الخميس: 02/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

الواقع واقع

نشر بتاريخ: 25/09/2016 ( آخر تحديث: 25/09/2016 الساعة: 11:42 )

الكاتب: رامي مهداوي

ان حياتنا بمفهومها الشمولي سارحة والربّ راعيها، هذا ما سنقوله لذاتنا اذا ما نظرنا الى واقعنا الفلسطيني نظرةً شمولية في مختلف جوانب الحياة وعلى كافة الأصعدة، من أحداث جامعة بيرزيت الأخيرة، المياه، الكهرباء.. البلديات.. الصحة.. التعليم والمعلمين ..الرياضة.. النضال الفردي.. الأنفاق.. حوادث السير.. المعابر، والقائمة تطول ...
واذا ركزنا على الفلسطيني من زاوية التاريخ الإجتماعي _كجماعة إجتماعية واحدة_ سنلاحظ بأن الفلسطيني كان دائم الإنشغال بأخيه الفلسطيني!! واقصد هنا الانشغال السلبي، وخلق واقع من التكتلات الجماعية وحالة من التناقضات المتناحرة فيما بينها، جماعة الباشا... جماعة أبو فلان.. جماعة أبو علان.. محسوب على الكبير..
حيث لا يكمن الخطر فقط في هدمهم لبعضهم البعض، بل الاخطر هو استمرارية الهدم لما قد يشكل أفقاً جديداً وبديلاً ، بالإضافة الى صمت الآخرين عن كيفية مواجهة هذا الواقع.

وبذلك تكون المحصلة هي عدم تحقيق أي فائدة للمجتمع الكلي، بل ويتحول المجتمع الى أداة من أدوات التقويض الذي يُحِدّ من الفرص والإبداع، كونه الاطار الجامع الذي تمارس به هذه التكتلات سلطتها وكأنها مطلقة، فكل إناء بما فيه ينضح .
انطلاقا من هنا، تتناسل العديد من الأسئلة المشروعة حول الواقع الحالي، وخصوصاً من المشاهدات التي نراها عبر وسائل الإعلام المختلفة: هل هناك علاقة بين جميع هذه المشاهدات/الأحداث/الوقائع التي تصيب المجتمع بالإنهيارات المتتالية؟! وبأي درجة من المسؤولية والنضوج يتم التعامل مع تلك الوقائع؟ لماذا نكتفي بالمراشقات والملاسنات الإعلامية ونهرب هروباً متسارعاً (وقت الجد) دون إيجاد حلول جذرية؟! ولماذا تندثر اية حلول ذات طابع وطني جامع، فهل تختلف أدوات الحلول بناءً على هوية الجماعة ؟!

وباسقاط المعطيات والأسئلة السابقة على واقع أحداث جامعة بيرزيت الأخيرة كدراسة حالة في المجتمع الفلسطيني فإنني اقدم لكم الفرضية التالية:
إذا اُعتبرت انتخابات مجلس طلبة جامعة بيرزيت بمثابة باروميتر الشارع الفلسطيني، فان طريقة تعامل الشارع الفلسطيني مع حقوق الطلبة واغلاق الجامعة، واكتفائه بدور المشاهد، هو بمثابة مرآة للواقع الذي نعيشه كمجتمع يراقب الأحداث ولا يتفاعل معها... وهذا يودي الى استنتاج حول غياب دور المجتمع ومؤسساته في تحمل مسؤولياته وايجاد الحلول من اجل الخروج من الأزمات .

والسؤال الذي يُطرح أمام هذا الواقع ، ما هي الأدوات الضابطة من أجل الحفاظ على استقرار الواقع اولا وحمايته من الانهيار ثانيا ، وثم البدء بمعالجته؟! بداية يجب أن نعترف بأن واقعنا الحالي يصطدم بإشكاليات مختلفة أهمها انعكاس عدم وتفكك الوحدة السياسية والجغرافية للمجتمع الفلسطيني على سلوكياتنا كأفراد، وعلى قيمنا وطريقة تفكيرنا طيلة السنوات الماضية.

وأن ندرك أن تفكك المجتمع الفلسطيني في بنيته الإقتصادية والإجتماعية والثقافية بعد النكبة الفلسطينية أي منذ عام 1948، قد انعكس سلباً على مقدرتنا في التعامل مع الواقع الجديد وخصوصاً بعد إتفاق أوسلو، كنتيجة لواقع النظام السياسي الذي لم يستطع التعامل مع الوقائع اليومية كمجتمع واحد ومتماسك، بل كتجمعات متفرقة.
ويتبع ذلك البحث عن الاليات التي من شانها ان تعيد اللحمة الوطنية جغرافيا وسياسيا وأهمها مأسسة العمل الجماعي الفلسطيني في إطار مركزي أساسه التجديد والإصلاح الفوري لمنظمة التحرير الفلسطينية وما تضمه من مؤسسات وهيئات وأجهزة مختلفة، وتقديم خطاب نوعي جديد يستند على الوقائع الجديدة والمتغيرات التي أنهكتنا، ويعمل على بث روح التحدي وخلق الحافز لبعث طاقات جديدة للتمرد على الواقع المهترىء وعلى متغيرات العقدين الأخيرين وأهمها بروز "البرجوازية الوطنية".والبدء بالتطبيق والفعل على ارض الواقع كي نتمكن من إخراج المواطن الفلسطيني من حالة الواقع المرير، وتحرير الطاقات الكامنة للمجتمع وللشباب الفلسطيني، و دمجه لبناء واقع جديد ونظام عمل يؤمن بالطاقة الابداعية المتجددة ..