الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

في ذكرى النكبة ... هل تغير إسرائيل من روايتها التاريخية؟

نشر بتاريخ: 12/05/2015 ( آخر تحديث: 12/05/2015 الساعة: 10:59 )

الكاتب: د. علي الاعور

لم تكن عملية التأريخ عملية سهلة في التاريخ القديم ، ولكنها أصبحت ممكنة وسهلة في التاريخ الحديث والمعاصر ، لان الشهود مازالوا أحياء وبالتالي تأخذ عملية التاريخ بعدا علميا وتاريخيا حقيقيا وصادقا خصوصا عندما يشارك أصحاب الطرف الأخر في كتابة وتأكيد الرواية الفلسطينية من جديد.
وهذا ما يدفعنا إلى تقديم الشكر والتقدير إلى المؤرخ الإسرائيلي البروفسور "ألان بابيه" الذي نشر كتابا بعنوان " التطهير العرقي في فلسطين وكان للكتاب أصداء واسعة وصادمة لدى الجمهور الإسرائيلي والمثقفين الإسرائيليين وقد دفع المؤرخ الإسرائيلي ثمنا باهضا لهذه الحقيقة وعاش حياته في لندن لأنه تحدث عن كيفية احتلال فلسطين التاريخية وتحدث عن المجازر والمذابح والطرد والتهجير والتدمير الذي تعرضت له القرى الفلسطينية والشعب الفلسطيني عام 1948.

سبع وستون عاما على النكبة ومازال الشعب الفلسطيني يعيش حياة التشرد والتهجير والمنفى بعيدا عن وطنه وبعيدا عن قراه في مخيمات الشتات واللجوء ومازال يدفع الثمن باهضا في مخيم اليرموك ومخيمات لبنان، أما مخيمات غزة فإنها تعيش الحصار والظلم والجوع لأنهم لاجئين يتمسكون بحق العودة وبحق الحياة وبحق إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس .

وهنا لابد من توجيه التحية إلى عدد من المؤرخين الفلسطينيين ومنهم الدكتور وليد الخالدي الذي وثق في كتابه " كي لا ننسى " أكثر من 417 قرية مدمرة وكيفية احتلالها وتدميرها، والمؤرخ سلمان أبو سته مدير مركز العودة في لندن والمؤرخ الدكتور إبراهيم أبو جابر وغيرهم من المؤرخين الفلسطينيين الذين وثقوا معظم الروايات التاريخية التي تحدثت عن التهجير والطرد والقتل للشعب الفلسطيني عام 1948.

وهنا لا بد من طرح السؤال التالي : هل تعترف إسرائيل بالمسؤولية التاريخية والأخلاقية والسياسية لما تعرض له الشعب الفلسطيني ، عام 1948 وبالتالي تغير من روايتها التاريخية التي أكدت دوما من خلالها إن الشعب الفلسطيني ترك أرضه وخرج منها طواعية ، وقد يكون مثال قرية دير ياسين وجامع دهمش في اللد والطنطورة في حيفا ، من شانها أن تقدم الأدلة الكافيه لتؤكد الرواية الفلسطينية وتنفي الرواية الإسرائيلية.

وفي دراسة قمت بها في الجامعة العبرية في القدس حول المعارك التي دارت في قرية دير ياسين عام 1948 أذا ما كان ما تعرض له أهالي دير ياسين قد يرقى إلى جريمة حرب، وبعد جمع الشهادات من سكان أهالي دير ياسين ومن الوثائق المتوفرة وشهادات الصليب الأحمر الدولي في حينه توصلت إلى نتيجة مفادها أن ما جرى في قرية دير ياسين يمثل درجة من درجات جريمة الحرب وبالتالي فان ذلك يعني أن مجزرة دير ياسين قد ترقى إلى جريمة حرب .

إنني اعتقد كباحث في التاريخ الفلسطيني الحديث والمعاصر ، " أن اعتراف إسرائيل بمسؤوليتها التاريخية والسياسية لما جرى للشعب الفلسطيني عام 1948 من شانه أن يقود إلى عملية مفاوضات ناجحة بين الإسرائيليين والفلسطينيين قد تؤدي في النهاية إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة ، مقابل اعتراف الفلسطينيين بدولة إسرائيل في حدود عام 1967 ، ومنح اللاجئين الفلسطينيين حقوقهم كاملة بما فيها حق التعويض وتطبيق القرار الدولي 194 الصادر عن مجلس الأمن الدولي ، وبالتالي فان هذا من شانه أن يوفر الآمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط ومنح الفلسطينيين حقهم في تقرير مصيرهم وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف في حدود الرابع من حزيران عام 1967 .