الإثنين: 06/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

براعم الفاشية بدأت تنمو وتزهر في إسرائيل

نشر بتاريخ: 29/05/2016 ( آخر تحديث: 29/05/2016 الساعة: 10:56 )

الكاتب: محمد خضر قرش

في البداية فأن تعبير "براعم الفاشية" أطلقه رئيس وزراء إسرائيل الأسبق أيهود باراك،في مقابلة مع جريدة معاريف الإسرائيلية قبل أسبوع وتم بثها عبر القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي ليلة السبت الماضي بتاريخ 21/5 .ومن المفيد أن نلاحظ هنا أن العديد من المسؤولين الإسرائيليين العسكريين والسياسيين على حد سواء أخذوا في الآونة الأخيرة وخاصة بعد إطلاق النار من المسافة صفر على الجريح الملقى على الأرض عبد الفتاح شريف في الخليل يكثرون من استخدام وإطلاق هذه التعابير .

كما يلاحظ أن وصف الجندي القاتل بالفاشي لم يعد محصورا في مجموعة صحيفة هآرتس ومنظمتي كسر الصمت وبتسيلم ذات الاتجاهات اليسارية بل انتقلت إلى رئيس الأركان ونائبه ووزير الدفاع ورئيس وزراء سابق ورئيس حزب وباتت تكتب بشكل واضح على اللافتات التي تتصدر المظاهرات التي سارت في شوارع تل ابيب مساء يوم السبت الماضي حيث حملوا يافطات تقول "نتنياهو فاشل وليبرمان فاشي".وعليه بات التعبير شائع الاستخدام ويتم تداوله في كافة وسائل الإعلام بدون حرج أو تحفظ.m فيتسحاق هيرتصوغ على سبيل المثال ذهب أكثر من هذا حين قال في خطابه أمام الكنيست بمناسبة ما يعرف بيوم "هيرتسل" "أن إسرائيل مريضة بالشوفينية(العنصرية) المتطرفة ومصابة بالفاشية وتعاني من ظهور براعم الفاشية، وان ما يجري فيها سيساهم في تخريب وتدمير حلم هيرتسل" حسب تعبيره.

الملفت للنظر أن هذه التعابير لم تكن تقال أو تتداول على لسان كبار المسؤولين الإسرائيليين وبقيت محصورة في مقالات بعض الكتاب والصحفيين.فحين يقف نائب رئيس الأركان ويقول "بأن ما يحدث في إسرائيل عام 2016 حدث مثله قبل 70 أو80 عاما فانه لا يدق ناقوس الخطر فحسب وإنما يبين بكلام واضح لا لبس فيه ولا غموض أن هذه السلوكيات والتصرفات العنصرية الشائنة من شأن استمرارها أن تعيد إلى المجتمع الإسرائيلي نفس المظاهر والسلوكيات التي كانت سائدة في إيطاليا الفاشية ومن ثم ألمانيا النازية فيما بعد،مما يعني أن دولة إسرائيل تتجه بخطوات ثابتة لأن تكون دولة عنصرية وفاشية.ويتم ترجمة ذلك من خلال سن تشريعات وقوانين ضد الفلسطينيين فحسب ، كما أن نسبة لا بأس بها في المجتمع الإسرائيلي بدأت تتعامل بخفة واستهتار وبلامبالاة بل وبرضا وبتفهم وقبول لما يفعله الجنود الإسرائيليون ضد الشعب الفلسطيني من قتل وتعذيب وتمييز في المعاملات والعلاقات الاجتماعية البحتة.

فحينما يقول باراك "لم يتبق زعماء جادون في العالم يصدقون الحكومة الإسرائيلية" فهذا يعني أن الأمر لا يتوقف عند ممارسة الكذب السياسي وإنما تعداه إلى وضع المجتمع الإسرائيلي نفسه فوق المجتمعات والأمم والشعوب الأخرى لذا فوفقا لباراك"من الواجب إسقاط هذه الحكومة قبل أن تتمكن من إسقاطنا جميعا " هكذا بالنص. وفي التظاهرات التي انطلقت مساء يوم السبت الماضي رفع المتظاهرون شعارات أكثر تعبيرا عما يحصل حينما كتبوا" كم من الدماء ستسفك على الألاعيب السياسية المنحطة التي يقوم بها نتنياهو" كما رفعوا يافطات أخرى أشد مما سبق حين قالوا" من المحظور السماح للحكومة اليمينية الأكثر خطورة في الاستمرار بالتخريب والهدم وزرع الكراهية والرعب والحقد". 

فكل هذه المظاهر والسلوكيات والتصرفات تعكس بشكل واضح نمو ليس براعم الفاشية فحسب بل وأخذ المجتمع الإسرائيلي برمته إلى التطرف والانعزال كخطوة طبيعية لا بد منها نحو ترسيخ الفاشية والعنصرية. فحينما يتجه المشرع إلى سن قانون خاص بإعدام الفلسطينيين دون غيرهم فهذا قمة الفاشية .وحينما تفضل أغلبية المجتمع الإسرائيلي أن لا يُدرس أستاذ فلسطيني أبنائهم وعدم اختلاط الطلبة في المدارس فهذا يعني أن الفاشية لم تعد براعم.وحينما تنهال الشرطة بالضرب المبرح على الفلسطيني لأنه نسي هويته في مكان عمله في تل ابيب فهذا يعني جرف وتحويل المجتمع الإسرائيلي بالتدريج نحو ممارسة العنصرية والعداء للأخر. وصدق نائب رئيس الأركان يائير جولان حين قال بأن ما حصل قبل 70 أو 80 عاما يحدث في العام 2016 في إسرائيل. وقد انتقل العداء للحكومة اليمينية إلى الخارج. 

فقد كتب الصحفي المشهور توماس فريدمان مقالا بصحيفة "نيويورك تايمز"،قال فيه " إن إسرائيل تتعرض لحملة من المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات في أنحاء العالم، وإن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هو أحد أسباب هذه الحملة لأنه يتصرف وكأنه رئيس وزراء "لإسرائيل وفلسطين" في الوقت نفسه.وأوضح الكاتب، أن تعرض إسرائيل للانتقاد في الساحة الدولية ناتج عن سياسة التعنت التي ينتهجها نتنياهو، والمتمثلة في رفضه فصل إسرائيل عن الفلسطينيين في الضفة الغربية، لأنه لا يفي بتصريحاته التي يطلقها بين الفينة والأخرى.وأضاف، أنه بينما يمضي نتنياهو في تعنته، فإن إسرائيل تواصل الغرق أكثر من أي وقت مضى لتتحول إلى دولة ثنائية القومية يسيطر عليها متطرفون يهود، مما قد يجعل هذه الصحيفة تصفه مستقبلا بالصفة التي ألبسها لنفسه "رئيس وزراء دولة إسرائيل فلسطين".وأوضح فريدمان، أنه يثير هذه المسألة الآن، لأن حال إسرائيل في عهد نتنياهو صارت تتحول من سيئ إلى أسوأ، وهو الذي دفع بوزير الجيش الجنرال موشيه يعالون للاستقالة.

ولا احد من الذين تم الاستشهاد بأقوالهم يكره إسرائيل فالعديد منهم قاتل في معظم حروب إسرائيل العدوانية ضد الفلسطينيين والعرب وهم من الذين يؤتمنون على أسرارها ويدافعون هن مصالحها وحماية أمنها.
فحينما يقول باراك بأن براعم الفاشية تنمو وتزدهر في إسرائيل فهو يعني ما يقول وكذلك رئيس الأركان ونائبه ووزير الدفاع الليكودي موشيه يعالون وزعيم حزب العمل (المعسكر الصهيوني) فلا يمكن أن يكون كل هؤلاء كذابين عدا الثلاثي نتنياهو وليبرمان وبينت!.حقيقة إسرائيل بدأت تتكشف للجميع حتى في الولايات المتحدة الأميركية.قدرنا كفلسطينيين أن نواصل النضال بلا هوادة فهو الذي سيميط اللثام عن فاشيتها وعنصريتها أمام أصدقائها وأقرب المؤيدين إليها. من مصلحة النضال الوطني الفلسطيني أن يستمر التحالف الانتخابي بين الثلاثي اليميني المشار إليه فهو الكفيل بتعريتهم وفضحهم وكشف عنصريتهم، رغم الألم والمعاناة التي يتسبب بها للفلسطينيين.