الثلاثاء: 16/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

منظمة الامم المتحدة ومبررات استمرارها و"متحدون من اجل السلام"

نشر بتاريخ: 13/09/2022 ( آخر تحديث: 13/09/2022 الساعة: 14:48 )

الكاتب: السفير حكمت عجوري

في 29 نوفمبر سنة 2012 اعترفت 138 دولة من الدول الاعضاء في المنظمة الاممية من مجموع 193 دولة بفلسطين كدولة وامتنعت غن التصويت 41 دولة الا انه وبسبب الفيتو الامريكي في مجلس الامن بقيت فلسطين وما زالت دولة عضو مراقب بمعنى غيرمكتملة العضوية.

الفيتو الامريكي الجائر ما زال يقف حائلا امام العضوية الكاملة لدولة فلسطين في منظمة الامم المتحدة وذلك تلبية لرغبات دولة الفصل العنصري "اسرائيل " علما بان فلسطين واحدة من الكيانات القليلة التي ما زالت تتزين بها كل اطالس الجغرافيا ولغاية قيام دولة الفصل العنصري وقبولها عضو في المنظمة الاممية سنة 1949 لان فلسطين موجودة منذ ما قبل نزول التوراة وقبل الاف السنين من وجود امريكا وولاياتها الخمسين.

منظمة الامم المتحدة تم تاسيسها على انقاض عصبة الامم بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وذلك من اجل منع حرب عالمية ثالثة ومن اجل حفظ الامن والسلم الدوليين بعد ان فشلت عصبة الامم في ذلك والسبب سيطرة بريطانيا وفرنسا عليها وتحكمهما في مصير العالم في حينه.

ولكن و تفاديا لعدم سيطرة اي دولة على المنظمة الاممية ، عملت المنظمة الاممية على اشراك كل دول العالم في عضويتها لضمان مساهمتها في حماية البشرية وبحيث يقع الجميغ تحت طائلة القوانين التي وضعتها المنظمة ، القانون الدولي والدولي الانساني اضافة الى انشاء محاكم استشارية ووكالات وبروتوكولات عديدة خدمة لذات الغرض.

هذه النشأة لمنظمة الامم المتحدة واهدافها النبيلة يجعلها تمثل الضمير الجماعي للانسانية وحاضنة لقيمها وقاض عادل لحماية البشرية من خلال مبدا المساواة في السيادة بمعنى ان تعيش الدول الضعيفه الى جانب القوية في عالم لا مكان فيه لقانون الغاب ولا للعنصرية.

طبعا هذا التعريف بكل رومانسيته مستوحى من ميثاق المنظمة الاممية الا انه وللاسف يتنافى مع واقع المعاناة للعديد من الشعوب وعلى راسها الشعب الفلسطيني الذي ما زال يصارع من اجل تجسيد حقه في تقرير المصير والعيش بكرامة وذلك بسبب فشل قيادة المنظمة في حماية و تطبيق قراراتها ، بسبب حق الفيتو الممنوح لخمسة دول الاعضاء الدائمين في مجلس الامن .

امريكا على سبيل المثال لا الحصر استغلت هذا الحق خدمة لمصالحها و استخدمته 79 مرة 43 منها لصالح اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال وذلك بالرغم من كل ما اقترفته من جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية ضد الشعب الفلسطيني.

في الثالث من نوفمبر سنة 1950 تمكنت منظمة الامم المتحدة بجمعيتها العمومية ومن اجل الانتصار لميثاقها من التحرر من قيود الفيتو باعتماد القرار 377 والذي يعرف ب "متحدون من اجل السلام". وذلك من اجل تجاوز عجز مجلس الامن بسبب عدم قدرته على اتخاذ قرار اجماع بسبب الفيتو من اجل الحفاظ على الامن والسلم الدوليين وبالتالي صار من الممكن ان تقرر الجمعية العموممية في جلستها او في جلسة اخرى خاصة وطارئة ان تصدر توصياتها للدول الاعضاء باتخاذ تدابير جماعية لصون السلم والامن الدوليين دون الحاجة لاعتمادها من قبل مجلس الامن وفعلا قامت المنظمة منذئذ بعقد 11 جلسة من هذا النوع لغاية يومنا هذا وكانت الاخيرة في شهر فبراير من هذا العام بخصوص الحرب الاوكرانية وذلك تفاديا للفيتو الروسي.

السؤال الان ونحن على ابواب انعقاد الدورة العادية ال 77 للجمعية العامة للمنظمة الاممية وهو الم يحن الوقت للجمعية العمومية كي تعقد جلسة طال انتظارها من اجل فلسطين تحت بند "متحدون من اجل السلام" ومن اجل صون الامن والسلم الدوليين المهددان من قبل دولة الفصل العنصري "اسرائيل" التي كان قبولها عضوا بالمنظمة مشروطا بشرطين الاول عودة من هجرتهم قسرا بحربها ضد السكان الاصليين سنة 1948 والثاني تطبيق كامل لقرار التقسيم رقم 181 لسنة 1947 وهو اقامة الدولة الفلسطينية على مساحة 46% من ارض فلسطين التاريخية . وفي هذا السياق نود ان نذكر الجمعية العمومية للمنظمة الاممية والمسؤول الحصري عن هذه المسألة بان اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال لم تتجاهل فقط شروط عضويتها وانما هي تعمل ومنذ اليوم الاول لقيامها و بشكل حثيث على خلق بيئة رافضة لتطبيق قرار التقسيم الذي هو شهادة ميلادها وذلك من خلال سيطرتها على ارض الغير بالقوة " فلسطين والجولان السوري ومزارع شبعا اللبنانية وهو ما يتعارض مع احد اهم المباديء التي قامت عليها ومن اجلها المنظمة الاممية وهي عدم جواز احتلال اراضي الغير بالقوة وامعانا في التحدي لميثاق المنظمة قامت اسرائيل بشطب الخط الاخضر او خط الهدنة.

وفي نفس السياق نذكر ايضا بان امتلاك اسرائيل ككيان وحيد في الشرق الاوسط للسلاح النووي والذي تم سرا وما زال يهدف الى ردع كل دول الجوار واستباحة اجوائها بشكل متواصل وقصفها شبه اليومي لسوريا اضافة الى ثلاثة حروب في لبنان وقصف العراق في سنة 1981 حتى ان تونس البعيدة لم تسلم من قصف الطائرات الصهيونية سنة 1985 الامر الذي يؤسس لحالة دائمة من عدم الاستقرار وتهديد للامن والسلم في منطقة الشرق الاوسط الذي وبسبب حيوته وجيوسياسيته يشكل بعدم استقراره تهديد للسلم والامن الدوليين اضافة الى ما تسببت فيه نووية اسرائيل الى خلق سباق تسلح نووي في المنطقة (البرنامج النووي الايراني) والذي صار ينذر بحرب عالمية ثالثة.

سباق التسلح النووي في الشرق الاوسط لن يتوقف الا بتجريد اسرائيل من سلاحها النووي او على الاقل اجبار اسرائيل على احترام عضويتها في المنظمة الاممية وذلك بالتزامها بميثاق المنظمة وقراراتها ، والا ان يتم الغاء عضويتها التي هي مشوهة اصلا بسبب عنصريتها وممارستها لنظام الفصل العنصري وسياسة التطهير العرقي وجرائم حرب وجرائم ضد الانسانية.

حفاظ المنظمة الاممية على هيبتها وعلى سلطتها الاخلاقية كمبررات اساسية لاستمراريتها لا يتم الا باحترام كل ما يصدر عنها من قرارات سواء اكانت صادرة من الجمعية العمومية او من مجلس الامن وذلك من قبل كافة الاعضاء دون استثناء ودون انتقائية.

اما ما نعتقد انه معيار نجاح او فشل لقيادة المنظمة الاممية فهو يكمن في مدى استجابتها لخطاب الرئيس الفلسطيني في الجمعية العمومية في الثالث والعشرين من هذا الشهرالذي اعتقد بانه سيكون بمثابة صرخة في وجه العالم تعبيرا عن الظلم الذي الحقه هذا العالم ممثلا بالمنظمة الاممية بالشعب الفلسطيني وعلى مدار 74 سنة .

ختاما نقول بان ما سبق يوضح الفرق بين المسألة الفلسطينية التي هي مشكلة ما زالت قائمة تسببت فيها الجمعية العمومية للمنظمة الاممية سنة 1947 وبين الحرب الاوكرانية التي نتوقع انها ستطغى على اجتماعات الدورة 77 ولكن دون اي جدوى لانها حرب استفزازية بالوكالة بين الفيتوين الامريكي والروسي الااذا تمكنت قيادة المنظمة الاممية من صناعة معجزة الغاء حق الفيتو بالكامل مع الابقاء على العضوية الدائمة بحيث يتم اخذ القرارات في مجلس الامن بالاغلبية وذلك من اجل عالم اكثر امنا وسلما من عالم الفيتو الذي نعيش فيه.