الأحد: 28/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

الهبة الشعبية الفلسطينية تحريكية أم تحريرية

نشر بتاريخ: 12/11/2015 ( آخر تحديث: 12/11/2015 الساعة: 15:52 )

الكاتب: الدكتور عماد البشتاوي

هل هي هبة ام انتفاضة ؟ هل الفصائل والأحزاب هي التي توجه عمليات الطعن أو الدهس أو رمي الحجارة ؟ أم أن هؤلاء الأشخاص يتحركون من تلقاء أنفسهم ؟ و ما هي دوافعهم للقيام بذلك : هل هو الثأر أم الرغبة في دخول الجنة أم ردة فعل عفوية على ما نشاهد ونسمع من وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي ؟

وهل دار في مخيلة الشخص المنتفض إقامة الدولة الفلسطينية أو التحرر من الاحتلال وأين تقف الفصائل الفلسطينية من كل مما يجري .
ليس من المنصف أن نسمي ما يجري حالياً في فلسطين انتفاضة ثالثة إن ما يجري ليس انتفاضة وليس بثالثة حيث إن الشعب الفلسطيني خاض و منذ ما يقارب المائة عام وتحديداً منذ عام 1920 عشرات الأشكال والمظاهر النضالية والثورية , فلماذا نختزل ونختصر تاريخنا النضالي ونسميها ثالثة . إذن هي ليست ثالثة وهي ليست انتفاضة لأن ما يتحرك ومن يتحرك في الشارع الفلسطيني هم عدة مئات من الشباب يدعمهم مئات الآلاف من الثوار الفيسبوكيون الذين يبتهلون و يدعمون - نظرياً - إخوانهم المنتفضين ونسأل أنفسنا ونسألهم ما الذي يمنعكم من النزول إلى الشارع إذا كنتم متأكدين من صوابية العمل وحتمية النتائج .التساؤل المهم الذي يراود كل منا منذ أيام وأسابيع أين الفصائل و الأحزاب الفلسطينية من كل ما يجري , وأستطيع تصنيف سلوك الفصائل باختصار إلى نوعين :

أولاً : الفصائل الكبيرة على الساحة الفلسطينية وهنا أقصد فتح وحماس فهي قادرة ولكنها غير راغبة في انتفاضة شاملة لأن لا أحد يستطيع أن يتوقع نتائجها ولا أن يحدد نهاياتها . بالإضافة لخوف كل منهما من تجيير الأحداث وربما النتائج لصالح خصمه . ومن هنا فان حماس تتمنى أن تشعل الضفة الغربية بينما يكون تحرك غزة محدوداً وتحت السيطرة . وفتح تحاول أن تبقي الحراك والتحرك في الضفة الغربية محدوداً وتحت السيطرة في محاولة منها لإعادة القضية الفلسطينية على الأجندة الإقليمية والدولية لا سيما بعد الانشغال الإقليمي والدولي بالملفات الإيرانية والسورية والروسية . ومن هنا فلم يكن مستغرباً أن لا تلتقي الفصائل ولا تعقد ولا جلسة مباحثات واحدة ولا نقول غرفة عمليات مشتركة لرسم ملامح مرحلة خطيرة وحرجة من مراحل الصراع مع إسرائيل . ونستطيع القول ان كلاً من فتح وحماس يشتركان بهدف واحد من هذه الهبة ألا وهو تحريك الراكد وليس تحرير الواقع , ومن هنا فإنني أسمي هذه الهبة الشعبية تحريكية وليست تحريرية كل يريد توجيهها لمصلحته .
ثانياً : الفصائل الأصغر حجماً فهي على العكس تماماً فهي راغبة ولكنها غير قادرة . 

إذاً من أين يأتي الفلسطينيون بهذا التفاؤل بهذه الهبة وتحميلها تسميات وتوقعات وأمال تفوق قدرتها في هذا المجال . ولا نقول ذلك من باب التقليل من التضحيات ولا من باب التشاؤم وإنما ومن خلال تتبع حركات التحرر في العالم لم نجد حركة تحرر نجحت في تحقيق أهدافها في الوصول إلى الحرية والاستقلال بفعل هبة شعبية بدون قيادة ورؤية ومشروع وطني تجمع عليه قيادات العمل من مختلف الاتجاهات والأيدلوجيات السياسية . وهذا الكلام يقال لكل من يطالب بأن ترفع الفصائل والأحزاب الفلسطينية يدها عن ما يجري وترك الشباب المنتفض يحدد ويقرر ويتحرك كما يريد.