الجمعة: 03/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

الاعلام الحزبي مرزوق والاعلام الخاص ممسوك والاعلام الرياضي مخنوق

نشر بتاريخ: 27/11/2014 ( آخر تحديث: 30/11/2014 الساعة: 20:34 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

حجم استثمار القطاع الخاص في مجال الاعلام الفلسطيني ليس كبيرا ، ولا يتجاوز 20 -10 مليون دولار تقريبا ، ولكنه مؤثر بشكل كبير لا يتناسب والمبالغ المستثمرة . في دول اخرى مثل مصر وروسيا تصل استثمارات القطاع الاعلامي الخاص الى مئات الملايين بل الى مليارات ولا يصل مستوى تأثيرها الى هذا الحد الذي تؤثر فيه وسائل الاعلام الفلسطينية الخاصة .

ومن جهة ثانية لو نظرنا الى حجم استثمار المحطات الحزبية مثل تلفزيون فلسطين وفضائية الاقصى وفلسطين اليوم واذاعات الجهاد الاسلامي و الشعبية وفتح وحماس وفلسطين اليوم لوجدنا ان حجم الاستثمار فيها يصل الى مئات ملايين سنويا . ولا يزال الاعلام الحزبي الاكثر ثباتا واستقرارا من ناحية الديمومة ومثله اذاعات الجامعات والهيئات الاكاديمية ، كما انه لا يحتاج الى الدعايات والاعلانات ولا يحتاج الى استرضاء الرأي العام او السوق التجاري . وهذا يحتاج الى بحث خاص ومعمق .

اما الاعلام الاقتصادي في فلسطين فهو لم يخرج بعد من جوارير الشركات المستثمرة وهواية الخريجين . فلا تزال النشرات الاقتصادية غير مسيطرة ولا تقرر حجم الاستهلاك والبيع والاستيراد كما ان غياب اختصاصيي النقد والباحثين والخبراء يعني فقرا شديدا في التخصص . مع الاشارة الى ان خبراء الاقتصاد في فلسطين كثر ويملكون كفاءات كبيرة لكن النشرات الاقتصادية لا تدفع اجورا ومحطات التلفزة الحزبية والخاصة لا تدفع لقاء المقابلات فتراهم يقومون ببعض المداخلات وليس أكثر . ولهذا نستطيع القول ان الاعلام الاقتادي مخنوق ويحتاج الى اكسجين .

اما الاعلام الرياضي فهو من اهم وابرز استثمارات المستقبل ، ولكنه في بلادنا لا يزال في زنزانة " الملاحق " ومكانته لا تزال في ملحق بصحيفة او خبر جانبي في نشرة اخبار او احتفال تكريم في فندق نجمتين، ولان الرياضة لم تصل في فلسطين الى جاذب لاستثمارات السوق الحقيقي - رغم ان مصاريفها تنافس مصاريف وزارة الصحة - فان الاعلام الرياضي لا يزال مخنوقا. والامر ليس رهنا بمسؤول او كابتن او رئيس نادي وانما مرهون باستراتيجية الاستثمار الاعلامي ككل .

وفي قراءة للسنوات العشر القادمة، فانه من المستحيل ان يبقى الوضع كما هو عليه ، لان اصحاب الرأسمال والكارتيلات الصناعية والسياسية لن يتركوا مجال الاعلام المؤثر والخطير بهذه العذرية، دون الولوج اليه والدخول فيه ، وقد بدأ اصحاب المليارات فعلا في الدخول وشراء اصحاب المحطات الصغيرة اضافة الى ملكيتهم لاحدى الصحف والمطابع، ومهما قاوم اصحاب ومدراء الاعلام الخاص فلن يستطيعوا النجاة امام "الهوامير " لانهم مجرد اسماك زينة جميلة ولكنها لا يمكن ان تصمد في صراع البقاء الشرس. ورجال الاعمال الكبار -من حقهم القانوني- بدأوا فعلا بشراء حصص في الاذاعات والقنوات كما ان اصحاب التمويل الاوروبي يتحكمون بحجم الاستثمارات في مواقع الانترنت ووكالات الانباء والحبل على الجرار .

وفي السنوات القادمة سيتمكن اصحاب المليارات من ابتلاع المحطات الخاصة بشكل سهل وستصبح وسائل الاعلام في فلسطين مثل مصر وروسيا وغيرها، وستنقشع البراءة والسذاجة عن وجه الاعلام الخاص وسيصبح اصحابها جزء صلب ومكون اساسي من مكونات السياسة الداخلية لتلك الحكومات .

الا يوجد حل اخر يمنع هذا السيناريو المتشائم ؟

من ناحية اخلاقية وليس قانونية، من ناحية ضمان توازن المجتمع فان الحل هو التعاونيات الاعلامية التي تحمي نفسها بالناس وتمنع الحكومات من تسيير الاعلام وتمنع الراسماليين من ابتلاعها، ولكن هذا يحتاج الى الترفع عن المصالح الذاتية ويحتاج وعيا نقابيا وكادرا مثقفا ونقابة واعية عميقة لها خبرة في العمل النقابي . وفي ظل تعطل البرلمان فان الحكومة يجب ان تحمي الاسثمارات الصغيرة- ان أراد رئيس الحكومة ذلك .