الجمعة: 03/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

لسقراط ان يبدأ بالحكاية ...

نشر بتاريخ: 12/01/2016 ( آخر تحديث: 12/01/2016 الساعة: 13:26 )

الكاتب: يونس العموري

ايها الجالسون تنتظرون الخلاص، وان تأتيكم المعجزة من جديد، لا وقت للبكاء وللانتظار فالعاصفة قادمة وستكتشفون ان الانهيار قريب، وسيكون بدون قاع ...

ويكون ان يأتي الخبر الكبير وقد يكون السخيف، وقد نكون مطاردين لاهثين خلف سراب التحليل واستنباط الموقف والسفر عبر حياكة النص للقول والكلام ومحاولة الاسترشاد، وبلحظة قد نطرد من وقائع الواقع ونسقط في تناقضات الفهم والافهام ... الا انه الموقف وللموقف رأي وتسطير لملحمة الذات مع عبثية اللحظة...


وللحقيقة وجهان ولسقراط ان يبدأ الحكاية والرواية... منذ ان كان، تحدى الجمع وارتشف السم، له كل الحكايات والبدايات، في واقع المسلمات والرضاء والخنوع، كان الصمت بالنسبة له كلام فلسفيا، ناقش العدالة والفضيلة، حافي القدمين، بقي واقفا، حدد ما هية الخير والفضيلة، والبحث عن الحقيقة، وانبلاج الفكرة ، ويعلم انه لا يعلم الكثير والشيء الكثير عن كل هذا الكثير، حارب المسلمات واسقط اطروحة الرأي العام ... وخرجت اثينا عن بكرة أبيها المكبلة بأغلال الوثنية ... و السماء مكفهرة، والجلبة تملئ شوارع المدينة، والجماهير الغاضبة الهادرة تهتف بإعدامه ... وساق ذاته بذاته الى لحظة الخلود وتجرع سمه مدركا حقيقة اللحظة ومعادلتها ومدركات التاريخ بالتأسيس للغد الطويل .... وكان له ان تخلدت الفكرة المتزاوجة مع الروح برغم صراخ الرعام بمملكة الديمقراطية ...
لسقراط ان يبدأ بالحكاية الأن في ظل كل هذه العبثية التي نحيا، حيث فلسفة الحقيقة والدفاع عن الموقف واكتشاف الذات، والتضرع لسيادة اعمال العقل وان لا نساق كما تُساق البهائم ...


ولنا ان نبدأ بالرواية فحينما يختلط الحق بالباطل، ويصبح الباطل سيد الموقف، لابد من اعادة لتمركز المفاهيم وتعريفها والاتفاق على شكل وطبيعة منطلقاتها، وتحديد المعايير والمقاييس التي من خلالها من الممكن تحديد حقيقة الموقف، وطبيعة المعادلة الفعلية لخارظة التناقضات الحاكمة للفعل ولردات الفعل، وللحدث وتاثيراته على مختلف المستويات، وطبيعة صناعة المواقف اتجاه اي من القضايا المتفاعلة على مختلف الساحات، حيث اننا نعيش بعصر ما عدنا من خلاله نستوعب الحدث وبالتالي صارت الخربشة اذا ما جاز التعبير سيدة الموقف وليس أدل على ذلك الا ما بتنا نتلمسه بظرفنا الفلسطيني المعاش والتأثير المباشر لإرهاصات الوقائع العربية وتصارع المصالح التي باتت جزء من اجندة الفعل العربي حيث ان هذا التصارع انما يعبر بالأساس عن تصارع القوى الدولية بشكل او بأخر وانعكاسا لها..!! استطيع ان استوعب حجم الخربشة التي يعايشها المواطن الفلسطيني اليوم، فكل شيء بات متغير وعلى الأقل غير مفهوم بل انه غير منضبط السياق في اطار الفهم المنطقي والمتسلسل لقياس الأبيض والأسود وببساطة الأشياء لماهية الأبيض وذاك الأسود وما هو الصالح وما طبيعة الطالح بمعنى ان ثمة فوضى كبرى تغزو وجدان التفكير لدى الكثير من البسطاء وحتى ممن يدعى انه يعي قوانين اللعبة الدائرة رحاها الأن في المنطقة، فهناك انقلابات كبرى تحدث في انماط التعاطي والتعامل والقضية المركزية للوجود القومي العربي ولطبيعة مناهج ادارة الازمات التي تعج بها الساحة العربية وتلك التي بلا شك قد صارت جزء من فعل التاثر والتاثير على الساحة الفلسطينية حيث صار من الطبيعي ان نشهد الكثير من المفاجأت التي قد تصل الى درجة التحول في الفهم وانقلاب المفاهيم المنطقية للأمور كان تتصدر صغار الدول في المنطقة معسكر ما يسمى بالممانعة وهي التي يتمركز على أراضيها اكبر الأساطيل الغازية لقوى الهيمنة والاستعمار واستعباد الشعوب ... وان تصبح تجارة المواقف وبيعها وشراءها واحدة من النمط العام الذي يسود العلاقات الدولية ما بين اجزاء ما يسمى بالوطن العربي والذي اصبح الخلاف عليه وعلى تسميته وحتى على ترابطه امرا فيه وجهة نظر..

فالقطرية وسيادتها صارت هي سيدة الموقف والشغل الشاغل لحكام هذه الأقطار وسياسة المناكفة ما بين العائلات الحاكمة والمسيطرة هي الشغل الشاغل للفهم الدبلوماسي والتشويه واحد من مستلزمات العمل وادواته والقفز عن الحقائق ومحاولة لي الأذرع مباحة بكل الأوقات والأزمان والكل يتغنى بشعارات باتت مفرغة من محتوياتها العروبية القومية وحتى الوطنية التي من المفروض انها منطلقة من الفهم الشعبي الجماهيري لماهية مصالحها واهدافها والأثمان تدفع سلفا لصالح الغول المتغول المسيطر على قوانين اللعب في المنطقة من خلال الهوامش الممنوحة لهذا القطر او لذاك البلد وحيث ان سيد اللعبة قد اضحى مكشوفا ومعروفا فلابد من إطاعة الأمر والا فالعقاب بالإنتظار من خلال الهجوم المضاد على الحاكم والنظام بسيف الديمقراطية والشفافية وما يسمى بالعدالة ليُصار بالتالي الى الإطاعة والا فستكون الإطاحة وتسويق مفاهيم الديمقراطية الكاذبة كما هو الحال ببلاد ما بين النهرين التي جاءته الديمقراطية على متن دبابة غازية والكل كان متفرجا ويشهد اعدام العراق على مقصلة الذبح.. وان يصبح الجهاد فن من فنون القتل والتقتيل لكل من يختلف مع اولي الأمر فينا وفيهم مباح ومستباح والطريق الى الجنة لا يمر الا عبر القتل على الأشهاد، وتسويق ثقافة الموت التي صارت جزء من مشهد العصر على حساب ثقافة رغد العيش امرا مقبولا بل واجب تصل الى حد الفرض الإلهي لصناعة النصر بصرف النظر عن الناصر والمتتصر وذاك المنهزم، ولابد من القاء الخطبة العصماء بحضرة الركام وغمام الغبار.. وحتى يكون للنصر ثقافة مؤدلجة اذن لابد من اقصاء الأخر الذي من الممكن ان يكون الشريك بالحلم وبلقمة العيش.. عبر التشويه تارة ومن خلال رميه بأحضان الرذيلة تارة اخرى وكل شيء مباح في سبيل احقاق النصر وتطويعه.. وان يصبح التعاطي مع الثوابت التاريخية خاضعا لمنطق التجارة في شراء المواقف وبيعها في اسواق نخاسة تجارة المصالح واحدة من اساليب الفعل السياسي الجديد ليعتلي الزعيم امارة النخيل والتكبير.. في محاولة لشطب العنوان والعناوين لصيغة التمثيل واستقلالية القرار بصرف النظر عن زعيم الحاكمية هنا وامير الامارة هناك.. والتجني على التاريخ وان تصبح بالمقابل المقاومة وفعلها دربا من دروب الجنون والعبثية والإستثمار الخاسر للشعوب فيه الكثير من خربشة لموازيين الجماهير واحقيتها بالدفاع عن الذات واعادة لتموضع الفهم من جديد ومصالحة الشاة مع السكين..

ويبقى الثابت الوحيد هو المتغير في عوالم تحكمه مصالح البزنس والإتجار بالشعوب واحدة من اساليب الفهلوة والتشاطر على صناعة الحدث.. بأسلوب التلصص وشراء الذمم وبيع الدول وحتى بيع الانسان قد يصبح الحقيقة الراسخة بهذا الفهم المتجدد الجديد.. وان يتم استهداف من يحاول ان يقرأ التاريخ ويغوص بجمالية الانسان الأول بخان الخليلي وبأسواق ام المدائن العتيقة قد صار موضة تستوجب فعل القتل لإثبات الوجود.. الفوضى هي الحاكمة الأن بلا منازع وفن الحوار هو النهج السائد لحل الخلاف ولا مكان لمن يمارس الصراخ بوجوب الحياة ان استطاع الى ذلك سبيلا ولا مكان لفقراء الليل تحت الشمس فأما ان تكون ضمن جيوش الفعل لصناعة النصر الإلهي او ان ترتضي لذاتك مكانا في صفوف الخونة والتخوين.. وان اردت ان تكون هناك بالمكان الذي ترتضيه لنفسك ولذاتك ولإنسجامك ومفاهيم الأبيض والأسود وتداخل الألوان فيما بينها فلابد من ان تكون عبثيا تارة وكافرا احيانا ومن الممكن ان يستباح دمك على مذابح قراءة التاريخ للمدينة العتيقة.. وام المدائن لا تنتمي لأي ممن ييمنطقون اليوم بأسمها فهي الفقيرة لعشاقها والحاضنة للصراخ المرتد عن جدرانها واسوارها ولا تكفر احدا من روادها والكل لديها سواء ومعيارها صمودها وبقاءها وهي الجميلة وتحب الجمال والعاشقة الحبيبة لعشاق ليلها وتحنو على صراخ رجالها وغير معنية بالعبث العبثي من وراء القول العبثي بحضرتها.. اذن نحن نعايش عصر اللافهم الأن وعصر انفلات القوى من عقالها والقول الفصيح بالكلام المباح بكل الاتجاهات وهو كلام لصناعة البلاغة ليس اكثر لتسجيل النقاط على الخصم الكافر او ذاك العبثي بحضرة الوطن.. والوطن قد يكون ظالما او مظلوما لا فرق ما دام الانسان مستباح ووقودا لتأجيج نيران صناعة الزعامات والمماليك بكل الإقطاعيات المُمزقة لجغرافيا الوطن..