الخميس: 29/05/2025 بتوقيت القدس الشريف

رام الله ليست سايغون وغزة ليست هانوي

نشر بتاريخ: 28/05/2025 ( آخر تحديث: 28/05/2025 الساعة: 13:17 )

الكاتب:

رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

قبل انتصار الثورة الفيتنامية وهروب أمريكا من سايغون عام 1975 كانت الثورة الفيتنامية بقيادة القائد المعروف هوشي منة تسيطر على مدينة هانوي شمالا ، وكانت أمريكا تقيم نظاما متعاونا في الجنوب في اكبر مدن فيتنام وهي مدينة سايغون .

وبينما كانت الطائرات الامريكية تقصف هانوي ببراميل البارود التي عرفت بقنابل " نابالم " الحارقة كانت الحياة الليلية والمراكز التجارية وحياة الصخب واللهو في سايغون . واستمرت الحرب طوال عشرين عاما حتى هرب الامريكان وتركوا العملاء خلفهم يحاولون تسلق حبال المروحيات من فوق مبنى السفارة وهي الصورة التي تخلدت في الذاكرة كما تخلدت صورة الهروب الامريكي الأكبر من كابول في أفغانستان .

في اكثر من مرة استمعت الى " مثقفين " او " محللين " يستطيبون المقاربة بين ما حدث في فيتنام وما يحدث في فلسطين ، على اعتبار ان الثورة الفلسطينية في قطاع غزة وان الضفة تعيش المتعة تحت الاحتلال !! وهذا قول سقيم لا صلة له بالواقع لان الضفة بما فيها مدينة القدس المحتلة تواجه الظلم والقتل والحرق والتهويد والتطهير والعنصرية في حرب هي الأطول والاقسى والابشع والاشد بطشا بمواجهة عصابات المستوطنين والجيوش التي تحميهم .

وفي قناعتي ان المخطط الإسرائيلي الأمريكي يقود الى العكس .. وان الهدف النهائي هو جعل الضفة الغربية مثل هانوي فيها المعارك والقتال على كل متر وعلى كل منزل وعلى كل شارع وتحت كل شجرة زيتون ، وان المخطط الإسرائيلي يفضي الى جعل قطاع غزة مثل سايغون .

ليس من الحكمة ان يتسابق الضحايا في اثبات من يعاني اكثر واشد ، ومن الذي يموت في اليوم عدد مرات اكثر . ولكن من الحكمة ان لا تخلف الحرب في المجتمع الفلسطيني احباطا سببه ( القيادات ) . فالإحباط يقتل العمل والامل والقدرة على التفكير بشكل سليم .

يحزنني ان مصدر الإحباط هو الأداء الواهن للوزارات والبلديات والتنظيمات والهيئات التي لا تزرع شجرة ، ولا تبني رصيفا ولا حديقة عامة ولا نافورة ، ويقتصر دورها على اصدار البيانات بعد وقوع المصيبة .

نحن نرى جهات تدربت على دور واحد وهو الجباية من المواطن . وان انتشار ظاهرة " سلطة الجباية " سوف يؤدي حتما الى انتشار السوق السوداء .

والسوق السوداء لقب اطلقته الحكومات على البضائع التي تتهرب من الضريبة . وانا أرى انا ان السوق السوداء والبضائع الرخيصة نسبيا في عيون الفقراء قبل عيد الأضاحي هي سوق بيضاء جدا ، وان السوق السوداء الحقيقية هي السوق التي لا يستطيع الموظف او العامل الفلسطيني ان يأخذ أولاده ليشتري منها لوازم العيد . فهذه هي السوق السوداء الحقيقة .