الجمعة: 26/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

ملاحظتان في عجالة

نشر بتاريخ: 21/02/2015 ( آخر تحديث: 21/02/2015 الساعة: 19:39 )

الكاتب: صادق الخضور


الملاحظة الأولى ترتبط بإشادة بجهود الفاعلين الحريصين على تذليل كل الصعاب، والتطوع من أجل خدمة المواطن في الظروف الجوية التي يمر بها الوطن، فقد رسمت عديد الأطراف في المحافظات جميعها لوحة رائعة من التكامل، والبذل، والعطاء، والجاهزية بعيدا عن منطق المحاصصة أو الاستئثار.

لطواقم البلديات ولا تقتصر الإشادة على الرجال فقد حضرت النساء جنبا إلى جنب مع الرجال في غرف العمليات، ولكوادر الدفاع المدنى، ولنشامى الدفع الرباعي، ولكوادر حركة فتح والقوى الوطنية، وللمؤسسات الإعلامية التي وظفّت إمكانياتها لصالح تيسير التواصل ومتابعة الحدث أولا بأول وهنا يجدر التنويه بالجهود النوعية لتلفزيون فلسطين ولوكالة معا ومحطتها الفضائية، والشكر موصول لكل الفاعلين في كل المواقع تحية تقدير، فقد لاحظنا في المنخفضين الأخيرين أن مستوى الاستعداد فاق حجم المنخفضات، وهذا يؤكد أنه تم استخلاص العبر من السنوات السابقة.

لقد برهنت هذه الطواقم أنها جديرة بالثناء والتقدير، فدورها الفاعل والاستعداد حتى قبيل وصول المنخفض مؤشر على أننا تجاوزنا مرحلة التجريب إلى مرحلة التعاطي الإيجابي مع الحدث.

ثاني الملاحظات ترتبط بالوضع في قطاع غزة، وهو ما يستدعي التأكيد على أهمية إنجاز مصالحة فعلية على أرض الواقع وتمكين حكومة الوفاق من القيام بدورها المأمول، فهذا مما يعيد للوضع في القطاع توازنه خاصة في ظل الانفلات الأمني الكبير والتراجع الكبير في مستوى الأمن، وهنا لا نتحدث عن بعض الحوادث التي لطالما كان هناك زعم بأنها نتاج خلافات داخلية في فصيل ما، فلو سلمنا جدلا بذلك، فإن هناك عشرات الحوادث المرتبطة بالسطو والسرقة والهجوم على البيوت، واغتيال أكاديميين، وتعديات على البنوك، وكلها لا تندرج في إطار خلافات داخلية في فصيل ما!!!! بل تؤكد عدم دقة الزعم بأن كل الأحداث نتاج خلافات داخلية هنا وهناك.

مشكلة توفير الأمان أولوية يجب السعي لعلاجها، وهي أهم من قضية الإعمار أو توفير الرواتب للموظفين الجدد لأن القضيتين السابقتين قد يعالجان من خلال تدخّل خارجي، وتسوية قد تطول لكنها حين تحضر تكفل الحل، أما الأمن والأمان فهما مرهونان بتوفير أجواء داخلية ومتابعة حثيثة من خلال التوافق ولا شيء غيره.

لا زالت حكومة التوافق تأمل وتتأمّل أن يتم منحها فرصة العمل الكامل في القطاع، لكنها تصطدم بوجود وقائع على الأرض تعطّل جهودها، بل وتجعلها في مرحلة مراوحة المكان وهي التي تعاني أيضا من حصار اقتصادي إسرائيلي بفعل حجز أموال المقاصة.

وقد يسأل سائل: لماذا تم إيراد الملاحظتين معا؟ ظاهريا قد يبدو الجمع بينهما إقحاما فجّا، لكنه في حقيقة الأمر غير ذلك، ولعل الملاحظة الأولى تؤكد أننا حين نعمل معا فيمكننا الإنجاز وتحقيق ما نصبو إليه، وهذا ما نحتاجه فعلا، وهو ما يؤكد أن تمكين حكومة الوفاق برئاسة د. رامي الحمد الله ومرجعيتها الرئيس محمود عباس من العمل بأريحية هو الكفيل بعلاج الكثير من المشكلات، وهو ما يقود بالتالي للحديث عن أن إنجاز المصالحة مصلحة وطنية عليا، وهو ضرورة يجب أن يعي الجميع أهمية توفير متطلباتها، والعواصف الثلجية تمر وتنقضي، أما عاصفة الانقسام فباتت واقعا كأنه لا يمكن الخلاص منه، وقد سئمنا الدوران في حلقة مفرغة من الحديث عن إمكانية إنهاء الانقسام، ووصلنا مرحلة تستوجب الخروج من تحديد الوجهة " يا أسود يا أبيض لكن مش رمادي".