الثلاثاء: 07/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

لماذا لا يكون قطاع غزة نواة الدولة الفلسطينية؟!

نشر بتاريخ: 12/05/2015 ( آخر تحديث: 12/05/2015 الساعة: 10:57 )

الكاتب: إبراهيم المدهون

لا يخلو يوم واحد من تصريحٍ للرئيس محمود عباس ومن حوله محذرين من دولة غزة، متهمين حماس أنها تسعى لإقامة دولة وكأنه عيب أو عمل مشين، فهناك هجوم إعلامي مركز ضد أي فكرة جديدة وقوية، حتى أضحى مسمى دولة فزاعة يرتعب منه البعض وينكره آخرون، ورغم ما قدمته حماس من تنازلاتٍ كبيرةٍ في السلطة والحكومة إلا أن الاتهام لم يتوقف للحظة، وأعتقد أنه يهدف لشل أي قدرة على التفكير الإيجابي، ولإبقاء حماس معزولةً في حدود يرسمها الإطار الأوسلوي سيء الصيت، والذي قبل بسلطة وظيفية شكلية لها التزامات أمنية تجاه الاحتلال، حتى تحولت في الضفة إلى كيانٍ ضعيفٍ متهاوٍ لا يستطيع الفكاك من التنسيق الأمني، مما أدى أفرز واقعاً مشوهاً لا هو دولة ولا حكم ذاتي ولا سلطة محترمة بعد أن فقدت سَمتها التحرري الثوري النضالي، فتم تفريغ القضية الوطنية من مضمونها، وأضحت السلطة منزوعة الإرادة بسبب تكبيلها بامتيازات قادتها ورواتب موظفيها، وارتباطها الدقيق والتفصيلي باقتصاد العدو.

لهذا التحذير من دولة غزة ليس تحذيراً وطنياً نابع عن وعي ورؤية فلسطينية، كما أنه لا يستند على حقائق واقعية، فلا يوجد شيء اسمه "دولة غزة"، وحركة حماس لا تفكر مطلقاً بإنشاء دولة غزة ولو أرادت لما توجهت للمصالحة وتخلت عن الحكومة التي تحظى بشرعية انتخابات نزيهة، ولا يوجد من يجرؤ على مجرد التفكير باستبدال فلسطين بغزة.

ولكن لماذا لا يكون هناك تفكير حقيقي لاستثمار واقع قطاع غزة شبه المحرر؟! وتكوين نواة دولة فلسطينية معترف بها تمثل الفلسطينيين وتطمح للتحرير، ويكون هدفها القريب إنهاء معاناة شعبنا في القطاع والشتات، فهناك أرض وسيادة وإن كانت منقوصة، وجيش مقاوم صمد وصبر وثبت في مواجهة عسكرية امتدت أكثر من 50 يوماً، ويستطيع الدفاع عن الشعب الفلسطيني وفرض معادلات ردع.

فلا يخفى على أحد أن الشعب الفلسطيني يمر اليوم بأخطر مراحلة وأكثرها قسوة، إن كان في الضفة والقطاع أو الشتات، ففي الضفة هناك تقطيع للأوصال وعمليات اعتقال وابتلاع للأراضي وتهويد للمدينة المقدسة، وقطاع غزة يعاني من حصار وعزلة، ومخيمات الشتات تتعرض لحرب إبادة في سوريا والعراق ولتتضيق في لبنان، فلا يدرون أين المفر؟ ولا يجدون إلا البحر مهرباً ومنجى من البؤس والفقر فيبتلعهم الموت الجماعي.

وفي ظل كل هذا ومع عجزٍ واضحٍ وكبيرٍ لمنظمة التحرير، وتفكك وانهيار للسلطة، وانسداد لأفق العملية السياسية، علينا بمشروع فلسطيني واعٍ، يجمع الفلسطينيين المضطهدين في كل مكان، ليحثهم ويجمعهم في قطاع غزة، قريباً من أرضهم كبديل عن الموت والجوع في الشتات، ومن ثم الخروج بمشروعٍ سياسيٍ مرحلي يمكن لهذه النواة من التأقلم وجمع الشتات وبناء رؤية موحدة لتقود العمل المقاوم، وتكون حلقة ارتكاز لكل فلسطيني، هذا كله يحتاج إلى قيادةٍ حازمة وجريئة تقلب المعادلات وتبادر خارج الصندوق المغلق وتتحمل التشكيك، ولما لا يكون نواة لدولة فلسطينية في غزة تجمع شعبنا وتقود حالة نضالية متطورة حتى التحرير الكامل؟!