الثلاثاء: 15/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

سلطة بلا سلطة ..

نشر بتاريخ: 14/07/2015 ( آخر تحديث: 14/07/2015 الساعة: 19:56 )

الكاتب: يونس العموري

اعتقد أن من حق الشعب الفلسطيني أن تصارحه زعاماته وقيادته على مختلف توجهاتها ومشاربها الأيديولوجية والسياسية وانتماءاتها الفصائلية والحزبية أن تصارحه بالحقيقة وحقائقها وتفاصيل هذه الحقيقة التي تحول دون تشكيل حكومة وحدة وطنية حقيقية او على الاقل دون انجاز ما يسمى بالتعديل الوزاري الذي كان الحديث عنه كثيرا بالايام الاخيرة، ودون ممارسة حكومة التوافق الحالية لدورها في قطاع غزة، وهذا التقصير الملحوظ والملموس للوضع المقدسي، ودون انجاز ما يسمى بالاستحقاق الديمقراطي لمؤسسات السلطة،وما يجري في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واقالة امين سرها وتسلم د. صائب عريقات لأمانة السر دون ما يسمى بقرار اللجنة التنفيذية، ودون تحقيق الانجاز الوطني الذي أضحى يوما بعد يوم هدفا بعيد المنال، ذاك الإنجاز الذي من الممكن تلخيصه بتحقيق الحد الأدنى والتفاهمات الوطنية من خلال البرنامج الوطني السياسي المتفق عليه، من قبل الكل الفلسطيني... إن هذا الشعب الذي أوصل الكل إلى سدة التصرف برقبته والكلام باسمه والحديث نيابة عن وجعه، يجد نفسه اليوم تائها حائرا، ما بين هذه الصراعات بل انه يجد نفسه مغيبا تماما عن الحقيقة ومفاعيلها، وهو المعني المباشر، والكل يدعي انه يحظى بالدعم الجماهيري والشعبي، وأول من يدفع ثمن تغييب الحقيقة هو الشعب.
فباسم الشعب وباسم المقهورين المهمشين من حسابات الكبار أدعى الكلام... وادعي الحديث....
فبلا شك أن ما آلت وما ستؤول إليه الأوضاع في الأراضي الفلسطينية تقع في إطار عملية التخريب العبثي لكل انجازات الجماهير الفلسطينية على مدار سني كفاحه ونضاله ضد الاحتلال وممارسته، وبالنهاية يتحول هذا الشعب رويدا رويدا إلى مجرد متسول على أبواب الحكام ليستجدي قوت يومه. والسجال الفلسطيني ضمن قوانين لعبة الكبار يتواصل بشكل عبثي لا طائل منه، ولا منفعة تعود على الناس الغلبانة بالمطلق .. هكذا أضحت هي الحالة الفلسطينية، وكأن هناك طرفان يتصارعان على مغانم السلطة و الواقع أن لا مغانم تذكر ولا سلطة فعلية من الممكن التنازع أو التصارع عليها وهم يعلمون هذا حق العلم....
وبلا شك ان الواقع الفلسطيني الراهن مجتمعيا قد اضحى واقعا بلاستيكيا فيه الكثير من المظاهر التي ليس لها علاقة بوقائع وحيثيات الصراع، وبشكل اساسي في هذه المدن التي اصبحت بالفعل بلاستيكية المعنى والمضمون ... مدن تعيش بواحات منعزلة عن بعضها فيها الكثير من المظاهر التي لا تنتمي الى معادلة الوجود كونها وبالحقيقة مدن ترزخ تحت نير الاحتلال .. رام الله نابلس الخليل والقائمة طويلة ....
الكل صار معني بإنقاذ الواقع الفلسطيني من الانهيار، واقصد هنا بالكل (القوى الإقليمية والدولية) ذات المصالح الإستراتيجية في المنطقة على اعتبار أنهم يعون ويعلمون حق العلم ما معنى انهيار السلطة أو معنى تفكيك وحل السلطة وهو البديل الواحد والوحيد المتبقي إذ لم يتم الاتفاق على منظومة المفاهيم السلطوية الحاكمة (إذا ما جاز التعبير) واعتبرنا أن السلطة الوطنية الفلسطينية حاكمة بأمرها في الأراضي الفلسطينية...
دعونا نتصارح بالحقيقة ونصارح شعبنا بهذه الحقيقة وان كانت صادمة أو مرة إلا أنها بالنهاية هي الحقيقة.... فهل بالفعل السلطة الوطنية الفلسطينية حاكمة ومتحكمة بكبائر أو حتى صغائر الأمور في فلسطين ..؟؟؟ وهل تملك هذه السلطة بمختلف أجهزتها ومؤسساتها ودوائرها سلطة اتخاذ القرار الفعلي والمستقل .. ؟؟ أم أنها مجرد وسيط ما بين هذا وذاك الطرف وتنفذ فقط ما يتم إملاءه من قبل الآخرين..؟؟ هل نملك سلطة قادرة على محاكاة قضايا الناس والشعب.. وان يعيشوا بكرامة بحدودها الدنيا ...؟؟ أم إننا نعيش الأكذوبة الكبرى فقط.. ؟؟ نسمي سلطتنا بالوطنية ونحاول أن نسوقها على أنها دولة مالكة لسلطة القرار والواقع عكس ذلك تمام... فقوة عسكرية إسرائيلية احتلالية بإمكانها وبأقل من ساعة أن تعبر وتدخل إلى وسط مدينة رام المفترض أنها عاصمة السلطة وان تعبث فيها كما تشاء وان تمارس أيا من ممارستها... والمعابر تتحكم فيها السلطات الإسرائيلية بشكل أو بأخر ... والقائمة طويلة ونعلمها ونعرفها.... ولكن أن نكذب على أنفسنا وان نعتبر أن لنا دولة ولنا سلطة ولها الكثير من المغانم وان يندلع الصراع حول هذه المغانم وهذه المكاسب فهذا هو التزوير للحقائق بأم عينها... فلماذا لا يطلع علينا كل أمراء السلطة ويصارحون الشعب بالحقيقة ويقولوا له أن السلطة الفلسطينية قد أخفقت بالتعاطي وشأنكم... وأنها غير قادرة على تحمل مسؤولياتها.. وان تضارب وتناقض المفاهيم ما بين أقطاب ما يسمى بالسلطة يحول دون التوصل إلى تفاهمات وطنية حقيقية... وان ممارسات الاحتلال والمجتمع الدولي على مختلف قواه وأقطابه قد قوضت أركان هذه السلطة... وان لا أمل ومن خلال هذه المسالك أن نتعاطى بالشأن السلطوي.. وان فلسطين بكاملها من بحرها حتى نهرها بضفتها وقطاعها ما زالت تحت مرمى النار الإسرائيلية... وأنها محتلة بالكامل... وان السلطة وهي صنيعة اتفاقات السلام ومعاهدات ومواثيق الاتفاقات الإسرائيلية الفلسطينية بطريقها للانهيار جراء فض العهود والاتفاقات وعدم الإلتزم فيها من قبل الجانب الإسرائيلي.. وبالتالي لا بديل عن حل هذه السلطة وتحميل الاحتلال مسؤولياته كاملة اتجاه الإقليم المُحتل والشعب المُحتل... وبالتالي أن تعود القوى الوطنية والإسلامية إلى خنادقها وقواعدها... وان يكون التعاطي مع القضية الفلسطينية وفقا لبرامج هذه القوى والفصائل...

إن الشعب والناس الغلبانة التي تنتظر الفرج بحاجة إلى مصارحة حقيقية والى وقفة ضميرية مع الذات من قبل مسئولي السلطة رئاسة وحكومة... ليقال لهم أن لا جدوى من هذه السلطة وان هذه السلطة قد أخفقت بالتعاطي وقضاياكم وان المسئول عن هذا الإخفاق هو الاحتلال أولا والمجتمع الدولي وعدم انجاز تفاهماتنا.... وعلى الشعب حينهما أن يقرر واعتقد انه قادر على التقرير والعودة إلى إمساك زمام المبادرة من جديد... واللبيب بالإشارة يفهم....
وامام هذه الوقائع لابد من اعادة النظر مرة اخرى بالخارطة السياسة الوجودية للقوى الفلسطينية والتي باتت هي الاخرى بلاستيكية المعنى والمضمون حتى ان التعامل مع القضايا اليومية قد اصبح تعاملا عشوائيا متشرذما لا اساس له ولا منطلقات فعلية له تؤثر بمفاعيل المنهجية العلمية العملية للتاثير بوقائع الصراع مع الاحتلال حيث انه يفرض معطياته يوميا على الارض الأمر الذي اصبح فيه المشروع الوطني مشروعا هلاميا ضائعا غير متبلور على ارض الواقع والمسيطر على المشهد هي تلك الصراعات ما بين النخب الحاكمة المتحكمة برأس الهرم السلطوي بمؤسسة السلطة او بمؤسسة منظمة التحرير الفلسطينية. حيث لابد من اعادة الإصطفاف مرة على اساس المشروع الوطني الفلسطيني اولا واخيرا بكل بساطة.