الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
قالت العرب ان الاعرابي هو من ولد لاب عربي وام غير عربية . اما العربي فهو من ولد لاب وام عربية وبذلك يكون جميع السكان العرب والاعراب في بلاد العرب هم عرب ولهم كامل الحقوق المدنية والشرعية والإنسانية من دون تمييز او تلاعب من أي نظام .
ان امة يبلغ تعداد سكانها نحو 500 مليون نسمة لا تستطيع ان تستوعب مليون ونصف من أبناء الأقلية الدرزية هي امة فيها معضلة خطيرة . وان الأنظمة العربية ما بعد " الربيع العربي " اذا لا تأخذ في عين الاعتبار خصوصيات الأقليات الدينية والأقليات القومية والأقليات الثقافية سوف تفقد مقومات بقائها اجلا ام عاجلا .
المسيحيون العرب ( 22 مليون نسمة ) ليسوا اقلية قومية وان كانوا اقلية دينية . والشيعة العرب ( 50 مليون نسمة ) أعمدة وجود سياسي وثقافي وفكري وديني ونضالي وانساني في هذه الامة . والبربر ( 14 مليون نسمة ) ليسوا اقلية قومية ، كمان ان الاكراد ( 40 مليون نسمة ) مؤسسين وأصحاب هوية قومية وليسوا اقلية في بلاد العرب ، ومثلهم اليهود العرب ( مليون نسمة ) . اما الدروز (مليون ونصف نسمة ) فهم من الشركاء في هذا الوطن وقضاياه وثقافته وفكره واسهاماتهم لا تحصى في التنوير والتوازن . ومثلهم العلويين الذين دافعوا عن سوريا ووحدتها عبر مئات السنين .
ومنذ جاء نابليون لغزو مصر عام 1798 لحماية مصالح فرنسا ضد إنجلترا ، لا يأتي طرف ويفتح ملف الأقليات العربية الا وكان من الغزاة او الطامعين سواء كان مسلما او غير مسلم ، وسواء كان عربيا او تركيا او عجميا .
وبالمناسبة فان مصائب الأمة العربية جاءت على يد أبناء الغالبية وليس على يد أبناء الأقليات . حتى محمد علي باشا مؤسس الدولة العربية الحديثة كان من البانيا ولم يكن عربيا !! وصلاح الدين الايوبي كان عراقيا كرديا ، وجول جمال كان مسيحيا سوريا وكمال جنبلاط كان درزيا لبنانيا و....
حين وصلت دمشق لأول مرة رفض صديقي الدرزي – وهو فنان كبير يعرفه كل العرب - ان اذهب الى فندق واستضافني في بيته ، وفي لبنان يتسابق أصحاب الرايات الخمس على استضافة الفلسطيني والتفاني في صداقته . في الأردن وفي الجولان السوري وفي الجليل وحيفا ترى اننا امام صورة تحتاج الى قراءة صادقة .
قال لي جندي درزي يعمل سجانا في سجون الاحتلال : انا اخدم هنا خدمة اجبارية لأنني درزي . فقلت له وانا غادرت جامعتي وجئت اسيرا سجينا في هذه الزنزانة لأنني تعلمت الوطنية على يد قائد وطني درزي هو الشاعر سميح القاسم .
اقولها بكل صراحة وبقناعة كاملة : المجتمع السوري ليس مجتمعا عنصريا . ذهبت الى هناك واعرف اهل الشام ولا يحملون صفة الطائفية ولا العنصرية ابدا ابدا . وان الفكر العنصري يأتي الى الشام من الخارج ومن كهوف الصحراء ومن ظلمات الفكر الدموي ، ومن جماعات إسلامية تكفيرية حضرت عبر حدود تركيا لتزرع الضغينة في صدور اهل الشام .
الامة العربية عليها ان تنهض إعلاميا وفكريا وثقافيا ، حتى لو كانت الأنظمة العربية فاشلة ولا تستطيع النهوض .. وملف الأقليات يجب ان تحسمه جامعة الدول العربية من دون أي تدخل من أي جهة غير عربية حتى لو كانت تحمل راية "الدين" وراية القوة وراية النفوذ .
طوارقنا لنا ، والنصارى اخوتنا ، وبربرنا افضل من افضل غريب ، ودروزنا اخوتنا وهم من اهل الشام وسوريون اقحاح .
انتهى الاستعمار من لعبة سني وشيعي .. والان يبدأ لعبة الأقليات . وعلى المثقفين والإعلاميين العرب وعلى راسهم الدروز ان يغلقوا هذا الباب في وجه الغزاة وفي وجه الذباب الالكتروني الذي ينتشر مؤخرا ويزرع الفتنة .اذ لا يمكن القبول بان يجلس الانسان السوري في بيته وهو خائف من جيرانه وأهل مدينته رغم كل الحرب التي أحرقت بلده وصمد فيها ولم يهاجر .