الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

الثقافة؛ من جديد

نشر بتاريخ: 09/02/2015 ( آخر تحديث: 09/02/2015 الساعة: 14:37 )

الكاتب: صادق الخضور

يكثر الحديث عن الإنسان الذي نريد، والذي نأمل، وكثيرا ما يتم طرح التمنيات بعيدا عن المنهجيات والآليات الكفيلة بتحقيق الغايات المنشودة، ومن جديد، تطل علينا مسؤولية تقديم جهد نوعي موجّه لإعادة إنعاش الثقافة التي احتضرت وباتت على شفا هاوية في انزلاق خطير.

القصة لا ترتبط بتقليص الموازنات الخاصة بالثقافة كما يتوهم الكثيرون رغم أن هذا سبب وجيه لتراجع العديد من الفعاليات الثقافية، لكنها ترتبط بغياب الرؤية واضحة المعالم، وتغييب النوايا القادرة على تقديم جهود ثقافية ترتقي بمستوى تفكير أجيالنا.

نسأل: أين النشاطات الثقافية؟ ولماذا يتم اختزالها في نصف شهر من العام في الصيف؟ وأين دور المؤسسات الثقافية وما أكثرها؟! وأين خطة وزارة الثقافة للنهوض بالواقع الثقافي؟

في ظل الغياب الكبير للأنشطة الثقافية بات من الطبيعي أن تكون السطحية في التفكير سمة طاغية على المشهد، ولعلّ ما يشهده العالم العربي من تحديات يستوجب العودة للثقافة باعتبارها مكونا رئيسا من مكونات تشكيل الفكر، ومن هنا فإن الحلول التي ينشدها كثيرون لمشكلات عزّز وجودها غياب تعبئة فكرية صحيحة وموجهة تكمن في الثقافة.

تعظيم الثقافة وإعادة الاعتبار لها يجب أن يكون أولوية، ويجب ألا يقتصر اهتمامنا على وجود مجالس إدارات في العديد من المؤسسات، لأن الأهم هو مدى الفاعلية، وأخشى ما أخشاه أن تكون هذه في حال اعتمادها مؤشرا للتقييم سببا في اكتشاف أننا والثقافة على طرفي نقيض.

الثقافة وما لها قبل أن نطالب بما عليها، والمرحلة الراهنة تتطلب بلورة رؤية وطنية واضحة، ومنح الموضوع جزءا من اهتمام الحكومة، ولمن لا يذكر فقد كانت سنوات نهاية التسعينيات شاهدا على نشاط ثقافي كبير في المحافظات جميعها، أما اليوم فكثير من مكاتب وزارة الثقافة بانتظار من يزودها بخطة للأنشطة وهنا لا نستثني بعض المديريات الفاعلة لكنها قليلة، بل وقليلة جدا.

سياسيا، واجتماعيا، كان يمكن أن تشكّل الثقافة نواة للعودة للمسار، لكننا وبدلا من منحها مزيدا من الاهتمام منحناها مزيدا من التجاهل، والحال الثقافي لا يبشّر بخير وغير مطمئن، والسؤال المطروح: متى تتم العودة؟ وكيف؟

الثقافة حل، وغياب الاهتمام بها إشكالية، وعودة الاعتبار لها يعني إعادة الاعتبار لذواتنا، لكننا بتنا على موعد مع أنشطة محدودة ونخبوية تستهدف فئة معينة وتندرج في إطار الترف الفكري قبل أن تندرج في إطار جهد شمولي مندرج في سياق هادف.

المثقفون متناثرون، والخيط الناظم يغيب، مع أن الثقافة تستحق لكنها أُسقطت من حساباتنا وعلينا ألا ننتظر إلا المزيد من التراجع الفكري، فهل ستكون هناك محاولات جادّة لعودة الأمور إلى نصابها قبل الدخول في نفق مظلم؟

الثقافة والاهتمام الرسمي، وبالانتظار آملين ألا يطول، فالإشكالية كبيرة، وعلينا ألا نواصل الدوران في حلقة مفرغة من التشخيص، والمطلوب الكثير من الحلول العاجلة بتوليفة تجمع بين الجهدين الشعبي والرسمي مع إعادة استقطاب القطاع الخاص ليرعى الثقافة .