وزير الخارجية بلينمكن بان الادارة ملتزمة باعادة العلاقة مع الشعب الفلسطيني .

ان جل ما يرده الفلسطينيون من هذه الاداره - و بعد مرور 54 سنة على احتلال اسرائيل لبقية الارض الفلسطينية عانوا خلالها من كل انواع الاضطهاد والقمع والارهاب على يد محتليهم الصهاينة- ،هو ان تتحول هذه الوعود الاميركية الى افعال على الارض بانهاء هذه الماساة التي طال امدها، بانهاء الاحتلال الصهيوني واقامة الدولة الفلسطينية السيادية القابلة للحياة وعاصمتها القدس الشرقية.

طبعا كان الاجدى والاجدر والاولى ان يكون انهاء الاحتلال الصهيوني لدولة فلسطين من اخنصاص منظمة الامم المتحدة وميثلقها الذي هو نسخة مكثفة عن الدستور الاميركي كما اخبرنا Dean Acheson , وهو وزير خارجية اميركي سابق في مذكراته، كون هذه المنظمة أُنشات اصلا من اجل انهاء الصراعات والحروب من اجل حماية الامن والسلم الدوليين وبكونها المؤتمنة على الشرعية الدولية وقوانينها ولكن ما منعها من القيام بدورها هذا وفي تطبيق قراراتها المتعلقة بالصراع الاسرائيلي الفلسطيني كان وما زال الفيتو الاميركي الذي يضع الادارة الاميركية وللاسف في موضع الشريك مع اسرائيل في ممارساتها العنصرية وغير الانسانية بحق الفلسطينيين الذين هم اصحاب الحق في الارض اضافة الى دعم اميركا غير المشروط لهذه الدولة والذي تتوج مؤخرا بمطالبة هذه الادارة للكونغرس بالموافقة على صرف منحه بقيمة مليار ومائتي مليون دولار تعويضا عن ما خسرته اسرائيل في حربها التدميرية لغزة ودفن اطفال غزه وامهاتهم احياء تحت اسقف بيوتهم التي تم قصفها بطائرات واسلحة اميركية , وهذه المنحة هي اضافة للمنحة السنوية الثابتة بقيمة ثلاث مليارات وثمان مائة مليون التي اقرها اوباما في اخر ايامه ولمدة عشر سنوات وهذا يؤكد على ان اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال تجني معظم ثمار المساعدات الخارجية لكل الادارات الاميركية وهي المستقطعه اصلا من ضرائب الشعب الاميركي وذلك منذ سنة 1967 والى يومنا هذا.

كل ذلك بالرغم من ان لسرائيل ومنذ نهاية الحرب الباردة في اواخر ثمانينات القرن الماضي اصبحت تشكل عبئا ثقيلا على اميركا الادارة والشعب كونها دولة فصل عنصري بامتياز بممارستها وسلوكها وقوانينها خصوصا وان الفصل العنصري يعتبر معادي بل ومدمر لكل القيم الانسانية التي ما زالت اميركا تزعم بانها الوصية عليها.

ختاما نقول بان التزام الادارة الاميركية الجديدة بعودة العلاقات مع الشعب الفلسطيني، هي خطوة وبلا شك يثمنها الفلسطينيون وذلك طالما لا تعني هذه العودة المساعدات المالية فقط بالرغم من شحها واهميتها لان جل ما يريده الفلسطينيون من عودة العلاقة مع هذه الادارة وقبل ان تصبح الادارة السابقة، هو الضغط على اسرائيل لانهاء احتلالها لدولة فلسطين من اجل ان يعيش الشعب الفلسطيني بكرامة داخل حدود امنة في دولته المستقلة وبحسب قرارات الشرعية الدولية ، لان سبب الاحتياج الفلسطيني للمساعدات المالية من امريكا وغيرها هو الاحتلال الصهيوني لدولة فلسطين الذي قُدِرت كلفته على الاقتصاد الوطني الفلسطيني في سنة 2010 بحوالي ثمانية مليار دولار.