الجمعة: 03/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

لا تدفنوا أسماءهن

نشر بتاريخ: 30/08/2016 ( آخر تحديث: 30/08/2016 الساعة: 11:00 )

الكاتب: بهاء رحال

للوهلة الأولى التي استمعت بها إلى خبر تشكيل إحدى القوائم الانتخابية، حيث استبدلت أسماء المرشحات بلقب جديد هو "زوجة فلان"، ظننت أن الخبر يأتي من باب السخرية التي تشهدها بعض الحملات الانتخابية، ولم أنتبه إليه كثيراً، حيث أنه لا عاقل ولا مجنون في هذا البلد يمكن أن يفعلها، ولكن الغريب بالأمر، أنه لم تكن مناكفات انتخابية ولا دعاية كاذبة، بل جاء اليقين وبدا الخبر واضحاً، وتجلى في نشر تلك الأسماء، حين احتوت إحدى القوائم الانتخابية على امرأتين مجهولتي الاسم والهوية، وقرر أصحاب الكتلة الانتخابية أن يضعوا أسماء ازواجهن بدلاً من أسمائهن، حين كتبوا زوجة فلان، وزوجة فلان، وهذه إحدى الإشارات الخطيرة إلى تدهور قيم المجتمع الذي لم يعد قادراً على احتمال مثل هذه الحماقات التي تتفشى بصورة مريبة وغريبة، وهذه الظواهر التي يُلبسها البعض صفة التدين، والدين بريء من هذه السخافات، ويُلبسها البعض صفة التقاليد، وتقاليدنا الوطنية والإنسانية بريئة أيضاً من هذه الحماقات التي يسوقها البعض بهذا الشكل، فهل يعلم أولئك أن الرسول الكريم لم يخجل من اسم والدته، ولم يخفِ أسماء زوجاته ولا بناته، بل كان يباهي بهن وبأنسابهن، هل يعلم أولئك الجُهّال أن ما فعلوه جريمة، ليست بحق المرأة المرشحة فقط، بل بحق منظومة المجتمع الفلسطيني التي ترتكز على تقدير واحترام وتمكين دورهن في المجتمع، فكيف يكون ذلك والبعض يدفع بدفن أسمائهن، والدفع باتجاه الإعلان الصريح إلى أن اسم المرأة عورة.

الخطأ يكمن منذ البداية، يوم صدق البعض أولئك الحمقى حين قالوا: إن صوت المرأة عورة، ثم عادوا وقالوا: إن لباسها عورة، ثم تنافخوا وصرخوا أن اسمها عورة، والبعض راح إلى أبعد من ذلك، حيث وصلت به الحماقة أقصى درجاتها، فوصف عقل المرأة بالعورة، وهذه المظاهر لم تنطلق دفعة واحدة، بل جاءت متراكمة عبر حقب زمنية سعى بها أولئك إلى تغييب لغة العقل والدين والمنطق، وإظهار أفكار سوداوية مستمدة من عصور الجاهلية، حين كان نصيب المرأة هو الموت والوأد، وهذا ما يحدث هذه الأيام، وهذا ما فعلته تلك القائمة الانتخابية حين وأدت أسماء المرشحات واستبدلته بلقب زوجة فلان، فهذا يحمل الصفة الأولى ذاتها من العصور الجاهلية وقبل ظهور الأسلام الذي منح للمرأة كرامتها وهويتها وحفظ لها حقوقها وكيانها المستقل، وحافظ على علمها وثقافتها ووعيها، فأين هؤلاء من عقيدة الإسلام؟!

الأمر الذي أستهجنه، هو كيف ارتضت تلك النسوة ذلك، وهن مرشحات لعضوية مجلس بلدي، يتطلب منهن أعمالاً خدماتيه للصالح العام، وأن يقفن بجانب تنفيذ مشاريع حيوية في البلدة او المدينة، وان يقمن بزيارات ويعقدنَ الاجتماعات ويتواصلن مع مكونات المجتمع المحلي وأكثر في اطار العمل والتكليف الذي سيناط بهنَّ، كيف وافقن على طمس هوية أسمائهن، وكيف يمكن لهن أن يكنَّ مصدر ثقة للناخب وهن العاجزات عن الدفاع عن حقوقهن الشخصية، فكيف يدافعن عن حقوق المجتمع، وكيف يمكن أن يكنَّ صوتاً يمثل المرأة ويدافع عن حقوقها ويعملن على تمكينها بصورة أفضل لأجل مستقبل نتطلع له، مستقبل يخلو من كل الحماقات والسخافات، مستقبل نوئد فيه كل مظاهر التخلف الجاهلي، ونقضي على ما أصاب المجتمع من أمراض، فلا نسمح لتلك الظواهر بالتفشي أكثر لنحمي أجيالنا ونحمي مجتمعنا ونحافظ على توازنه لينمو ويزدهر.