السبت: 27/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

مسلسلات رمضان.. كيف نضحك ونحن نبكي

نشر بتاريخ: 13/07/2013 ( آخر تحديث: 15/07/2013 الساعة: 11:55 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

تجلس الامة الاسلامية فترة أطول من المعتاد أمام الشاشة الفضية الصغيرة في شهر رمضان، ما يدفع اصحاب الشركات والمحال التجارية الكبرى ودور الانتاج الى استثمار مئات ملايين الدولارات في منتجات هذا الشهر. وفي كل عام يحتدم التنافس وتتسابق المحطات لشراء أو انتاج مسلسلات وبرامج تستقطب المشاهد الجائع أو المشاهد المتخم بالطعام والشراب بعد الافطار.

التجارب اثبتت ان الانتاج السوري والانتاج المصري هو الافضل والاوسع انتشارا على صعيد العالم العربي، ولكن سوريا تنزف منذ 3 سنوات ما ادى الى تحطيم عملية الانتاج، وتدهور اوضاع الممثلين الى مستوى البحث عن اي دخل، ومثلها مصر تدور حول نفسها ما ادى الى ان يعمل الممثلون دور المذيع مثل هاني رمزي ومحمد هنيدي وحتى المخرجة المصرية المعروفة ايناس الدغيدي اشغلت نفسها بتقديم برنامج وصارت مذيعة.

تلفزيون فلسطين ومثله فضائية معا والفلسطينية جهدت شاشاتها لتقديم افضل ما لديها من برامج ومسلسلات ووجوه جديدة، فتغيرت الشاشات نحو الافضل لكن الجمهور "حزين". والاخبار أكلت الاجواء، فالهم كبير والخوف عميق والمجهول يؤرق خيالنا.

الفضائيات الخليجية تشكل اكبر سوق شرائي للمسلسلات وقد تكون هي صاحبة الاحتكار في هذا المجال ولكنها - هذه فرصتها - استثمرت هذه السنوات في المسلسلات الخليجية مثل واي فاي وغيره من المسلسلات. ما يعني اننا ندخل مرحلة جديدة من العلاقة بين المشاهد والقنوات.

وتشير الانطباعات الاولى- ليست دراسة علمية- أن الفضائيات الكبري تتراجع لصالح المحطات المحلية، وهناك فضائية اخبارية كبرى احتكارية تثبت اليوم انها قناة للاخوان المسلمين "وهذا ليس عيبا" وفضائية اخرى كبيرة ظهرت وكأنها تعمل لصالح دولة خليجية منافسة اخرى. ولكن الامر دفع بالمحطات المحلية المصرية الى الصعود بقوة، تماما مثلما صعدت قبل عشر سنوات المحطات المحلية اللبنانية ثم تراجعت بشكل قوي بعد اغتيال الحريري.

وخلاصة القول أن المشاهد في شهر رمضان هو نفسه المشاهد في جميع ايام السنة، وان الجمهور لم يعد يقبل اي شيء لمجرد انه في شهر رمضان، فهو يبحث عن الفن الحقيقي والفن الحقيقي لا يأتي منقعا بالسياسية والحزبية، والقنوات صاحبة هوية، والهم المحلي اكبر من التسالي والفوازير، على شركات الانتاج ونقابات الفنانين ان تعرف ان المجتمع العربي قد تغير، وعلى الممثلين ان يعرفوا انه مهما ظهرت مواهبهم فهم بحاجة ماسة الى سيناريو راقي ومتقن ولا مندوحة عن البحث عن روايين وكتاب سيناريو لينجح الفن لان موهبة التمثيل لوحدها تبدو ساذجة ومليئة بالاسفاف من دون نص راقي.

اما المحطات المحلية في فلسطين ومصر ولبنان وسوريا فهي تخطئ خطأ عمرها اذا حاولت تقليد الفضائيات الغنية أو اللهاث وراءها لان الاساس هو ان تبحث بين الخريجين الجدد والشباب الواعد على برامج وافكار ومسلسلات محلية وترفع بها الى مصاف الاقليمية وليس العكس. مع الاشارة الى ان البرامج الواقعية "رياليتي شو" تنجح نجاحا كبيرا منذ سنوات سواء اراب ايدول او نيوستار او الرئيس او مثلها.

شاشات ملئية بالمسلسلات.. والمشاركات التجارية والجوائز. ولكن المجتمع العربي قد تغيّر واصبح يبحث عن طريقة جديدة للاداء ولم يعد ينتظر الفوازير. فما نجح في السبعينيات والثمانينيات لن ينجح في السنوات القادمة. والمطلوب ابداع مستنبط من الواقع الراهن. والمشاهد بحاجة الى افكار جديدة وليس الى مسلسلات جديدة فحسب.