الأحد: 16/06/2024 بتوقيت القدس الشريف

لعبة العض على التلاميذ....

نشر بتاريخ: 22/02/2016 ( آخر تحديث: 22/02/2016 الساعة: 11:16 )

الكاتب: م. طارق أبو الفيلات

مددت يدي هذا الصباح الى منبه الساعة لالغي ضبط المنبه لتجهيز الأطفال للمدرسة مدركا انني بذلك أوقف ساعه الزمن وأعلن الضياع والتيه وادخل مرحلة الفوضى في الحياة واحكم على ابنائي بالفراغ المهلك للعقل، والله لا اخشى عليهم الجهل فليس للعلم زمان ولا مكان ويمكن ان نعلمهم علما يمنع جهلهم لكن لن يسير حياتهم، تملكتني كل تلك المشاعر وانا أوقف منبه الساعه وشعرت انني مجرم بحق نفسي اولا فاولادي هم بعض مني لكنني تذكرت انني لم اتخذ ذلك القرار إنما مجبر على تنفيذه .

لعبة عض الاصابع تقتضي ان يضع كل فريق أصابعه بين أسنان خصمه ويبدا بالعض كل على أصابع الخصم ومن يصرخ اولا هو الخاسر، الوضع اليوم معلمون وحكومة وأبناؤنا هم الاصابع فلا عجب اذا استمرت اللعبة طويلا لان صراخ الاصابع لا يوقف اللعبة، أنا اعرف ان الدول اذا مرت بازمة مالية تخفض النفقات وتغلق ما لا لزوم له من سفارات وممثليات وتعمل على وقف السفريات وتخفض رواتب الشريحة العليا وتغلق كل شي الا المدارس .

أنا عاجز عن فعل شيء او حتى تقديم اقتراح للمعلم الا ان اطلب منه ان يعض على الجرح وان يصبر ويحتسب والله لا يضيع اجر المحسنين هذه الازمه تحدث كل عام وستبقى كذلك حتى تتبدل أولويات الحكومة في الإنفاق وهذا لن يحدث قريبا.
الاحتلال هو سبب كل مصائبنا فبسبب الاحتلال لدينا حكومة عاجزة ناقصة تنتظر المانحين المزاجيين الذين اعجبتهم مقولة رئيس وزراء سابق باننا نستطيع الاعتماد على انفسنا فاصبح التزامهم طوعيا بعد ان كان اجباريا.

ظروف الحكومة نعرفها واولويات الانفاق لا نقرها ولا تعجبنا لكننا نعلم انها لن تتغير قريبا ونعلم ان الانفاق على التعليم لن يتضاعف وان النموذج السنغافوري ليس هو الاقرب الى عقل وقلب ومزاج راسمي سياسة دولتنا داخليا وخارجيا. فالحكومة قدمت اقصى ما تستطيع وفق الامكانيات وسلم الاولويات مع عدم قناعتنا به.

المعلم شانه شان كل فلسطيني يعاني من عجز الحكومة وقلة امكانياتها وهو وكل الشعب يستحق راتبا افضل وحياة افضل واقتصادا افضل وعلاجا افضل ونظام ضمان اجتماعي ومواصلات وطرقات وكل ما يخطر بالبال لكن عين الحكومة ضريرة ويدها قصيرة وكلنا جاهزون لتحميل الاحتلال المسؤولية ونبريء انفسنا.

لذا وبما اننا شعب تحت الاحتلال ونسعى للتحرر فلنغلق المدارس ولنطلق حملة محو الامية من المنازل فمن كان تحت الاحتلال يضحي وليس في ذلك عيب ما دام المعلمون والحكومة في كل عام يدخلوننا في هذه الدوامة فلننهي هذه القصة ونعلن ان ظروفنا كشعب تحت الاحتلال تقتضي ان نضحي بالمدارس.
لكن اعاود السؤال اليس هناك اشياء اخرى ينبغي ان نضحي بها ونستغني عنها قبل المدارس؟
ام تراها هي الحلقة الاضعف.؟

اذكر مرة انني قرات ان رجلا ادخل زوجته الى المشفى لتضع مولودها وكتب:اخبرني الطبيب انه اضطر للتضحية بالمولود والوالدة لكي اعيش.
فهل تضحي الحكومة بالمعلمين وبالطلاب وبالتالي بالمجتمع لكي تحافظ على سياستها في جعل قطاع التعليم من اخر الاولويات.
وهل يضحي المعلمون بنا وبانفسهم وباولادنا وباولادهم وهم ينتظرون سقوط اتحاد هم من انتخبه.؟
ضاعت البوصلة وتلاطمت الامواج ولا قوارب نجاة فاما الشاطيء واما قاع المحيط.