السبت: 27/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

السلطة الفلسطينية.. والدعايات الاسرائيلية.. والمتغيرات الدولية

نشر بتاريخ: 13/09/2022 ( آخر تحديث: 13/09/2022 الساعة: 13:51 )

الكاتب: حميد قرمان

بقلم: حميد قرمان

كنتُ حذرت قبل برهة من الزمن في مقال بعنوان: "عاصفة سياسية قادمة على فلسطين"، من الاسطوانات الدعائية التي ستلعبها أجهزة الحكم داخل كيان الاحتلال ردا على تحرك القيادة الفلسطينية نحو الامم المتحدة لتقديم طلب العضوية الكاملة لدولة فلسطين، وها هي الآن "الصحافة الاسرائيلية" بكافة اطيافها السياسية.. تنشط لترويج هذه الاسطوانات الدعائية مجددا تحت عناوين بالية ومستهلكة؛ السلطة الفلسطينية ضعيفة، الفلسطيني غير قادر على حكم نفسه، أمريكا تضغط على الفلسطينيين لعدم الذهاب الى الامم المتحدة، خلافات داخل أكبر حركة سياسية فلسطينية (فتح)، بالاضافة الى ما هو معتاد من "تحريض اعلامي ساذج" على شخص الرئيس محمود عباس.

خطة "اسرائيل" تعتمد الى المزج دوما بين العمل العسكري والسياسة، فالاعمال العسكرية التي يقوم بها جيش الاحتلال في ارجاء الضفة الغربية تحصدها السياسة الاسرائيلية القائمة على ما تروجه للعالم عن ضعف السلطة الوطنية الفلسطينية ومؤسساتها، فلم تتوقف محاولات "اسرائيل" ضرب السلطة الفلسطينية منذ قيامها في مفاصل كثيرة، وأضعافها سياسيا واقتصاديا.. من الامثلة على ذلك استيلاؤها على اموال "المقاصة الفلسطينية" في محاولة لخلق ضغط شعبي فلسطيني باتجاه السلطة ومؤسساتها لأرغام القيادة الفلسطينية على القبول بالاملاءات الاسرائيلية، ليصب كل ذلك بما ينادي به أغلب سياسييهم بعدم وجود طرف فلسطيني قادر على مواكبة قيام دولته أو عدم قدرة الفلسطيني على حكم دولته.

ليس عبثا قيام الاحتلال وجيشه بالعلمليات العسكرية في الضفة الغربية، وانتهاجه العنف يوميا في سبيل عكس صورة للعالم ودوله ومؤسساته، ان السلطة الفلسطينية التي تطالب بدولة ذات حدود معلنة، هي بالواقع ضعيفة غير قادرة على تحقيق الأمن الذي تشترطه اسرائيل لتنفيذ ما وقع عليه من اتفاقيات برعاية دولية واقليمية، وتبرر مماطلتها وهروبها من تنفيذ الالتزاماتها السياسية والاقتصادية والأمنية، وهو ما يمحنها الوقت للتغيير الديمغرافي في الضفة ببناء مزيدٍ من المستوطنات لنسف حل الدولتين المقبول فلسطينيا ودوليا.

المطلوب اليوم فلسطينيا.. على المستويين القيادي والشعبي، عدم الانجرار الى ما يخطط له كيان الاحتلال من تفجير الاوضاع الأمنية في الضفة الغربية.. وفرض حقائق جديدة على الارض الفلسطينية، بسحب الفلسطينيين مجددا لدوامة العنف، لتبرر جرائمها بحجة الدفاع عن وجودها وحماية مواطنيها فتتوسع استيطانيا، لهذا وجب التحرك المضاد نحو دول العالم كافة لمخاطبتهم بخطاب "سياسي واقعي" يكشف مخططات "اسرائيل"، ويضعهم امام مسؤولياتهم بتنفيذ الشرعية الدولية التي أقروها مجتمعين في مؤسساتهم الأممية، والعمل على وجود قوة أممية لحماية الشعب الفلسطيني الأعزل من بطش الآلة العسكرية الاسرائيلية، والدفع لمحاكمة "اسرائيل" ومعاقبتها، خاصة ان العالم اليوم يتغيير، حيث اليوم ليس كالأمس.. والغد ليس كاليوم، وهو ما يجب على القيادة الفلسطينية ببراغماتيها وواقعيتها السياسية التعامل معه، فالموانع السياسية التي فرضتها الولايات المتحدة الامريكية سابقا أصبحت خاضعة لموازين قوى "العالم الجديد" التي بدأت تتشكل نتيجة ما يمر به العالم من ارهاصات سياسية نتيجة الصراعات والحروب.. والحروب الباردة بمفهومها التقليدي، وما خلفتها الأزمات الاقتصادية.. وأزمات نقص الطاقة والغذاء والماء.. من أوضاع ستؤثر على مكانة ونفوذ الكثير من الدول الكبرى.. والتي ستنظر اليوم لمصالحها السياسية والاقتصادية بعين الواقع الجديد بعيدا عن تحالفات الأمس وقيوده، وهو ما يتوجب على القيادة الفلسطينية قراءته وادراكه واستغلاله لاستكمال البناء السياسي والقانوني .. لاقامة الدولة الفلسطينية على ما أحُتل في الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.