السبت: 12/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

دور الإعلام في توعية الرأي العام

نشر بتاريخ: 29/07/2015 ( آخر تحديث: 29/07/2015 الساعة: 12:23 )

الكاتب: أيمن هشام عزريل

تسهم وسائل الإعلام في هذه الأيام بدور كبير جداً في تأثيرها على اتجاهات، وتيارات الشعوب، والجمهور خاصة، وتبيان أرائه ومواقفه إزاء جميع القضايا التي تدور من حوله في أي بلد كان، فهذه الوسائل لها أن تسهم بشكل فعال، وإلى حد كبير في بلورة، وتشكيل الرأي العام في تحديد اتجاهاته، وعما يجري حوله في العالم.

إن وسائل الإعلام ومنها القنوات التلفزيونية الفضائية، ومن خلال برامجها قادرة على تشكيل اتجاهات الرأي العام والتأثير عليه، وذلك من خلال ما تقوم بعرضه من منتجات سياسية، وثقافية، ودينية، واجتماعية، فقد أقيمت بعض الدراسات في الولايات المتحدة الأمريكية لدراسة تأثير وسائل الإعلام وخصوصاً التلفزيون باعتباره المصدر الرئيس للمعلومات السياسية للناخبين الأمريكيين، وهذا الأمر ليس فقط في أمريكا وإنما في جميع دول العالم كون التلفزيون المصدر الأساسي للمعلومات التي يتزود منها الناس، خصوصاً عندما يتم ربط وسائل الإعلام بالأحداث التي أصبحت في بؤرة الاهتمام برموز لها مكانتها على المسرح السياسي لتمكنهم من اتخاذ مواقف من الأحداث والقضايا المختلفة.

فالرسائل التي يقوم التلفزيون بنقلها للأفراد لها دور مهم في تشكيل وعيهم تجاه العديد من القضايا والموضوعات السياسية من مختلف جوانبه فهو يساهم في دعم وصياغة رأيه العام تجاه أي قضية معينة، وقد لوحظ في الفترة الأخيرة مدى الارتباط الوثيق، والعلاقة التي تربط بين الرأي العام والتلفزيون وأنهما يشتركان في أن كلاً منهما مقياس للآخر، وأن كليهما مقياس لتحضر الأمم والشعوب.

للبرامج التلفزيونية الدور الكبير والهام في التكوين الثقافي للفرد والمجتمع، سواء كانت برامج أطفال، أو العائلة، أو كانت برامج سياسية، ثقافية، دينية، اجتماعية، أو ترفيهية، فالبرامج التي يتم بثها لها القدرة على ترك أثرها الثقافي في نفس الفرد والمجتمع سواء بطرق مباشرة، أو غير مباشرة، أكثر مما تفعله البرامج، والدراسات، والندوات التي يتم عقدها.

إن تشكيل الاتجاهات عند الشعوب أصبحت من المجالات التي بإمكان وسائل الإعلام القيام بدور كبير بها، فظهرت الكثير من النظريات والنماذج التي تشرح وتفسر هذا الدور، والعوامل التي تؤثر في اتجاهات الأفراد حيث يمكن أن تتطور وتتغير حتى لو لم يهدف ذلك، وهم نادراً ما يسعون لذلك ولكنهم يتعرضون بعض الأحيان لمواقف ومعلومات تجعلهم يفكرون ومن ثم تتغير مشاعرهم تجاه بعض الأشياء، أو القضايا وبالتالي تتطور وتتغير اتجاهاتهم.
يحتاج تشكيل الاتجاهات للرأي العام عرض مجموعة من الحقائق، والمعلومات، والأحداث حول مواضيع محددة ذات صلة، وعلاقة بالموضوع المراد إيصاله للرأي العام، فهو يساعد في توفير الحقائق اللازمة لمعرفة وجهات النظر المختلفة حول القضايا العامة، وبالتالي تكوين الآراء، والاتجاهات عند الأفراد، والجماعات، والشعوب.

لقد أضحى الرأي العام ظاهرة لا يمكن لأي نظام سياسي أن يتغاضى عنها مهما كان شكل هذا النظام وطبيعته، فإنه أي النظام السياسي حتى ولو كان لا يمتلك مؤسسات للراي العام وقد يتجاهل وجوده، فذلك لا يعني عدم وجوده، لأنه موجود في حالة كامنة، لذا ليس من الغرابة بشيء أن تكون عملية الاستحواذ على الرأي العام هدفاً لكل سياسة سواء كانت في السلطة أم خارجها غير أن طريقة التعامل السلطوي مع الرأي العام تختلف باختلاف طبيعتها وأهدافها وأشكال مؤسساتها، وأن أول ما يجب ملاحظته بخصوص الرأي العام هو أنه ظاهرة تدور حول مجموعة من القوى النفسية المحركة للمجتمع السياسي، أو أنها تفترض مركزاً للثقل عن طريقه تتحدد أبعاد هذه الحركة، أي إن الرأي العام يكون رد فعل للسلطة والتصورات المرتبطة بها ويرتبط وجوده بتواجد السلطة كحقيقة تصاعدية تكاملية، أو متكاملة، وبهذا فهو نوع من التحرك للقوى النفسية في مواجهة السلطة، أو عملية ممارسة السلطة، لقد أضحت شرعية السلطة، واعطاء المبررات لوجودها، وبشكل خاص في دول العالم الثالث بحاجة أكثر من أي وقت آخر إلى تأييد الرأي العام، وبغض النظر إن كان ذلك يعني خلق الرأي العام من قبل السلطة السياسية التي تنفرد بامتلاكها الوسائل الكفيلة لخلق هذا الرأي، أو يتبنى الرأي العام السابق الموجود على الساحة السياسية، حيث يمكن الاستفادة منه في تحقيق إقناع الفرد بقبول تبريرات صاحب القرار.

وبالتأكيد أن كل ذلك إنما يعبر عن ممارسة الشرعية السلطوية في أحد أبعادها في ظل ظروف المشاركة السياسية، إذ ينخفض الميل لهذه المشاركة بفعل ظروف التخلف المعروفة لدى بلدان العالم الثالث وكان (أبراهام لنكولن) يقول أنك تستطيع أن تخدع بعض الناس بعض الوقت ولكنك لا تستطيع أن تخدعهم كل الوقت، في إشارة منه إلى قوة الرأي العام وضرورة عدم تجاهله، أو الاهتمام به.