الأحد: 28/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

البرازيل تعلن الحرب على فيروس زيكا

نشر بتاريخ: 09/03/2016 ( آخر تحديث: 09/03/2016 الساعة: 16:13 )

الكاتب: فرانسيسكو ماورو دي هولندا

الكاتب: السفير البرازيلي فرانسيسكو ماورو دي هولندا

لقد اعتبرت منظمة الصحة العالمية أن تفشي "زيكا" حالة طوارئ باعتباره يمثل تهديدا للصحة العامة على مستوى العالم، بعد أن وصلت العدوى إلى 24 دولة على أقل تقدير. ورغم أن الفيروس معروف منذ سنوات عديدة، حيث ظهرت حالات منه في إفريقيا وفي آسيا وأقيانوسيا (كان أول انتشار وبائي للمرض في بولينيزيا الفرنسية عام 2014)، إلا أن الوضع الحالي مختلف تماما من حيث تهديد الصحة العامة.

ينتقل المرض عن طريق بعوضة الحمى الصفراء والتي تعرف باسم "الزاعجة المصرية" وهي البعوضة ذاتها التي تنقل حمى الضنك أو ما يعرف بحمى تكسير العظام وتنقل كذلك مرض الشيكونغونيا. ولا يمكن القول أبدا إن فيروس زيكا هو وباء "إيبولا" جديد. أعراضه تشبه أعراض الإنفلونزا الخفيفة لدى البالغين، ويظهر على المصابين عادة ارتفاع في درجات الحرارة، وطفح جلديوالتهاب في ملتحمة العين، وكذلك آلام في العضلات والمفاصل. وتستمر هذه الأعراض بوجه عام نحو يومين إلى سبعة أيام بعد انتقال العدوى. بيد أنه ومع نهاية عام 2015 تحدثت السلطات البرازيلية عن ارتباط بين عدوى زيكا أثناء الحمل وبين ولادة أجنة برؤوس صغيرة وهي حالة خلقية لا ينمو فيها الدماغ بالشكل المناسب.

تم تشخيص أول انتشار بفيروس زيكا في البرازيل في أواخر العام المنصرم. وقد تم التعامل مع المرض وقتها من قبل السلطات البرازيلية على الفور على أنه وباء وأعلنت السلطات أن محاربة البعوضة السببة له على رأس الأولويات القومية. وقد تم تعبئة الحكومة والسكان بالكامل متخذين كافة الاجراءات اللازمة للحيلولة دون تكاثر البعوضة.

لقد تحركت البرازيل على الفور من خلال خطة قومية على ثلاث جبهات لمحاربة المرض وانضوت الخطة على أ)الوقاية من العوضة ومحاربتها، ب) الرعاية الصحية وتقديم المساعدة، ج) البحث. وبهذا فقد أوجدت الحكومة البرازيلية فريق عمل غير مسبوق متسلح بالموارد المالية والعلمية لمحاربة البعوضة المسببة لفيروس زيكا. انضم قرابة 220,000 من أفراد القوات المسلحة إلى ما يقارب 300,000 من الموزظفين الحكوميين والمتطوعين الذين تجندوا لمحاربة البيئة التي تعيش فيها البعوضة في كل منزل في البرازيل.

تعطي البرازيل الأولوية لمساعدة الأشخاص المصابين وخصوصا النساء الحوامل والأطفال مستندة إلى نظام الرعاية الصحية العامة الحر والعالمي في البلاد. كما تحشد البلاد جهود الأخصائيين من جميع أنحاء العالم من أجل إجراء الأبحاث حول المرض. كما أنها اضطلعت بتنسيق الحملة العالمية لمكافحة الفيروس، عبر حشد الجهود في دول أمريكا اللاتينية والكاريبي، بالشراكة مع حكومة الولايات المتحدة بهدف إنتاج اللاقاح المضاد للفيروس، بالتزامن مع الحوار الدائم مع جهات دولية كمنظمة الصحة العالمية ومراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة.

تشير معطيات منظمة الصحة العالمية حاليا إلى أن أهم الاجراءات الوقائية التي يتم تبنيها هي السيطرة على تجمعات البعوضة والوقاية من تعرض الأشخاص المعرضين للخطر للسع وخصوصا النساء الحوامل. هذا ولم يصدر عن منظمة الصحة العالمية ومنظمة الساحة العالمية أية قيود على السفر نتيجة الفيروس، حيث لا يطلب من السياح أو المسافرين سوى أخذ الاجراءات الوقائية العادية المتبعة في أي مكان في العالم. وتنصح النساء الحوامل بتوخي الحذر الشديد إذ يجب على كل امرأة أن تراجع طبيبها قبل السفر وأن تتبع إجراءات لتجنب البعوض الناقل للمرض، كالإبقاء على النوافذ والأبواب مغلقة أو استخدام الشبك الذي يمنع دخول البعوض، وارتداء البنطال الطويل والقمصان ذات الأكمام الطويلة، واستخدام الروائح المنفرة للبعوض والتي تناسب الحوامل.

أشادت المدير العام لمنظمة الصحة العالمية مارجريت شان خلال زيارتها للبرازيل يوم الرابع من شباط بالاجراءات التي اتخذتها السلطات البرازيلية لمكافحة الفيروس. كما صرحت بأن الحكومة البرازيلية قد تصرفت بصورة سريعة من اجل ضمان الوضع الصحي خلال دورة الألعاب الأولمبية.

وفي خضم استعدادها لاستقبال دورة ريو 2016 للألعاب الأولمبية والبارالمبية (الألعاب الأولمبية لذوي الإعاقة)في شهر آب المقبل، تعمل السلطات جاهزة لتنظيف منطقة ريو دي جنيرو والبلاد بأكملها من بعوضة الحمى الصفراء. فقد حظيت كافة الأماكن التي يجري فيها بناء منشآت للألعاب الأولمبية بزيارات من موظفي دوائر الصحة البيئية وذلك من أجل السيطرة على أية مواقع قد تكون مرتعا للبعوض. وسوف تجري إزالة كافة المستودعات المتبقية في مواقع البناء، وستتولى طواقم محلية البحث عن أماكن تجمع البعوض والتخلص منها. يضاف إلى ذلك أن الألعاب الأولمبية ستجري في فصل الشتاء في النصف الجنوبي من البلاد، وهي فترة تكون فيها دراجة الحرارة ومستوى الرطوبة منخفضة، ما يساهم في تخفيض معدلات الأمراض الناجمة عن البعوض بصورة كبيرة.

التغلب على فيروس زيكا هو أولوية قومية في البرازيل علما أن البلاد ملتزمة تمام الالتزام بمكافحة المرض. فقد تعاملت البرازيل مع الوباء بشفافية تامة وكرست الحكومة البرازيلية كافة الجهود الممكنة لمكافحته. بيد أن التحدي لا ينبغي أن يقتصر على البرازيل فالفيروس لا جنسية له ولا يراعي حدودا. يمثل زيكا تحديا كونيا ولذلك فهو يتطلب تظافر الجهود من قبل المجتمع الدولي، علما أن البرازيل تقوم بالدور المطلوب منها.

رئيس بعثة البرازيل في دولة فلسطين