الثلاثاء: 30/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

عشرة دروس حقوقية مستفادة من اضراب المعلمين والمعلمات

نشر بتاريخ: 16/03/2016 ( آخر تحديث: 16/03/2016 الساعة: 13:17 )

الكاتب: المحامي محمد حمدان

انتهى اضراب المعلمين والمعلمات بمبادرة من السيد الرئيس بعد قرابة شهر من الإضراب والحراك المطلبي الذي عم وضم شريحة واسعة من الشعب، جاء هذا بالطبع بعد فشل الحكومة وجميع المبادرات الاخرى في ايجاد حل "معقول" للأزمة يتجاوز التصميم على شرعية الإتحاد والتنكر للحقوق واتهام المطالبين بها باتهامات مختلفة، قد لا يكون الإضراب حقق نجاح باهر بمنطق الربح والخسارة الظاهرية، لكنه حمل الكثير من المعاني التي يجب ان تلقي لها مؤسسات حقوق الانسان السمع، كما و خرج لنا حراك المعلمين المدني بحصاد ثمين من الدروس والعبر والتي أكدت على آليات تعزيز وحماية حقوق الإنسان ستسهم بكل تأكيد في تطوير حركة حقوق الإنسان في وطننا فلسطين.

1- الدرس الأول (حقوق الإنسان لا تحتاج قيادة) :
وهنا وقع السياسيون نتيجة التحليل السطحي بخطأ جوهري في تحليل الأزمة عندما اعتقدوا بأن هناك قيادة سياسية أو فئوية تقود حراك المعلمين، متناسين بأن حقوق الإنسان هي قيم ومبادىء وأفكار جامعة منطلقها في ذلك تساوي البشر بالآدمية والكرامة الإنسانية، وهي بالتأكيد لا تحتاج لقائد يحركها، بل هي من تحرك الفرد، وهي من تحرك الأمم.

2- الدرس الثاني (للضحايا حق الدفاع عن أنفسهم) :
إن الإحساس بأوجاع الناس ومنحهم فرصة التعبير عنها والمشاركة في حلها هو الرسالة التي يلتف حولها الجميع وتحدث التغيير، وهي رسالة حقوقية يجب على مؤسسات حقوق الإنسان إدراجها في الهيكلية البنيوية والممارسات العملية لديها، هل لنا أن نسأل لماذا تجمع آلاف المعلمين والمعلمات على الفكرة وفي الشوارع بدون قيادة، وبدون دعوة من أي جهة حكومية أو غير حكومية وبدون راعي اعلامي على الرغم من ان التمويل ذاتي؟، بينما لا تسطيع الكثير من مؤسسات حقوق الإنسان على ضخامتها وتاريخها الطويل ان تجمع أكثر من عشرة أشخاص في فعالية حقوقية ممولة، هل لأنها لا تعبر عن أوجاع الضحايا وتقرر نيابة عنهم؟. هذا مجرد سؤال وفيه دروس كثيرة.

3- الدرس الثالث (لا صراع بين السياسة والحقوق) :
لا يوجد صراع بين السياسة والحقوق الا اذا أراد السياسيون تحقيق أهداف غير سياسية، أو أراد الحقوقيون تحقيق أهداف غير حقوقية، وانه ان اراد البعض الإصرار على جعله صراعاً فانه سينتهي بفوز حتمي للحقوق، لقد فسر المعلمون والمعلمات الإختلاف الطبيعي بين مناهج السياسة وحقوق الإنسان، والعلاقة بين حقوق الدولة (ان جاز التعبير) وحقوق الفرد، فكان درساً قيماً في مجال حقوق الإنسان والدفاع عنها.

4- الدرس الرابع (الديمقراطية تعني الإستقرار والتنمية):
لقد كنا بحاجة لهكذا حراك مدني سلمي لقرع الجرس من أجل اعادة الحياة الديمقراطية لمؤسساتنا الوطنية والتأكيد على ضرورة إستقلالية عمل النقابات والإتحادات حتى تكون رافدة للوطن معبرة عن القواعد العامة بديمقراطية وشفافية.

5- الدرس الخامس (قيم حقوق الإنسان مناعة ضد الفشل):
التمسك بالعنوان الحقوقي للحراك السلمي ومنع كل محاولات التسلل السياسي لأهدافه وفعالياته وخطابه الإعلامي، فكان لذلك أثر كبير في تعزيز مكانة الحراك في نفوس المضربين/ات واتساع دائرة التفاعل والتأييد الشعبي له واستمراريته لفترة طويلة وبزخم متزايد، كما و كان العنوان الحقوقي الثابت بمثابة الحصن المنيع أمام جميع خطابات وممارسات التشويه السياسي والتشكيك والتي ارتدت بأثر سلبي على مصدرها.

6- الدرس السادس (لا يمكن تعزيز و حماية الحقوق بمعزل عن مؤسسات الدولة):
التمسك بمؤسسات الدولة واعتبارها جزءاً من الحل من خلال إبقاء باب الإتصال مع الحكومة والأحزاب مفتوحاً وتجاوب الحراك مع كافة المبادرات الرسمية وغير الرسمية، الامر الذي يدلل على أن مطالبه حقوقية وليست سياسية، وأن الهدف تحقيق الحقوق بالحوار والتنسيق والإتصال مع جميع الجهات ذات العلاقة بما في ذلك الحكومة وليس بالإقصاء والتهميش، وهذا درس في الدفاع عن حقوق الإنسان.

7- الدرس السابع (الدفاع عن حقوق الإنسان نشاط سلمي) :
لا بد من التذكير بأن العمل الحقوقي عمل سلمي لا عنفي ولا يمكن أن يكون غير ذلك، وهذا ما جسده المعلمون والمعلمات من خلال تجمع الآلاف منهم في الشوارع باسلوب راقي وحضاري دون استخدام العنف اللفظي أوالجسدي ضد رجال الأمن أو المسؤوليين السياسيين أو الإعلاميين أو حتى زملائهم بالعمل ممن لم يشاركوا بالإضراب وذلك على الرغم من تحمل المضربين والمضربات لكثير من التشويه والتخوين والإساءة، كما لم تسجل أي حادثة تخريب أو اعتداء على الممتلكات العامة أو الخاصة وهذا درس عملي في ممارسسة حرية الرأي والتعبير.

8- الدرس الثامن (لا تعريف شامل للمدافعين عن حقوق الإنسان) :
كثيراً ما تناقشنا في الأروقة الحقوقية حول ماهية المدافعين عن حقوق الإنسان، ومن يمكن اعتباره مدافع ومن لا يمكن، وهل هي مهمة أم مهنة، وهل نحصر الحديث بالمحامي، والناشط الحقوقي، والباحث الميداني والإجتماعي، والإعلامي والكاتب و المدون الخ، حتى جاء إضراب المعلمين والمعلمات ليهمس فسي آذاننا بأن القائمة لم تقفل بعد، وأن المعلمين والمعلمات هم مدافعين عن حقوق الإنسان.

9- الدرس التاسع (مسيرة حقوق الإنسان مسيرة مستمرة) :
لا يعني فك الإضراب هزيمة التجربة بل نجاح نفخر به وخطوة عظيمة على طريق طويلة من الكفاح من أجل الحقوق والحريات الإنسانية، الملل يجب أن يكون من الإنتهاكات وليس من الحقوق.

10-الدرس العاشر : لنأخذ العبر من هذا الحراك المدني ونلتفت لحقوق المعلمين المشروعة حتى لا نرى انتهاكات جديدة وحتى نرى حنان أخرى تفوز بجائزة أفضل معلمة في العالم.