الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

ماذا بعد مقتل صابرين!

نشر بتاريخ: 23/11/2021 ( آخر تحديث: 23/11/2021 الساعة: 18:39 )

الكاتب: ربحي دولــة




لعل عمليـات القتل أصبحت خبراً طبيعيا نعيشه بشكل دوري بين الحين والآخر، والتي كان آخرها ضحية هذا العنف فتاة في عمر الورد .
ماذا بعد أن قُتلت صابرين على يد زوجها المُدمن على المخدرات الذي كان يؤذيها بشكل مُستمر بفعل إدمانه على المخدرات التي يسـعى الاحتلال الى نشرها وترويجها نتيجة الغزو الجديد الذي يُمارسه الاحتلال على شعبنا.
أرى أن هذه الظاهرة هي الحرب الجديدة القديمة التي تستخدمها دولة الاحتلال بحق شعبنا في غزة والضفة والقدس الشريف من اجل تحطيم شبابنا الذين يُشكلون خطراً على هذا الكيان الزائل.
"مشاتل" السموم انتشـرت بشكل واسع في الفترة الأخيرة، فيما تم ضبط العديد من هذه المشاتل، خاصة في القرى القريبة من حواجز الاحتلال وتعدى ذلك الى وجود دفيئيات داخل البيوت وسط مراكز المُدن، بالاضافة الى الحبوب المخدرة وكل أنواع هذه المُخدرات التي بتنا نسمع عنها كثيراً هذه الأيام .

وفي ظل غياب سيطرة أمنية لقوى الأمن الفلسطيني على كل المناطق وانخفاض الوعي وانعدام المسؤولية التربوية عند بعض الأهالي الذين لا يتابعون أبناءهم ويكون مصيرهم "المجهول" الذي يجرهم الى الانزلاق في وحل الإنكار والتعاطي لهذه السموم.

هذه الأزمة التي نعيشها بحاجة الى وقفة جادة من جميع مكونات المجتمع الرسمية والشعبية، حيث لا يكفي أن نسمع صوتنا وقت حدوث الجريمة، بحيث تبدأ المؤسسات النسوية ذات العلاقة بطرح ضرورة تفعيل بعض القوانين الخاصة والتي من شأنها حماية المرأة والحد من الجريمة المُنتشرة فيما أرى أن بعض هذه القوانين أحدث جدلاً واسعاً داخل المجتمع كقانون حماية الأسرة والذي دائماً ما نسمع الأصوات المُطالبة بإقراره وتطبيقه .
لا يمكن من خلال تأييدنا لتلك القوانين أو معارضتنا لها أن نُعالج هذه الظاهرة بهذه الأصوات وحدها إن لم يكن هناك تحرك واسع نحو تغيير بعض المفاهيم والقيم التي أبعدتنا عن الصواب ، لنبحث عن الأسباب والمُسببات لنُحدد الخلل من أجل العلاج .
وهنا يجب أن نصل الى مجتمع قوي مُتماسك يرفض كل أشكال الإنحراف المؤدية الى تفكيكه، واذا كان الخلل من القوانين المعمول بها هي التي تؤدي الى استمرار هذه الممارسات أم ضُعف في ممارسة القوانين هي التي تودي الى ما وصلنا اليه أم أن هناك خلل في قيمنا وأخلاقنا وتربيتنا أوصلتنا الى هذا الانحدار.
نعم كُلنا أفراد وجماعات، مُجتمع مدني وجهات مسؤولة مسؤولون عما يجري لنا من هبوط مجتمعي، إذ لا يكفي تطبيق القانون وحده أن لم يقترن تطبيق القوانين مع ضبط السلوك والتربية السليمة في المنزل والمدرسة والشارع وفي المؤسسات الأهلية، اذ أن ما نعيشه في هذه الظروف هو أزمة قيم وأخلاق أكبر بكثير من أزمة القوانين .
عشنا ظروفا أسوأ من التي نعيشها اليوم، تحت الاحتلال وتحت حكم عسكري يفتقد لأي قانون يُنظم حياة الناس بشكل صحيح، حيث كانت القوانين والقرارات العسكرية جُلها خدمة للاحتلال وحمايته من خلال تفكيك مُجتمعنا لكن كان هناك قيم وأخلاق وحسن تربية وكان هناك تنظيمات فلسطينية فاعلة على الأرض، لها قوة رادعة على الأرض ولها تأثير قوي على كل من كان يُحاول أن يُنفذ سياسة الاحتلال على شعبنا، وكانت هذه التنظيمات تحمل شعار السقوط الأخلاقي يؤدي الى السقوط في وحل العمالة مع الاحتلال وبالتالي كانت هناك اجراءات رادعة كافية لتحصين المجتمع.
من هُنا وبعد هذه الفترة الطويلة من إنشاء السلطة الوطنية وسن قوانين فلسطينية من شأن تطبيقها تحصين المجتمع في ظل وجود الاحتلال وعدم التواصل الجُغرافي بين المدن والقرى وإنعدام السيطرة الأمنية على نسبة كبيرة أرضنا، وفي ظل هذه الحرب والتي تشنها دولة الاحتلال علينا لضرب عمق مُجتمعنا واجب علينا جميعاً البحث عن كل السُبل لحماية شعبنا من خلال تعزيز القيم والمبادئ الأخلاقية وتطبيق القوانين المعمول بها بحيث يتم تطبيق القانون والعمل على التربية السليمة لنصل بشعبنا الى بر الأمان .
• كاتب وسـياسي