السبت: 20/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

لا حل سوى ....

نشر بتاريخ: 26/10/2011 ( آخر تحديث: 26/10/2011 الساعة: 10:28 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

كتب رئيس التحرير - في ذروة حكم ارئيل شارون ، وربما في بداية العام 2002 ، نفّذ فلسطيني عملية تفجير في مستوطنة جيلو المقامة على اراضي بيت جالا وراح فيها 20 قتيلا وعشرات الاصابات في صفوف المستوطنين ... وقف ارئيل شارون امام الجثث وهي ملفوفة بأكياس النايلون باللون الاسود .. وقال عدة عبارات من صميم قلبه ... وبين هذه العبارات التي تعتبر زلّة لسان ، حين سأله الصحافيون ما الحل ؟ فاجاب : ان الحلّ امّا الله او عبد الله !!!! وفي نفس اليوم جاء على لسانه وهو يقف امام الجثث قوله : هذا هو الشرق الاوسط لا شفقة ولا رحمة فيه على الضعفاء ...

وبعيدا عن ابتسامات السياسيين الخادعة ، وتعبيرات الدبلوماسيين المانعة ، تكون الحقيقة غالبا في زلات اللسان وفلتات القلم .. فالقيادة الاسرائيلية تخطّط منذ نصف قرن لاقامة دولة فلسطينية في الاردن ، وهذه الفكرة لم تبرح عقولهم ابدا ، ولا يختلف يميني ولا يساري ، صهيوني متشدد او تقدمي في كونها حلما صهيونيا ينشدونه كل يوم .

الليكود المتشدد اعلن ذلك في كل اجتماعاته ، اما حزب العمل فأخفى الفكرة في عباراته المنمقة والكاذبة ، فيما فضح العسكريون ذلك من خلال امنيتهم ان يكون الملك عبد الله اخر الملوك الاردنيين !! اما شمعون بيريس " الثعلب الصهيوني العجوز " فقال في العام 2000 أنه سيعمل جاهدا لتحويل سوق الضفة الغربية مثل سوق الاردن تماما وان يصبح سكان الضفة مرتبطون بالدينار اكثر من الشيكل وان على الفلسطينيين ان يكفوا عن العيش تحت فكرة اقتصاد مشابه لاسرائيل ، فهو يأمل ان يتخلّص سكان الضفة من التعلّق بسوق تل بيب ، وبعد ذلك طبعا جرى استخدام افكار من قبيل مقاطعة اسرائيل اقتصاديا من اجل فصل سيكولوجي للسكان عن حقوقهم في المطالبة بالمساواة مع العامل والمستهلك داخل الخط الاخضر !!!

ومع نشر خبر ان اسرائيل تعكف على بناء مليون وحدة استيطانية ( اي اضافة 5 مليون مستوطن على ارض فلسطيني ) وذهاب الحركة الصهيونية مؤخرا للبحث عن اجناس مشابهة لليهود في القارات المليئة بالسكان وبلدان هائلة مثل الهند والبرازيل وقبائل الامازون ، فان اسرائيل تبحث فعلا عن قبائل يجري تهويدها وتوطينها هنا لحسم امر تهويد الضفة الغربية في غضون عشر سنوات قادمة وان يصبح الفلسطينيون هم الاقلية الديموغرافية غرب النهر .. وان تكون الدولة الفلسطينية في قطاع غزة فقط وليس في الضفة الغربية والقدس .

اسرائيل لم تحسم امرها بعد ، فان وجدت قبائل يجري تهجيرها الى هنا ، ستنفذ مشروع ضم الضفة والقدس الى اسرائيل ، وان لم تجد ستعمل كل منغصات الحياة والتهجير والطرد من اجل تشريد الجيل القادم الى الاردن وان تكون الاردن هي الوطن البديل ..... ما يعني ان القضية الفلسطينية ستكون في وضع مشابه تماما لقضية الاكراد الذين ضاعت هويتهم القومية بين العراق وسوريا وايران وتركيا وصار كلد بلد يعتبرهم خطرا على هويته .

ما العمل ؟

الحل الوحيد الذي نراه الان هو الرد على الكم اليهودي بالكم وبالنوع ، فاسرائيل لم تنسحب من قطاع غزة بسبب المقاومة فقط وانما بسبب التكاثر السكاني للفلسطينيين هناك . والذي تحوّل في العقد الماضي الى قنبلة تنفجر في وجه المستوطنين ، وعلى الفلسطينيين الان ان يعملوا على قضية واحدة وهي البقاء والتعليم .... فالدعوة الى الانجاب فقط هي دعوى خالية من الثقافة وفيها مس بكرامة الانسان ، فنحن لسنا زريبة اغنام ، ولكننا نستطيع ان ندعو الى التعليم الجيد والاهتمام بالجامعات والتكنولوجيا والتخصص والابداع وتحصيل التعليم العالي والاهتمام اكثر واكثر واكثر بوزارة التعليم لانها اهم بكثير من رئاسة الوزراء ووزارة الداخلية ، ومع احترامي لحماس وفتح والاحزاب التي تعتبر ان وزارة الداخلية اهم وزارة ، وان رئيس الوزراء هو اهم شخص في الحكومة القادمة !
فالامر لن يكون بعدد السكان فقط بل بالاجيال التي تربيها الامة :


وكم رجل يعد بألف رجل ........ وكم الف تمر بلا عداد


او كما قال الشاعر :

العلم يبني بيوتا لا عماد لها ............ والجهل يهدم بيوت العز والكرم