السبت: 17/05/2025 بتوقيت القدس الشريف

سيّد الكون بوذا.. له الفيلُ رمزُ البياضِ، وللشعب ثوبُ السواد

نشر بتاريخ: 17/05/2025 ( آخر تحديث: 17/05/2025 الساعة: 16:50 )

الكاتب: المتوكل طه

أرديةُ الزعفرانِ على صدرِ بوذا تغطي الهدوءَ السماويَّ،

من يوم أن رَوّعتهُ التعاساتُ في الأرضِ،

يمضي إلى سُبحة الكهنوتِ لئلا تموتَ الشموع،

وينعفُ في الصلواتِ البخور،

وينصبُّ ماءُ القداسةِ عند التراتيل..

بوذا الرئيسُ الذي قاوم المجدَ والنهدَ

تعبقُ عيناهُ في اللبّ،يدخلُ ضوءَ السعادةِ والكَشْفِ،

حتى يتمّمَ "الدّاما بادا،ليحفظَها الخَلْقُ في كلّ حين.

وبوذا الرئيسُ الذي علّق الصورَ الخاشعاتِ على الصدرِ،

لا يشتهي امرأةً في السرير،

ويفرشُ معبده بالخشونةِ والمُخلَصين.

له الفيلُ رمزُ البياضِ،كما الفلّ رمز العذارى،

- وللشعب ثوبُ السواد الحزين -

** ** **

وبوذا يُعلّمنا أن نقاومَ إغراءَ شَعْرِ الفَرَس،

لئلا تهبّ على مدخل الغابةِ البكْرِ ريحُ الجَرَسْ،

وتهجرَ أنهارنا ضفةٌ أو حَرَسْ،

وعلّمنا أنْ نصلّي بمحرابِ موقدنا للقَبَس،

إنّه الروحُ تسمو على شُعلةٍ من شفافية الماس،

نار المحاريب في أرض بوذا بلا فحمةٍ أو دُخان.

- وللشعب (هذا الرعاعُ البذيءُ) الدخانُ وثوبُ الرمادِ اللعين -

** ** **

والأرضُ تحمل أضواءَ بوذا إلى عتمةِ النائمين الكسالى،

إلى ظلمةِ الآثمين الذين ارتووا من لهيب الأفاعي أو الخمرِ،

حتى يطهّرهم من سُموم النساء المليحات،

لا بدّ من توبةٍ قاسيةْ،تُباعدهم عن نبيذِ الجسدْ،

وآثامه المُسرفاتْ،

لأن السعادةَ تقضي بأن نُطْلقَ الروحَ من سجنِ أضلاعنا للأبدْ،

وأن لا نُحب أحدْ،سوى سيّد الكون بوذا.

- وللشعب أنْ يحبسَ الروحَ في ثوبِ شهوتهِ،

لا يليقُ به غير ثوبِ التوالد والجنسِ والآثمين -

** ** **

وفي كلّ بيت لبوذا تماثيلُ شمعٍ ودمعٍ،

وصوتُ الهديلِ الجميلِ الحرام،

وإيقاعُ أغنيةٍ من حريرِ الرخام،

إلى أن يقوم النيام،من الشيخِ حتى حليب الفطام،

يُصلّون عند الحذاءِ المذهّبِ،

لا ينظرون إلى وجهِ حكمتهِ،

هكذا تقتضي خشية العابدين،الذين

لهم جنّةٌ من نَبيِّ التبتّل بوذا.

- وللشعبِ نارُ الوقاحةِ والكُفرِ والخاملين -

** ** **

وبوذا له زُخرفُ الشهدِ لـمّا يُمَدّ الطعامُ المنوّعُ؛

من سمكِ البحرِ حتى النعاج الطرّية والطير،

لكنّه صائمٌ كلّ يوم،

ولا يأكل اللحمَ والشحمَ،فالطيرُ روحٌ،

ولا يشربُ الزهرَ والخمرَ،فالخمرُ روحٌ،

ولا يبتدي أكله دون أن يذكر الجائعين الذين

ينادونه من وراء الحصار.

- وللشعب أن يمتطي الجوعَ عاماً،

وعاماً ليبقى من الجائعين -

** ** **

ولا يلبسُ القزَّ بوذا أو القطنَ أو بدلةً من حرير،

له بردةُ الصوف في البرِّ والبحرِ والقرِّ والحرّ،

زرقاء،حمراء،بيضاء،يلبسها..

والكتابُ المقدس زنّارهُ في السفرِ،

يقلّبه كلّما داهمته الليالي وغابَ القمر.

يضيءُ كما النجم لـّما تصادمهُ ظلمةٌ أو حجرْ،

ولا يعرف البْرد بوذا،فإيمانه مثل شمسِ الظهيرةِ،

والصوفُ دفءُ الحنان الدفين.

- وللشعب أن يصطلي بالبرودةِ والقيظِ،

أو يكتوي بالنجاسةِ والشرّ والكافرين -

** ** **

وبوذا استوى في البلادِ الإله،

ورمزَ الصلاة،

وشمناهُ تحت الزنودِ القويةِ،

أو فوق أقواس بيتِ الحياة،

لبوذا النشيدُ المجيدُ المقدّسُ..

بالاسم نُطلقُ روحَ النواة،

لبوذا اشتعلنا وجُعنا وكنّا أميناً يبلّغ قولَ الأمين.

- وللشعب أنْ يرتدي ثوبَ عارِ الخيانةِ

والبيعِ والعِرضِ والخائنين –

** ** **

تعقيب-1-

يقولون:بوذا يُحبّ الدمقسَ على ساحل الصدرِ

لمّا تلوّحهُ الشمسُ في شاطئِ النّفطِ.

يعوي إذا ما ترقّ المرايا على الساق،

يبكي على سُكّر البطنِ والغابتين،

إذا ما يجننّه ثلجُ نارِ الرواق.

وبوذا يحبُّ النساءَ الصغيراتِ والغنجَ

لمّا يسيلُ على شَفَةِ التوت.

لا يرتضي غيرَ لحمِ الزغاليل والصيد.

يعطي الزبانيةَ الطائعين الهدايا،

وما قال "لا" للتي فرشت جِسْرَها سُلّماً للعناق.

وبوذا له جلساتٌ من اللؤلؤ الحرّ يصطاف فيها

الغريب المقرّبُ بالسرّ جهراً،

وبعضُ الذين اشتكى الشكّ من حالةٍ لا تطاق.

وبوذا يرى في المخنّث إبداعَ خلقٍ جديدْ،

وفي الجوعِ لعبةَ موتِ العبيدْ،

وفي القمع مدرسةً للشعوبِ التي خُلقت كي تراه الوحيدْ،

ليعلو على ظهرها في المسا،

ثم ينهل من دمِها إنْ أفاق.

وبوذا له الريحُ والبحرُ والنارُ والصخرُ بالمال..

والنبضُ في نطفةِ الخَلْقِ والخالِقين.

تعقيب-2-

وللشعبِ طُهْرُ الدمِ المستباح،

ونجمُ الصباح،

وصدقُ العيونِ الملاحِ الملاح،

له الكفُّ تكسر مخرزها في المساءِ،

وتبعث أقمارَها من فضاءِ الجراح.

له عطرُ كلّ الأغاني الشهيدةِ،

والطِّيبُ من جمرةِ الاجتراح.

له نورُ هذا الفضاءِ الملوّنِ بالطير

والطائراتِ الصغيرةِ والياسمين،

والمجدُ والحقُ والباسمين،

ومعرفةُ الشهداء الذين

أتوا من ثياب المخيّم سرّاً إلى أَلَقِ الفاتحين،

وللشعبِ بوصلةٌ لا تحيدُ عن الأنبياءِ العظامِ،

وتمضي بعيداً عن المُدَّعين.