الجمعة: 03/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

في ظلال مانديلا..

نشر بتاريخ: 04/09/2016 ( آخر تحديث: 04/09/2016 الساعة: 15:39 )

الكاتب: رامي مهداوي

اذا سمحتم لي أن أقدم لكم بعض الدروس والعبر التي تعلمتها خلال مشاركتي بمبادرة تطوعية فردية لمدة ساعتين من العمل مع أحد الأصدقاء المتمثلة في تعشيب وتنظيف أحواض الورد في ميدان الرئيس الأسبق لجنوب إفريقيا "نيلسون مانديلا"، في حيّ الطيرة بمدينة رام الله.
على الرغم من جمالية المشهد، والإضافة المعمارية والفنية الفريدة للميدان، فإن ذلك لم يردع بعض الزوار والمتطفلين من عدم احترام جمالية ورمزية المكان، بإلقاء النفايات الشخصية كأعقاب السجائر وغيرها في هذه الأحواض المنسقة بطريقة جميلة ورقيقة. ويؤكد ذلك أننا في الغالب لا نحترم الأماكن العامة ولا نحافظ عليها كأفراد أو مؤسسات، ولا نتردد في تلويثها دون الإكتراث بالأضرار التي ستنتج عن ذلك ليس على صعيد البيئة فقط، وإنما على الصعيد الجمالي للمكان الذي نستمتع ونفتخر به!!.

لم نكن فقط نعشب الأعشاب الضارة، وإنما رأينا أضرار الإنسان المدمرة على الزهور والمنظر البديع من مخلفات المواطن الذي جاء يتصور مع تمثال مانديلا من نفايات بلاستيكية وتنك وأوراق على الرغم من إنتشار سلات المهملات في محيط الميدان. الغريب بالأمر بأن من جاء ليتصور مع التمثال يعلم بأن صاحب التمثال هو من المؤمنين بأهمية المواطنة من حقوق وواجبات وفكر تنويريأ فقد قال مانديلا يوماً: "أن تكون حرا ليس مجرد التخلص من القيود بل هو أن نعيش بطريقة تحترم وتعزز حرية الآخري".

أما الدرس الآخر فأود نشر ما كتبه ذلك الصديق على موقع التواصل الإجتماعي الفيسبوك بعد يوم من إنتهاء العمل التطوعي الذي قمنا به "هناك أناس ممتلؤون بسلبية مطلقة تجاه أي شيء وكل شيء، لا يبادرون ولا يقبلون المبادرات، أصواتهم عالية وأفعالهم واهية، يخوضون المعارك لأي سبب وبدون سبب لمجرد إثبات الحضور، وفي نهاية اليوم، يقنعون أنفسهم بأنهم على حق على الرغم من مساحة الوهم التي يسرحون ويمرحون فيها لهؤلاء أقول: فلسطين تضج بالحياة رغم كل شيء، تئن بصمت من ظلم ذوي القربي، تكظم غيظها لما تعانيه من خذلان أبنائها، تقف بشموخ في وجه مغتصبيها، تفتح ذراعيها للجميع مبادرين وأنصاف المبادرين والمشككين والإنتهازيين والمتاجرين بماضيها وحاضرها ومستقبلها، والمستثمرين الموسمين بمأساتها، وتحمل من لا يحملها، وإنه لحقا إمتياز أن تكون جزءً من ترابها وتاريخها وألمها وأملها وطموحها ويومها وغدها، على الرغم من ما تمثله من عدمية وسلبية".

نعم هناك فرق كبير بين النقد من أجل النقد وما بين النقد من أجل التعمير والتصحيح، القضية بأننا أصبحنا غرباء عن العمل التطوعي، مد يد العون، وما أجده في العالم الحقيقي بأننا أصبحنا نستمتع بتصوير الغريق وهو يغرق ثم نشره على مواقع التواصل الإجتماعي؛ دون أن نمد يد العون وإنقاذ الغريق. هل أصبحنا سلبيين في العمل ونكتفي بالتدمير في العالم الإفتراضي. والأخطر من هذا كله هو من ينقد العمل الإيجابي في معاجلة الأمور دون أن يكلف نفسه بعمل إيجابي من أجل أن يساهم ولو بعمل بسيط بإقتلاع الأعشاب الضارة في حوض الزهور وتنظيفه!!