الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

الفرق بين بيت جدي والبيت الفلسطيني

نشر بتاريخ: 27/01/2016 ( آخر تحديث: 27/01/2016 الساعة: 15:25 )

الكاتب: فؤاد الخفش

رحم الله جدي وحفظ بيته فلقد كان حريصا طوال وقته على هذا البيت يلم أطفاله –وما أكثرهم – تحت جناحه , يمنع أي شخص من الاعتداء عليهم, يمنحهم القوة بنظراته , ويبعث الطمأنينه من خلال صوته .

على عكس البيت الفلسطيني الذي يدعي الجميع الوصاية عليه, ضاق على بنيه فلم يعد البيت بيتا لكل الفلسطينين ولم يعد جميع أبناء هذا البيت على درجة واحدة من المساواه ولا يملكون نفس درجة المواطنه .

في بيت جدي كان هناك مسؤول واحد .. جدي_ رحمه الله _ صاحب الكلمة الأولى والأخيرة, الكل ينزل عند رغبته وقرارته غير القابلة للنقاش, فهو صاحب رؤيا ثاقبة وموقف سديد أكسبته الأيام خبرة كبيرة, تعلم منها الكثير واستفاد منها وكان همه الأول والأخير دوما حماية بيته واسرته وتجميع أبنائه تحت عباءته .

البيت الفلسطيني ليس كبيت جدي فما أكثر المسؤولين في هذا البيت فكل قائد يريد أن يدير دفة باب هذا البيت بطريقته لا اتفاق على طريقة ، الكل يفتى والكل يظن أنه على حق وغيره مخطئ ، ليس هذا وحسب!! بل و له أجندات خارجية.

والقرارات تتخذ في هذا البيت دون الرجوع لأحد, فقط تعرف أخبار هذا البيت من الاعلام وتسريبات الاحتلال في كثير من الأحيان ، ليس المهم البيت في هذه الحالة بل المهم المصالح الفردية والحزبية .

في بيت جدي- رحمه الله- الجميع يد واحده إذا ما حاول أحد الاعتداء على البيت أو اي فرد من أفراد العائلة يقف جدي وسط ساحة المنزل, ويصرخ, فيقف جميع الأبناء بين يديه يزمجر بصوته وهو يتكئ على عصاه لقد ضرب "ابناء أبو العبد" أخوكم الصغير وسرقوا حماره ومنعوه من الدخول لحارتهم ، لا ينتظر الأبناء قرار جدهم فالكل يخرج مسرعة نحو حارة ابو العبد ولا يعودون إلا وحق أخيهم الصغير معهم .

في البيت الفلسطيني الحكاية مختلفة إذا ما اعتدت دولة على فصيل فأبناء الفصائل الأخرى تظهر الشماته وتلقي الزيت على النار وتذهب وفود من الأحزاب الأخرى للدولة المعتدية يشدون على يد الخصم ويؤيدون قراراته ..

وفي البيت الفلسطيني يفرح فلسطيني على حصار فلسطيني .. وفي البيت الفلسطيني يشمت فلسطيني اذا ما تعثر فلسطيني... في البيت الفلسطيني حالة تختلف عن حالة بيت جدي !!

في بيت جدي كما قلت : للجميع ذات الحقوق ولا امتيازات لأحد, وحتى من يخطئ في هذا البيت لا أحد يقاطعه يقف الجميع معه حتى يعود عن خطئة لا يحرمه من الميراث ويأخذ حصته كاملة من (المونه ) لا فرق بين ابناء الزوجة الجديدة أو القديمة فجدي رحمه الله كان قد تزوج بأربع نساء والعلاقة بين الأخوه علاقة قوية لا علاقة جانبية مبنية على الأم فالكل في هذا البيت ينتمي لبيت الجد والجد الذي لا يفرق بين الأبناء..

في البيت الفلسطيني اذا كنت ابن فصيل معين في منطقة معينه فانك ستحظى بجميع الامتيازات ولا علاقة للكفاءة في القضية ولا للمؤهل العلمي ..
الانتماء الحزبي هو المعيار الأول على العكس فإن الأخر لم يكتفى بإقصاءه أو إبعاده بل تدميره وإغلاق أي فرصه أمامه ! حتى مع المؤسسات الخاصة بحاجه الى شهادة حسن سير وسلوك.
في البيت الفلسطيني تمنع رايه أن ترفع هنا وتسمح لراية أخرى يمنع احتفال فلسطيني لحزب هنا ويسمح هناك في البيت الفلسطيني المواطن درجته حسب فصيله وحزبه .

في بيت جدي وقبل وفاته قال لهم : جميعكم سواء , وإياكم والفرقة , فإنما تأكل الذئب من الغنم القاصية ، وذكر لهم قصة العصي وهي مجتمعه يصعب تكسيرها, وحثهم على الوحده وأعطاء البنات حصه بالميراث وأوصاهم بصلة الرحم وحسن العلاقة مع الجار وركز على الجار وأغمض عينيه..
بكاه الجميع... فقد كان جدي رجل استطاع طوال عقود أن يحافظ على بيته وأسرته وحسن العلاقات مع الجميع .

في البيت الفلسطيني يوصي القائد الحزبي أفراد الحزب إياكم أن تتخلوا عن السلطة ولا تقبلوا بالانتخابات, وان جرت لا تقبلوا بالنتائج, وأن أفلتت السلطة من يديكم فلن تعود لكم ، في البيت الفلسطيني الكل يصف الأخر أنه غول قادم لقتله ، في البيت الفلسطيني الكل يتسابق على تبني الشهيد والباسه علمه الخاص ، في البيت الفلسطيني المسؤول بواد والشعب بواد..

في البيت الفلسطيني المكان بات لا يتسع لجميع أفراد البلد فمنهم من اختار السفر ومنهم من ينتظر .

فبربكم ألا ترون أن الفرق كبير بين بيت جدي والبيت الفلسطيني ، وألا تشعرون أن بيت جدي أكثر دفئا من البيت الفلسطيني وأن جدي كان حكيما في إدارة بيته وأن البيت الفلسطيني حالته صعبه وتبكي الحجر .

وإلى أن يتحول البيت الفلسطيني متماسكا متآخيا كبيت جدي ..

نسأل الله ان يجنبنا خراب الفرقة ودمار الحقد .. وان ينعم على قلوبنا بدفء الوطن ..

الوطن الكبير الذي آوانا جميعا في ربوعه تماما كما كان يؤينا بيت جدي ..