الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

ليس أمام نتنياهو إلاّ العدالة والسلام!

نشر بتاريخ: 30/03/2015 ( آخر تحديث: 30/03/2015 الساعة: 11:50 )

الكاتب: تحسين يقين

أمامه ما ذكرت أعلاه، وليس ما يطمح إليه من فكر ماضويّ يشدنا جميعا إلى الوراء!
يعيدنا اعتذار بنيامين نتنياهو حول فلسطينيي عام 1948، ونفي الدولة الفلسطينية إلى ما وقفت عنده المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية؛ من حيث الدولة اليهودية وقضايا الحل النهائي.
هل كان بنيامين نتنياهو جادا حين نفى الدولة الفلسطينية وحرّض على فلسطينيي عام 1948؟
وهل كان غير متوقع لما سوف تجلبه التصريحات من عدم الرضا والاستهجان والاستنكار لدى كثيرين: يهود وعرب وولايات متحدة ومجتمع دولي؟
لعل غضب الولايات المتحدة هو ما دفعه للاعتذار، وهو ما تلاه من تصريحات الأمين العام للبيت الأبيض دنيس ماكدونو عن ضرورة "إنهاء احتلال مستمر منذ نحو خمسين عاماً".
نتيياهو يصرح، يثير ردود فعل، ثم يعتذر، فتعلّق الولايات المتحدة للتأكيد على حل الدولتين الذي التزمت به ليس كدولة راعية للمفاوضات فقط، بل كدولة عظمى، ودولة مدى تحقيق وجود دولة فلسطين لمصالح الجميع، بمن فيهم الإسرائيليون أنفسهم.
ولعل غضب اليهود الليبراليين في الولايات المتحدة كان له أثره، حيث أثارت تساؤلات كبيرة حول التزامه بحل الدولتين للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، والمساواة في المعاملة بين جميع الإسرائيليين.
فإذا أعادنا نتنياهو إلى سياق المفاوضات الأخيرة التي أنهكت وزير الخارجية الأمريكي جورج كيري وأحبطته وما أوصلنا إليه نتنياهو من طريق مسدود، فقد ظهر علينا وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون في مقابلته مع الـ BBC لإعلامنا بإن فكرة حل الدولتين لن تطبق، قائلا "من يستطيع تخيل كيان فلسطيني اقتصادي؟ وماذا بالنسبة للبنى التحتية، الكهرباء والماء؟ هم مرتبطون بنا مثل توأمين سياميين، فكرة الفصل الكامل لن تطبق".
إنها حيرة الفلسطينيين: لا دولة فلسطينية ولا دولة واحدة تضم الجميع!
يعيدنا يعالون في حديثه الاستراتيجي إلى السياسة الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة، التي مهدّت لوضع خاص لفلسطين التاريخية، بحيث تستوعب إسرائيل الأرض وتسوي أمر السكان بشكل من الأشكال (تتطور الحكم الذاتي إلى دولة يتقبلها الإسرائيليون وفق شروطهم)، فوفقا لشلومو غازيت، في كتابه السياسة الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة من 1967-1997: طعم في المصيدة فقد "اعتقدت إسرائيل بضرورة خلق حقائق إسرائيلية في المناطق من شأنها الحد من طابع الحل السياسي المستقبلي مثل: إقامة مستوطنات يهودية في المناطق لرغبة إسرائيل بضمها إلى حدودها، دمج البنية التحتية الإسرائيلية والفلسطينية في مجالات المياه والطاقة والاتصالات والشوارع ودمج عميق بين اقتصاد المنطقتين.
وهو الهدف الثالث من أهداف الاستيطان في الضفة الغربية، كما رآه جازيت، وهو:
"وضع بنية تحتية لتعايش إسرائيلي-فلسطيني: فلسفة هذا الطرح هو أن الطريق الوحيدة للتوصل إلى اتفاق سلام إسرائيلي-عربي تمر من خلال إجبار الطرفين على التعايش. وكان ديان من كبار مؤيدي وجهة النظر هذه. وكرر تصريحاته بقوله: من غير المعقول عدم سكن اليهود في أي مكان من أرض إسرائيل. وأكد على أقواله أمام الشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان في أحد لقاءاته بها حيث شبه الوضع بين اليهود والعرب بالتالي: "الوضع بيننا اليوم يشبه العلاقات المعقدة بين رجل بدوي خطف فتاة غصباً عنها، لكن عندما يولد لهم أولاد، سينظر الأولاد إلى الرجل على انه والدهم وإلى الزوجة على أنها أمهم، وسيعتبرون حادث خطفها أمراً ثانوياً قياساً بمشاعر الأبوة أو الأمومة. وأنتم اليوم، الشعب الفلسطيني، لا ترغبون بوجودنا بينكم لكننا سنعمل على تغيير وجهة نظركم من خلال وجودنا بالقوة قربكم. وحسب وجهة النظر هذه وبعيداً عن الحل السياسي الذي سيتم التوصل إليه مستقبلاً، اعتقد مؤيدو هذا التيار أن المستوطنين سيجبرون الفلسطينيين على التسليم بوجودهم من خلال التعايش السلمي".
ويقال بأن ديان شبك يديه معا واصفا العلاقة على الأرض بين الإسرائيليين والفلسطينيين! يعني لا فكاك!
فبالرغم من التواصل الفكري والسياسي بين موشي ديان ومن سبقه وبين موشي يعلون ومن سيخلفه، إلا أن هذا التفكير لن يحل المسألة، وسيطول أمد الصراع، ومعه القلق وعدم الاستقرار الدولي.
ومن ناحية أخرى صار من الصعب القفز عن وجود دولة فلسطينية، كما صار أيضا صعبا أن تقفز إسرائيل عن حقوق المواطنين الفلسطينيين داخل دولة إسرائيل.
ليس أمام نتنياهو إلاّ العدالة والسلام حتى يقود شعبه نحو السلام والعدالة!
وهذا ما سيحقق به شرعيته في إسرائيل والعالم، ولن ينجح كقائد إسرائيلي إذا فشل في إدارة العلاقة مع الشعب الفلسطيني.
فإما دولتان كما اتفقنا واتفق العالم، وإما دولة واحدة للجميع تزول منها العنصرية، وهو حل يقبله الفلسطينيون، وإذا تأمل الإسرائيليون موضوعيا وإنسانيا ومستقبليا فإنهم سيقبلونه.
لقد ذكر الأمين العام للبيت الأبيض السيد دنيس ماكدونو ضرورة إنهاء اختلال مستمر منذ نحو 50 عاما، ولعنا هنا نقرأ دلالتين هنا:
الأولى: إنهاء الاحتلال، وهناك فرق بين إنهاء وانتهاء، حيث أن الأولى تعني معنى وجود من سينهي الاحتلال، وليس انتظار انتهائه!
والثانية، ذكره للرقم 50، فرغم أنه جاء تقديرا، إلا أنه يحمل إمكانية البدء الفعلي في حل الدولتين، لإنهاء الاحتلال خلال عامين.
قيميا، أكد السيد ماكدونو على الالتزام، في قوله "لا يمكننا ببساطة أن نتعامل مع هذه التصريحات كأنه لم يتم أبداً الإدلاء بها، او كأنها لم تثر تساؤلات حول التزام رئيس الوزراء الوصول الى السلام عبر مفاوضات مباشرة".
فهل سيتطبع الراعي الأمريكي الدفع بهذا الالتزام ليأخذ مجراه؟ وهل سنرى انفراجا إسرائيليا في قضايا الحل النهائي، أم أن الحكومة المنتخبة الجديدة ستعيد الكرة مرة أخرى، مستغلة حالة الإقليم غير المستقرة؟
وأخيرا أمام بنيامين نتنياهو الأهم ليصنعه عن غير رغبة، وهذا أفضل مما يصنعه عن رغبة!
ليس كل الرغبات تتحقق، وهو يعرف ذلك، فهل نراه فاعلا لما ينبغي فعله عقلانيا وسياسيا ومستقبليا!
العدالة للفلسطينيين داخل إسرائيل.
والسلام مع الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ودفع استحقاق الأمرين.
هذا ما يأمله العالم أيضا.
لأن تحقيق العدالة السلام يستحق ذلك وهو الهدف الأسمى للبشر.