الإثنين: 06/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

ليبرمان... سبايدرمان

نشر بتاريخ: 29/05/2016 ( آخر تحديث: 29/05/2016 الساعة: 15:37 )

الكاتب: رامي مهداوي

لا توجد وسيلة إعلام إلاّ وتناولت موضوع تعيين زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" اليميني المتطرف أفيغدور ليبرمان وزيرا للحرب _الدفاع_. وبدأ التحليل السياسي على أشكال مختلفة مقالات وورش عمل ومقابلات بأشكالها المختلفة، ووصل الحد ببعض المحللين السياسيين أن يصف قدوم ليبرمان بأنه التطرف بأقصى درجاته، وكأن الاحتلال الإسرائيلي قبل ليبرمان كان يوزع الماء البارد علينا على الحواجز، ويقدم الورود لنا في ساحة المسجد الأقصى، ويمطر أطفال غزة بالحلوى!!

إسرائيل على الرغم من إنها دولة احتلال، إلا أنها تحكم من خلال المؤسسات وليس الأفراد، لكن في موضوع الفرد والمؤسسة بحالة ليبرمان علينا النظر الى ليبرمان كونه الرجل العنكبوت " سبايدرمان" الشخصية الخيالية الذي تسبب بتكوينه قضمة عنكبوت معالج جينياً، مما يجعله أن يمتلك قدرات عنكبوتية، فيدرب نفسه على تسلق الحوائط والقفزات العالية من أسطح المباني والتأرجح مستخدماً خيوط الشباك المفرزة من رسغيه. ليبرمان قضمته الصهيونية أثناء عمله حارسا للأمن وهو دون العشرين بأحد الملاهي الليلية في كيشيناو عاصمة مولدوفا وهي إحدى جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق. هاجر هذا العنكبوت الصهيوني عام 1978 الى دولة الاحتلال.

منذ ذلك الوقت، تنقل هذا العنكبوت_ بعد أن خدم في جيش الاحتلال_ الى العديد من المواقع كانت بدايته مديرا عاما لحزب الليكود ما بين عامي 1993 و 1996، ثم عمل مديرا لمكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لمدة عام، خلال الفترة الأولى التي قضاها نتنياهو في رئاسة الوزراء. ثم غادر ليبرمان حزب الليكود وأسس حزب إسرائيل بيتنا عام 1999، الذي أصبح يتمتع بشعبية بين نحو مليون مهاجر روسي؛ وأصبح ليبرمان لاعبا رئيسيا في السياسة الإسرائيلية منذ آذار 2006، عندما حصد حزبه 11 مقعدا في الكنيست. ليقفز بسبب ذلك الى موقع نائب رئيس الوزراء، ووزيرا للشؤون الاستراتيجية في حكومة إيهود أولمرت، التي قادها حزب كاديما. وفي عام 2009 قاد ليبرمان حزب إسرائيل بيتنا ليفوز بثالث أكبر كتلة برلمانية، ليحل في ذلك محل حزب العمل. وبسب تحكمه في 15 مقعدا في الكنيست عرقل ليبرمان جهود حزب كاديما صاحب النصيب الأكبر في الكنيست لتشكيل ائتلاف حكومي، وأعلن بدلا من ذلك تأييده لحزب الليكود وزعيمه نتنياهو؛ وفي مقابل ذلك منح ليبرمان منصبي وزير الخارجية ونائب رئيس الوزراء.

تنقل العنكبوت الصهيوني من موقع الى موقع ليصل الى ما وصل اليه الآن هو جزء من مخطط يطمح له_ البعد الشخصي_ كرئيس للوزراء في السنات القادمة؛ إلاً أن هذا الطموح سيصطدم في البعد السياسي الذي سبق لليبرمان أن روج له وهو فكرة التسوية الإقليمية، ومن موقعه الجديد" كوزير للدفاع" سيخضع لاختباره الأول في دفع هذه التسوية إلى الأمام من خلال مرونة ومناورات سياسية قد تصل الى تنازلات للفلسطينيين على حساب المستوطنين.

أعتقد أن هذا العنكبوت الصهيوني سيقفز الى الدول العربية دولة.. دولة.. من أجل تحقيق أوهام "السلام الإقليمي" على حساب القضية الفلسطينية، فقد صرح ليبرمان قبل فترة في هرتسيليا قائلا: "تسوية شاملة مع العالم العربي المعتدل هي التي ستؤدي إلى حل المسألة الفلسطينية". وقال: "هناك أنه في العصر الحالي توجد أمام إسرائيل فرصة كبرى للوصول إلى تسوية إقليمية، علاقات دبلوماسية وعلاقات تجارية.. تصوروا أن تتمكنوا من أخذ طائرة مباشرة من تل أبيب إلى الدوحة أو إلى الرياض". برأي ليبرمان فإن التسوية مع الفلسطينيين هي نتيجة جانبية للعملية السلمية الأشمل بالمفهوم الإقليمي.

وأخطر ما في هذا العنكبوت خلال السنوات الماضية انه واجه تحقيقات وصفت بأنها أعقد ملفات الفساد_خارج وداخل اسرائيل_ وخلال التحقيقات وقعت أحداث أثارت أسئلة كثيرة، مثل وفاة شاهد، وامتنع آخر عن تقديم الإفادة، مع الأخذ بعين الإعتبار توصية الشرطة بمحاكمته بأخطر التهم، إلا أن النيابة ماطلت لسنوات بصياغة الملف الذي انتهى بتهمة بسيطة، لتعلن المحكمة البدائية براءته، رغم ادانة شريكه في التهمة ذاتها.
العنكبوت الصهيوني.. عاد الى الشاشة بعد إنقطاع، بالتالي قام بتخزين العديد من السموم والخطط التي سيقوم بتنفيذها لمصلحته أولاً وأخيراً، غير مكترث للمؤسسة الإسرائيلية بقدر ما يريد أن يبرهن للمجتمع الإسرائيلي بأن سبايدرمان هو الأمن والأمان.