الأربعاء: 24/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

الرئيس الامريكي ولغز صنع السلام في الشرق الأوسط!

نشر بتاريخ: 30/03/2015 ( آخر تحديث: 30/03/2015 الساعة: 14:59 )

الكاتب: د. إبراهيم الشاعر

في الأيام الأخيرة من حملته الانتخابية، تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو أنه لن تكون هناك دولة فلسطينية في حال أعيد انتخابه، وأغلق الباب على فكرة حل الدولتين المعتمد دوليا؛ ليس هذا فحسب، فقد حرض نتنياهو أيضا ضد الناخبين العرب الذين مارسوا حقهم الديمقراطي كمواطنين؛ واضح أن نتنياهو لا يريد حل الدولتين، ولا يمكنه أن يتحمل حل الدولة الواحدة الديمقراطية التي يستطيع فيها الفلسطينيون ممارسة حقهم بالتصويت! لكنه يسعى للسلام !!! يا له من لغز!

من خلال متابعة دقيقه لخطابات الرئيس الامريكي أوباما بشأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، أجدها مفارقة غريبة أن العدالة تقتضي مطالبه أولئك الذين تنازلوا عن 78% من أراضيهم بالتخلي عن المزيد من الحقوق!

بناءً على تصرفات الرئيس أوباما وخطاباته، أستطيع أن أستنتج أنه، كما نحن، يشعر بخيبة أمل من القادة لعدم تحقيقهم السلام؛ وكمواطن فلسطيني عادي وأكاديمي، يمكنني أن أفهم ذلك بسهولة؛ ولكن وجد القادة ليقودوا وإذا لم يتمكنوا من القيام بذلك، ينبغي عليهم أن يتنحوا جانباً؛ وإذا كنت مختلفا، يا سيد أوباما، فكن كذلك، واصنع السلام ولا تشكو الكثير عن التحديات والصعوبات هنا وهناك، فنحن جميعاً نعرفها، وكل طفل في فلسطين وإسرائيل يعرفها.

خلال زيارتك للشرق الأوسط، يا سيادة الرئيس، أظهر غالبية الشعبين دعمهم لحل الدولتين على أساس حدود عام 1967، والأقلية فقط تعارض ذلك؛ والقادة الأقوياء المخلصون حقا خلقوا لتلبية طموحات الأغلبية وتطلعاتها؛ لقد نجحت حينذاك في عرض قضيتك لصنع السلام جيداً، ولكن أعتقد أن فكرة الاعتماد على المباحثات المباشرة كطريق وحيد لتحقيق السلام لم تعد فاعله أو مجدية بعد تجريب هذا النهج لأكثر من عشرين عاما؛ وهذا الأمر يتعارض مع المنطق السليم ومع التعريف الشائع "للجنون" الذي ينسب إلى ألبرت أينشتاين (أو إلى المؤلفه ريتا ماي براون، (1983: 68) في كتابها "الموت المفاجئ") عند قولها: "الجنون هو أن يفعل المرء الشيء نفسه مراراً وتكراراً ولكن يتوقع نتائج مختلفة. "

أنت على حق، يا سيادة الرئيس، في قولك أنه لا يمكن للجدران أن تحمي إسرائيل في زمن التكنولوجيا؛ إن مصادرة ملكية الأرض هنا أو هناك لأسباب أمنية أو تاريخية أو دينية لا يحقق الأمن وهو بكل الأحوال غير مبرر؛ وخلال هذا الصراع، فان الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة مهووسة بشكل عام، ورئيس الوزراء الحالي على وجه الخصوص مهووس كذلك باستخدام اسطوانة "الأمن" ذريعة لمصادرة المزيد من الأراضي وبناء المزيد من المستوطنات؛ فبربكم، من يحتاج ضمانات أمنية، دولة إسرائيل المدججة بالسلاح أم الشعب الفلسطيني الأعزل؟

لذلك، باختصار، كرئيس القوة العظمى الوحيدة في العالم، يا سيادة الرئيس، يمكن أن تحقق السلام على الرغم من اعتقاد العديد من الناس البسطاء أن يديك مغلوله بسبب القيود الداخلية؛ ولو كنت لتسألني كيف يمكن أن يتحقق ذلك دون التظاهر بأنني مستشار سياسي فذ، فان المنطق العام يلهمني أن أقترح الخطوات التالية:

1) أنه من الموثق جيدا لأكثر من ثلاثة عقود على الأقل أن معظم القادة متفقون على حل الدولتين، ومع استثناءات قليلة فهم يتبنون حدود عام 1967 على أساس قرارات الأمم المتحدة؛ وهذا يتطلب إتباع نهج شمولي بدلا من نهج تجزيئي؛ وبالتالي فإن الخطوة الأولى تقضي بأن تحذو أمريكا حذو 137 دولة بالاعتراف رسميا بفلسطين في حدود 1967 مع القدس الشرقية عاصمة لها، معلنة بذلك أن البناء الاستيطاني الإسرائيلي غير قانوني.

2) يطلب من القادة الفلسطينيين والإسرائيليين توقيع الوثائق رسمياً، ومن ثم تشكل لجان فنية للتفاوض على عملية التنفيذ، وبهذه الطريقة، يمكن اختبار نوايا القادة الحقيقية وكشفهم أمام شعوبهم والعالم كله.

3) إذا أخذنا (1) كهدف واضح ومحدد جيدا، يمكن وضع إجراءات محددة للتنفيذ، وخصوصاً نطاق زمني دقيق وملزم للتنفيذ من أجل تحقيق هذا الهدف.

4) إذا لم تتمكن، كرئيس أمريكي، أن تفعل ذلك بصراحة لأسباب داخلية كما يقال، يمكنك على الأقل وضع الأرضية لهذا الحل واعتماده، كما فعلت سابقا في زيارتك للشرق الاوسط، وترك عملية التنفيذ للأوروبيين وللروس.

السيد الرئيس، إذا فتحت المناقشات بشأن التفاصيل المعروفة، سيتحدث زعماء الشرق الأوسط إلى ما لا نهاية عن قداسة حجر هنا وهناك؛ وعن الاحتياجات الأمنية المبالغ فيها، وعن الموارد الطبيعية أو التربة الخصبة في هذا الوادي أو ذاك ... الخ، وكل طفل يعرف جيدا التاريخ الحقيقي لهذه الأرض.

أعتقد أنه حان الوقت لإغلاق ملف هذا الصراع وتحقيق اتفاق سلام يقوم على مبادئ الشرعية والعدالة، وقابل للتسويق؛ وبكلمات بسيطة، يكون هذا الحل شرعياً باعتماده على قرارات الأمم المتحدة، ويكون عادلاً من خلال تلبية معظم احتياجات الشعبين الأساسية، وتوقعاتهما وطموحاتهما، ويكون قابلا ًللتسويق بمعنى أنه يمكن للقادة تمريره على الناس ويمكن للناس تقبله، ومن وجهة نظري المتواضعة، فهذه أفضل وسيلة للاحتفال بإنجازات القادة الشجعان مثل مارتن لوثر كينغ، ونيلسون مانديلا، وأبراهام لينكولن، وغيرهم.

وأنا على دراية بادعاء بعض الناس، مثل آرون ديفيد ميلر وهو باحث في مركز ويلسون في واشنطن، أن حل الدولتين صعب التطبيق؛ ولكن يمكن تحدي هذا الادعاء بسهولة إذا كان الرئيس الأمريكي مستعد لاتخاذ خطوة قويه وجريئة نحو حل الدولتين، وإلا فلنقبل جميعاً بهذا الزعم، ولنعمل معا لتطبيق حل الدولة الواحدة لتكون دولة ديمقراطية جديدة تسمى "الأرض المقدسة" لجميع مواطنيها بغض النظر عن العرق أو الدين أو اللون ... الخ.

وبهذه الطريقة، سيدي الرئيس، سوف تصنع التاريخ، وسوف تستحق حسب الأصول جائزة نوبل التي لديك بالفعل؛ متمنياً لكَ كل التوفيق.