الخميس: 16/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

قراءة مؤلمة في ظل المعطيات الفلسطينية الراهنة ...

نشر بتاريخ: 05/04/2016 ( آخر تحديث: 05/04/2016 الساعة: 10:47 )

الكاتب: يونس العموري

مرة اخرى يزداد الغموض ويصبح الموقف ملتبس ويسوده الكثير من الخربشة حيث الاختلاف اضحى واضحا من الانتفاضة عموما ومنهج المقاومة كخيار شعبي استراتيجي ومؤلم بذات الوقتً، وعلى الجهة الاخرى فإن طريق المفاوضات والتنسيق الأمني بالظرف الراهن أثبت الفشل الكامل.
ومن الواضح ايضا ان هناك أشخاصاً يمتلكون الجرأة على إدارة الظهر للمصلحة الوطنية العليا، ولمصالح الشعب العربي الفلسطيني، ولطبيعة الصراع مع الاحتلال، كصراع دائم، دون أن يلتزموا بأي من تطلعات الشعب العربي الفلسطيني الذي يسعى بكل الوسائل إلى الخلاص من الاحتلال.

حيث ان الحالة الوطنية الفلسطينية قد وصلت الى واقع غير مسبوق بالعبثية وانسداد الافق بمختلف اشكاله والقضاء على امكانية خلق واقعا مقاوما استنهاضيا جراء تجفيف بؤر المقاومة والقضاء عليها واصدار الفتاوى التي قد تصل الى حد اعتبارها رجسا من افعال الشياطين ممن باتوا اليوم يعتلون منصات الامامة والخطابة… وحيث ان الاقتتال الداخلي والانقسام والانقلاب قد احتل الجزء الاكبر من المشهد العام الذي يسيطر على فلسطينيتنا… وحيث ان عبثية التنظير قد صارت حرفة لمن لا حرفة له لتسويق المشبوه وقد اضحى سيد الموقف، وبما ان الرويبضة تنطق جهارا نهارا فلابد اذن من وقفة جادة ، وحيث ان اللحظة تتطلب موقفا وطنيا بامتياز بعيدا عن الحسابات التنظيمة ، فلابد من المجاهرة بالموقف واعلاءه والعمل على تحشيد الرأي العام حوله.

وحيث ان اعادة ترتيب البيت الوطني الفلسطيني من خلال المسارات الكلاسيكية قد صارت عبثا وعبئا على جماهير شعبنا وفي كل مرة تأتينا الاخبار لنكتشف مدى الكذبة التي نعيش بكنفها ويوم بعد اخر تبتعد آمال تحقيق المُراد وطنيا بتحقيق عمليات الترتيب والترميم للبيت الوطني الفلسطيني الجامع بمختلف قضاياه، حيث اضحى انعقاد جلسة المجلس الوطني الفلسطيني ضربا من ضروب الخيال ، ونتائج الحالة الراهنة قد اضحت معلومة ومعروفة من حيث تعزيز الحالة الانقسامية بشكلها التنظيمي وبمنطقها الجغرافي، بل ان هذه الحالة قد اصبحت مقرءوة بابجدياتها الأولية فحالة الترهل والتشرذم المعاشة بمختلف المؤسسات واضحة للعيان ... الأمر الذي انعكس بشكل سلبي على مختلف اوجه الحالة الفلسطينية وشكل حالة تحدي للمعالجات التي تتفاقم بشكل يومي.

انه وبناء على ما تقدم ودون الاطالة بالشروحات المعلومة والمعروفة للحالة الوصفية التوصفية للواقع الراهن، ولمواجهة المأزق الذي باتت القضية الفلسطينية تعيشه بعناوينها المتمثلة بالارباك والتخبط والتشترذم كحالة عامة نعايشها بالظرف الراهن، فلابد من التداعي لمؤتمر وطني شعبي فلسطيني جامع يضم كل الرافضين لخطوة الحالة الراهنة بكل تفصيلاتها واشكالها وعناوينها صغيرة كأنت ام كبيرة ... يكون قوام هذا المؤتمر من الكل الوطني ولكل المؤسسات والشخصيات والفعاليات الوزانة لإيقاف المهزلة وحالة الانهيار واستمرار فصول العبثية ….

ايها السادة انه وفي ظل الواقع الفلسطيني الراهن، من الواضح ان الحوار الوطني الفلسطيني في اطار المؤتمر الوطني الشعبي الموازي لاختطاف المؤسسة التي من المفروض انها جامعة وسيدة نفسها وقادرة على صياغة منظومة القرارات المتوافقة والمنسجمة والمصالح العليا للشعب ولأهدافه وتطلعاته، قد بات ضرورة اقليمية لعدة اعتبارات لعل اهمها وابرزها انقسام المنطقة بشكل رأسي ما بين مناهج متناقضة ومختلفة تمام الاختلاف، قبل ان يرتقي لأن يشكل ضرورة وطنية شعبية، وهو الأمر الملاحظ والملموس من خلال تحركات القادة الفلسطينين والإقليميين عربا كانوا ام غير ذلك، وعلى مختلف توجهاتهم ومستوياتهم وهو ما تبدو عليه الأمور حتى اللحظة وما تعكسه السجالات الفلسطينية المختلفة على أكثر من عنوان وعلى اكثر من قضية والملفت للإنتباه هنا ان هذه العناوين والقضايا التي باتت محل خلاف واختلاف لا يمكن حلها من خلال جلسات الحوار الوطني ثنائية الشكل بين رأسي الانقسام على اعتبار انها قضايا ذات ابعاد استراتيجية اولا وتتطلب التوافق على الإطار العام الذي لابد من ان يراعي هكذا اختلافات وتنوعات بالفهم الأيدلوجي للمسائل وللفهم السياسي من مختلف القضايا التي يتشكل الخلاف عليها الأن مع الأخذ بعين الاعتبار ان ثمة الكثير من هذه المسائل من الممكن التوصل الى ما يمكننا ان نسميه توافق وطني عليها اذا ما تم التوافق على المعايير التي من شأنها قياس ماهية المصالح الوطنية وضروراتها بالدرجة الأولى… 

واعتقد بهذا السياق ان مسألة تحديد الأولويات الوطنية يلزمه اولا التوافق الوطني واستيعاب الأخر في حلبة التنوع الوطني الفلسطيني والتسليم بأن فلسطين لا يمكن احتكار قضيتها من هذا الفصيل او ذاك الحزب… وهنا لابد من اعادة الأمور الى نصابها الصحيح بمعنى لابد من اعادة الإعتبار للبيت الجامع للكل الوطني الفلسطيني والمتمثل باللحظة الراهنة بمنظمة التحرير (المتغول عليها من قبل السلطة) والتي وبلا ادنى شك لابد من اعادة صياغة مفاهيمها وتنشيط مؤسساتها واعادة رياديتها الى الواجهة والى ما يجب ان تكون عليه… وهنا لابد من الاعتراف ان الواقع الفلسطيني الراهن وبصرف النظر عن التسميات والمسميات قد اختلف في ظل المتغيرات العربية والاقليمية حيث الاطروحة الامريكية الاقرب الى دفع الجانب الفلسطيني بالتسليم بما يسمى منهج التسوية السياسية وتقديم التنازلات التي من خلالها سيتم تصفية القضية الوطنية والحقوق التاريخية الثابتة للشعب الفلسطيني وهو ما يجري الرهان عليه في ظل وقائع المرحلة عموما…. بعد ان كان النجاح بتصفية نهج المقاومة المبرمجة من قبل الفصائل الوطنية على مختلف مشاربها وبات عنوان المرحلة اننا لا نريد منح الجانب الاسرائيلي الفرصة لجرنا الى ما يسمى دائرة العنف….

ان الكثير من قوانين اللعبة السياسية على المستوى المحلي او الإقليمي وحتى الدولي قد صارت مختلفة تماما ما بعد المتغيرات السياسية القيادية في المنطقة وتبدل الاوجه والمناهج وحقيقة الصراعات الدائرة رحاها على اكثر من جبهة وصعيد وبالتالي فإن هذه المتغيرات قد خلقت واقعا فلسطينيا جديدا يتطلب اعادة النظر بالكثير من المفاهيم وبذات الوقت لابد من اعادة تقييم ونقد للمسار الفلسطيني برمته سواء أكان الرسمي والمتمثل بمسار قيادة م. ت. ف او قيادة السلطة الفلسطينية والأمر ذاته فيما يخص باقي القوى والفصائل وحتى تلك التنظيمات التي تنطوي الأن في الإطار المتناقض ومنظمة التحرير…

وحتى يكون النقاش او الحوار ذا معنى وبالتالي يقدم نفسه كمقدمة من مقدمات التوافق الوطني عموما اعتقد انه لابد من التسليم بالأتي:
* ان نهج التسوية قد فشل وبات عاجزا عن تقديم الحلول لأبجديات الصراع. او تقديم الاطروحات التي من شأنها معالجة واقع الاشتباك.
* ان المشهد الإقليمي والدولي يتمظهر اليوم بسلسلة من الهزائم السياسية والعسكرية والنفسية للقوى المعادية لتحرر الشعوب والتي قادت مسيرة استعباد الأمم والجماهير. إذ أثبت خيار المقاومة فعاليته وأفضى إلى تراجع المشروع الأميركي الإسرائيلي في اكثر من منطقة على الساحة الإقليمية، وبات هذا الخيار هو المعطى الاستراتيجي الذي لا مجال للتشكيك فيه.
* ان المسلسل العدواني مني بالفشل والإخفاق فالمنطقة العربية اليوم على غير ما أرادته إدارة العدوان الأميركي/ الإسرائيلي فموازين القوى تتبدّل في غير مصلحتها.
* لابد من اعادة التأكيد على ان فعل مواجهة العدوان وتحريرالاراضي المحتلة يبقيان القضية المركزية التي لا يجوز التحول عنها، وخلق صراعات جانبية مفتعلة تضعف من المواجهة ذاتها.
* لابد من ترسيخ مفاهيم الفعل المقاوم وتثبيت أن المقاومة هي مقاومة الجماهير وليست مقاومة حزب او فئة او تيار محدد وهي مقاومة تتناقلها الاجيال في سياق حركة التحررالوطنية.
* لابد من اعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني من خلال العودة الى ميثاقها لعام 1968، وتبني خط المقاومة وتأكيد حق العودة وإعادة بنائها كحركة تحرير ومقاومة بحيث تضم قوى وفصائل المقاومة كافة، والتي اثبتت حضورها في الساحة الوطنية ومقاومتها للعدوان وسعيها لتحرير كامل ارضها، ورفضها لممارسة اي ضغوط عليها من أية جهة للتخلي عن قناعاتها ومفاهيميها الإستراتيجية.
* لابد من اعادة الاعتبار لقوانين مرحلة التحرر الوطني.

اعتقد ان الحاجة لترميم البيت الفلسطيني وكما اسلفنا الذكر قد اضحى حاجة اقليمية لأكثر من سبب او مسبب لعل اهمها ما ورد اعلاه. ولابد من الإنتباه الى المخاطر الكبيرة والخطيرة والتي باتت تهدد القضية الفلسطينية برمتها وعلى مختلف الصعد. ومن هنا من الممكن فهم هذه الحاجات الإقليمية لتحقيق انجاز التوافق الوطني بحيث ان هذه المخاطر قد اصبحت تشكل مخاطر تهدد اركان كيانات وطنية على المستوى الإقليمي… ولابد من اعادة قراءة المشهد من جديد وتحديدا ما يتضح بالصورة الأن على المستوى الإسرئيلي والذي صار يخترع اشكال جديدة لرؤيته المسماة سلامية كنوع من اعادة لإنتاج الرؤية السياسية الإسرائيلية لذر الرماد بالعيون من جديد.

وحيث ذلك اعتقد ان الحاجة ملحة وملحة جدا لإعادة الإعتبار للموقف الوطني من خلال التصدي لكل اشكال العبث التي تتمظهر الأن بأكثر من صورة وعلى مختلف الجبهات والصعد، وبالتالي فإن التداعي لعقد مؤتمر وطني شعبي جامع وعارم اصبح ضرورة قصوى لوقف النزف والعبثية بالساحة الفلسطينية عموما.