الكاتب:
زاهر أبو حمدة
يتصدر ملف السلاح داخل المخيمات الفلسطينية وخارجها الأخبار والتحليلات تزامناً مع زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إلى لبنان. في المقابل، لا بد للحذر من أن يحضر في العموم والتفاصيل لأن الاسئلة أكثر من الأجوبة لا سيما وأن التباين إن لم يكن الخلاف يتسع كلما حضرت آليات تنفيذ أي اتفاق.
ماذا يعني بسط الدولة اللبنانية سيطرتها على المخيمات؟
لا يُعرف حقيقة ما المقصود بتصريحات المسؤولين اللبنانيين وفي مقدمهم الرئيس جوزاف عون. هل هي سيطرة جزئية أم كلية تشمل الجوانب الأمنية والعسكرية والادارية؟ هل المطلوب يتعلق بمخيمات جنوبي نهر الليطاني تنفيذاً للقرار 1701 أم كل المخيمات الـ12؟ صحيح أن الطرف الفلسطيني منفتح على أية صيغة كانت وذلك منذ العام 2008، لكن هل يمكن للجيش اللبناني أو الأمن الداخلي الانتشار داخل المخيمات وإقامة مخافر؟ أم المطلوب العودة إلى مرحلة “المكتب الثاني”، وهي بدأت بتطويق غالبية المخيمات والتشدد عند الحواجز والضغط أكثر على اللاجئين؟ أم هناك توافق على تشارك المهمة الأمنية فلسطينياً ولبنانياً عبر استخدام “الشرطة المجتمعية” أي من الأمن الوطني الفلسطيني؟ وما يمكن تأكيده، أن الرئيس الفلسطيني يطالب بإطلاق حوار فلسطيني – لبناني شفاف وصريح، وأن تُطرح الأمور كما هي من دون مساحيق تجميل. وربما يكون مقدمة لذلك تشكيل 3 لجان: لجنة تشاور سياسي، ولجنة أمنية عسكرية لمعالجة موضوع سلاح المخيمات، ولجنة اقتصادية اجتماعية لمعالجة الموضوع الاقتصادي والاجتماعي في المخيمات. ومن هنا، وجب تعريف ماذا تريد الدولة اللبنانية من المخيمات وسلاحها؟ هل تريد سحب (نزع) السلاح أم تريد ضبطه كما تم الاتفاق سابقاً على تسليمه خارج المخيمات وتنظيمه داخلها؟
عن أي سلاح نتحدث؟
يشير الرئيس عون في مقابلته المتلفزة الأخيرة الى أن هناك سلاحاً ثقيلاً في المخيمات. وبكل تأكيد استخبارات الجيش تعرف أكثر من أي جهة أخرى، ولذلك وجب تحديد الجهات التي تملك هذا السلاح. وفي الأصل، هل يعني بذلك صواريخ بعيدة المدى؟ في المعلومات، ووفقاً لجميع المصادر الفلسطينية، فإن السلاح في المخيمات في أبعد تقدير متوسط وخفيف ويشمل “قذائف 107، هاون، آر بي جي، بي كي سي.. وسلاح فردي”. ويُذكر أن القوى الأمنية اللبنانية رفضت في الاشتباك الأخير داخل مخيم عين الحلوة في آب 2023 استخدام الأمن الوطني للسلاح المتوسط مثل قذائف 107، ما يعني أنه رهن قرار الدولة. ومعروف أن فصائل منظمة التحرير وحركة “فتح” سلمت السلاح الثقيل للجيش اللبناني بداية التسعينيات، وإن كان هناك سلاح ثقيل غير مكشوف يمكن العمل على تسلميه مثلما حصل مع “الجبهة الشعبية” – القيادة العامة” و”فتح الانتفاضة”، فمن يُسلم مقراته خارج المخيمات يمكن أن يُناقش في أي مسألة أخرى.
ماذا ستقدم الحكومة اللبنانية؟
بما أن الفلسطيني في لبنان تحت القانون اللبناني، وهو يُقر بذلك، فماذا عن حقوقه الانسانية؟ هل سيقر البرلمان اللبناني حقوقه الانسانية ومنها ما عملت عليه لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني؟ في المقابل، هل من ضمانات لبنانية لحماية الفلسطيني والمخيمات في أي أزمة طارئة؟ فإذا سلم سلاحه من يحميه؟ من يضمن ألا يتقدم جيش الاحتلال نحو المخيمات، وهو الآن على بُعد كليومترات من مخيم الرشيدية على سبيل المثال؟ ربما يبدو السؤال ساذجاً، لكن الفلسطيني يحتاج إلى ضمانة أمنية ونفسية فهو تعرض في لبنان لكل أنواع المجازر على أيدي أطراف متعددة لا داعي لذكرها.
ما مصير المطلوبين والفصائل المتشددة؟
لا يُعرف الرقم الحقيقي للمطلوبين الأمنيين للسلطات اللبنانية داخل المخيمات، والترجيحات تقدر أن العدد يتجاوز الألفين في كل المخيمات وجزء كبير منهم لبناني، فهل سيكون هناك عفو عام خصوصاً لمن لم تلطخ أيديهم بدماء؟ وهؤلاء بكل تأكيد لن يسلموا أسلحتهم من دون تسوية شاملة. كذلك ماذا عن الفصائل غير المنتمية الى منظمة التحرير؟ وليس المقصود “حماس” و”الجهاد الاسلامي” فقط. هل سيتم تسليم الأفراد والسلاح أم أن منظمة التحرير تُسلم سلاحها وبعد فترة تسيطر هذه الفصائل على المخيمات؟ مصدر في التنظيمات الاسلامية، يؤكد “الانفتاح على كل الحلول، لكن لا بد من تقديم مبادرة لبنانية كرزمة واحدة تضمن حلاً شاملاً لحقوق اللاجئين وقضايا المطلوبين، وهذا يتطلب حواراً فلسطينياً – فلسطينياً في البداية ومن ثم لبنانياً – فلسطينياً”.
هل انتهى صندوق البريد؟
لطالما اقترنت المخيمات وسلاحها بحق العودة للاجئين، لكن منذ ما قبل الحرب الأهلية والمخيمات الفلسطينية صندوق بريد للأطراف اللبنانية وكذلك الاقليمية. فهل انتهت هذه الورقة الأمنية بالنسبة الى الجميع لا سيما مع هذا التوقيت الحساس في الاقليم؟ في المقابل، ملفات كثيرة تقترن بمصير السلاح مثل تعريف اللاجئين في لبنان وحق العودة، وهل التوطين ما زال مرفوضاً فعلاً أم يمكن أن يُفرض دولياً؟ هل سيتحول اللاجئون إلى جالية؟ وماذا عن مصير وكالة “الأونروا” وخدماتها المتقلصة؟ والأخطر من كل ذلك، هل من قرار دولي وإقليمي بتنفيذ أي قرار بالقوة، يعني، سيهاجم الجيش اللبناني أي فصيل يرفض تسليم سلاحه أو الالتزام بالقرار؟ ربما هذا مستبعد لا سيما إن اقترن صورياً أو تزامنياً بتدمير الاحتلال لغزة ومخميات الضفة الغربية، وإذا كان بغطاء سياسي من السلطة الفلسطينية. ولذلك يرجح تشكيل قوة أمنية ضاربة فلسطينية لتنفيذ ذلك بغطاء لبناني. في حين، لا بد من الانتباه إلى أطراف أخرى متضررة من أي تنفيذ للقرارات، وانعكاس ذلك أمنياً وسياسياً، وهنا تخرج الأمور عن السيطرة وتصبح التداعيات غير متوقعة.