الكاتب: رمزي عودة
نفذت حماس عملية السابع من أكتوبر وهي تراهن على أسر عدد كبير من الاسرائيليين بالشكل الذي يحول دون قيام اسرائيل بعملية عسكرية مضادة وشاملة في قطاع غزة. وبالفعل، نجحت حركة حماس بأسر مئات الاسرائيليين الأحياء والأموات، الا أن اسرائيل على عكس ما توقعت حماس، سرعان ما نفذت عدوانها الشامل على قطاع غزة وقامت بتنفيذ إبادة جماعية مخطط لها بالقطاع. بل إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لم يحدد في إعلانه الحرب على حماس في صبيحة السابع من أكتوبر أي هدف متعلق بتحرير أسراه، وانما أكد على هدف تدمير حماس وإعادة صورة الردع لإسرائيل. إضافة الى ذلك، فإن اسرائيل استمرت في الحرب برغم تهديدات حماس المتكررة بأن عدداً من الأسرى الاسرائيليين قتلوا أثناء القصف الاسرائيلي. وهذا إن دل على شئ فانه يدل على أن نتنياهو لا يأبه كثيراً بموضوع الأسرى حتى وإن قتلوا جميعاً في الحرب، لأن الأولوية لديه هو القضاء على حكم حماس وإبادة القطاع .
وبرغم ذلك، نجد أن حماس تصر على اللعب بورقة الأسرى حتى الآن، فهي تعتقد أن بقاء الأسرى لديها ومبادلتهم بأسرى فلسطينيين هو الانتصار الحقيقي لها في هذه الحرب لاسيما أنها خسرت كل أهداف الحرب التي أعلنها محمد الضيف في بداية عملية السابع من أكتوبر. ولعل هذا يفسر مهرجانات تبادل الأسرى التي قامت بها حماس في الدفعات السابقة للتبادل برغم أنها عرضت أمنها للخطر لاحقاً. من جانب آخر، فإن حماس تعتقد أن احتفاظها بورقة الأسرى سيجبر نتنياهو على قبول إعادة سيطرتها على القطاع، وأنها بدون هذه الورقة ستخلى الساحة لاسرائيل التي ستستمر في احتلالها للقطاع.
في الواقع، إن ورقة الأسرى لن تجبر إسرائيل على وقف نهائي لإطلاق النار، وهذه النتيجة ليست توقعاً، وإنما خضعت الى اختبارات كثيرة في كل الهدن السابقة بين الجانبين، حيث استمرت إسرائيل في العدوان على القطاع وقتلت أثناء توغلها العديد من أسراها غير آبهة. وبرغم ضغط حماس المتكررة حول تردي حالة الأسرى الاسرائيليين وتعريض حياتهم للخطر بسبب القصف الاسرائيلي، الا أن نتنياهو مستمر في العدوان. وهذا بالضبط ما كان واضحاً في محادثات المبعوث الأمريكي في الشرق الأوسط ويتكوف. حيث تتضمنت هذه المباحثات حقيقة اعتبار ورقة الأسرى التي تملكها حماس لن تحقق لها سوى الأهداف التالية:
1- وقف مؤقت لاطلاق النار ، 2- مزيد من المساعدات. 3- خروج آمن لقيادة حركة حماس . 4- ضمان عدم اغتيال قيادات حماس الداخلية والخارجية.
وفي إطار هذه المحدّدات، تصر حركة حماس على أن ورقة الأسرى (22 منهم أحياء كما هو متوقع) هي حبل النجاة لها، حيث رفضت مؤخراً عرض الوسطاء مصرّة على أن المفاوضات يجب
أن تكون شاملة وتضمن بقائها في الحكم، كما أكدت حماس على لسان قيادتها بانها لن تسلم أسلحتها وهو ما يجعلنا نؤكد على أن السبب الحقيقي وراء رفض مقترح الوسطاء هو رغبتها فقط في البقاء في الحكم.
وفي ظل هذه المعطيات السابقة، يجب أن نؤكد على حقيقة مهمة، وهي أن إسرائيل لو نجحت في تخليص أسراها أو حتى في حال قتلوا في الحرب لن تتوقف عن عدوانها، لأن الأسرى ليسوا السبب وراء استمرار هذا العدوان، بل إن أهداف الاحتلال هي إبعاد حماس عن المشهد السياسي والابادة والتهجير ومنع قيام حل الدولتين. وبالضرورة، فإن تمسك حركة حماس بالحكم في القطاع لن يؤدي الى تغيير هذه الأهداف، كما أن ورقة الأسرى لن تغير مسار الحل النهائي. بالمقابل، فان الحكمة تقتضي العودة الى مقررات القمة العربية والخطة المصرية الفلسطينية والتي تقضي بتمكين السلطة الوطنية في القطاع وإعادة الإعمار وإدخال المساعدات. وبالمحصلة فعلى حركة حماس ان تغلب مصلحة الشعب الفلسطيني على مصالحها الحزبية لاسيما في ظل تعالي الاصوات الرافضة لاستمرار حكمها في القطاع.