الخميس: 02/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

وقفة أمام محمود درويش

نشر بتاريخ: 10/08/2016 ( آخر تحديث: 10/08/2016 الساعة: 14:35 )

الكاتب: إبراهيم المدهون

سمعت مرة أن شارون كان يحسد الشعب الفلسطيني على محمود درويش، لا أدري مدى دقة هذه العبارة، وأنه يقرأ لدرويش كثيرا وتمنى أديبا صهيونيا بحجمه.

وعني كنت أقلل منه إلا أنني كنت مخطئ، واليوم أجده بالفعل أسطورة شعرية أدبية تتلاعب بالكلمات والجمل والمعاني بحرفية تدهشنا حتى التعب "حسب إحدى تعبيرات عشقه"، فأستمع له وهو يتحدث بشكل استثنائي فيملأ القلب خفقانا وحنينا، ويدخلنا عوالم جديدة ويعبر عن دواخلنا العنفوانية، فلا شيء يعجبنا اليوم سوى الحضور الغائب.
تزوج درويش مرتين إحداها من ابنة أخ الشاعر نزار قباني والذي أجده أمير شعراء العصر الحديث، وهو أكثر إدهاشا من درويش لما يحمل من بساطة الجملة وعمقها في الوقت نفسه.

طلق درويش زوجتيه على أتفه الأسباب، ويبدوا أنه أكثر تعقيدا من شعره، أو ان شعره المعقد انعكاس لحالته المزاجية الصعبة، فأحب أن يعيش طائرا من غير عش، حتى توفي في رام الله بشكل مفاجئ.
صدم درويش من غزة مرتين الأولى حينما عاد ولم يتلقى الاستقبال اللائق، وهو الذي تحتشد لسماعه الألوف، فهجرها لرام الله الأكثر شبها به من غزة، حيث الترف والحرية الشخصية والانفتاح.
والثانية لحظة الحسم العسكري، فكتب قصيدة هجاء شبه الأحداث انها سقوط من علو شاهق، إلا أنه لو بقي حتى يومنا هذا لدمعت عيناه من غزة، ولتمنى تقبيل أرضها والاعتذار لها ولأنشد لصبر أهلها وتضحياتهم، ولاعتز كثيرا بنخبتها والأنفاق والصواريخ.

لماذا درويش الآن؟! لأننا نعيش ذكرى رحيله.